مرحلة يرغب المعنيون بها، من عراقيين وإيرانيين وأتراك، في القول إنها ستكون مفتوحة أمام كل الخيارات، ومنها الأفكار الأمنية ــ العسكرية ربما، مع أن نتيجة الاستفتاء على الانفصال، المرشحة بأن تكون مؤيدة لخروج الإقليم العراقي الشمالي من عباءة بغداد، ستدخل في بازار المفاوضات والمساومات بين أربيل وكل من بغداد وأنقرة وطهران، أي أن الاستفتاء لن يؤدي فوراً إلى الانفصال رسمياً، ذلك أن ملفات كثيرة تنتظر الحسم في العلاقة، خصوصاً بين الإقليم والحكومة العراقية المركزية.
أول هذه الملفات التي سيكون مدار مفاوضات طويلة ومعقدة، هي الحدود بين الطرفين، وحسم أي من المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 من الدستور العراقي ومن خارجها ستكون ضمن السيادة العراقية أو الكردية.
وتصل العناوين الخلافية إلى تنظيم العلاقة بين أربيل وبغداد، وتقاسم الموارد النفطية والمائية، ومصير الأكراد المقيمين في مناطق العراق ومصير العرب الذين يعيشون في مناطق الأكراد.
أما العلاقة بين الإقليم ودول الجوار فستكون شائكة جداً بدورها، وسط تلويح تركي ــ إيراني باللجوء إلى العقوبات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية ربما، في ظل مناورات عسكرية إيرانية وتركية على حدود مناطق الإقليم.
أكثر من ذلك، تمتلك كل من تركيا وإيران ورقة إحياء ملف الحدود المشتركة مع الإقليم، على ما لوّحت به أنقرة قبل أيام، إذ تمتلك تركيا مثلاً وثائق تدخل في إطار القانون الدولي تتيح لها إعادة النظر في الحدود القائمة مع العراق في حال قامت حركة انفصالية في تلك المناطق.
أمام هذا الجو القاتم، لا تبدو الساحة الكردية الداخلية شديدة التماسك إزاء توقيت الاستفتاء على الانفصال، مع أن خيار الانفصال، يوماً ما، يحظى على شبه إجماع بين أكراد العراق.
هكذا، خرجت أصوات كردية وازنة للدعوة إلى القبول بالوساطات الدولية لتأجيل التصويت على الانفصال، من دون أن يقنع ذلك رئيس الإقليم، عراب فكرة الانفصال، مسعود البرزاني الذي يعتبر ربما أنه إن لم يحقق اليوم استفتاء الانفصال فلن يتمكن يوماً من إنجازه.
يبقى احتمال الانفجار القومي في كركوك خصوصاً، القنبلة التي يخشاها الجميع، فهي المحافظة الغنية بالنفط، ومتعددة القوميات العربية والتركمانية والكردية والآشورية، والتي يرغب الأكراد في ضمها إلى إقليمهم ولو بقوة السلاح، وهو ما دفع بأحزاب كردية إلى مقاطعة التصويت في كركوك.
كذلك هو حال الخشية من تمدد النزعات الانفصالية في دول عربية وإقليمية عديدة، بموجب "مفعول الدومينو" أو مفعول العدوى بالنسبة لقوميات أو مكونات ربما ترى التوقيت مناسباً لتأسيس كياناتها الانفصالية.