1
ماذا يقول الشعر للفلسفة
سوى أن قسمة الألم غير عادلة
وضوء المسرّات شحيح
اللغة جمرة حين تحملها
يد عاشقة وتدقّ بها أبواب المجاز
ماذا يسّر الشعر للفلسفة
حين يستعير أحدهما جناحاً
واحداً للطيران
وآخر للحكمة
كلاهما يتصيّد لحظة
ترعى هشاشة حلمين
وترتاب من علّة الوجود
يبدأ الشعر طفلا غرّاً
يرضع حليبه الأسود
ويكبر في صحبة النار
لينام في قلب وحيد
يشاغب الممرات والظلال
يطرق سماوات وسماوات
يطبق على سره ويمضي
كم مرة استظل بعزلة الفلسفة
تخفى من عرائه في ردائها
انتبذ صمته حين ثرثرت هي
ارتعدت فرائسه حين كان
ثمن الحرية كل هذا البرد
2
أنا ضياؤك في التخوم
شجرتك حين الهواء الشريد
يختطف عيني
أنا غابتك ساعة تنظر
إلى روحي ولا تجدها
وفي الليل تنحني لدمعي
تقرأ مجاهل الصمت
وتتمدد في تلك اللعنة الباقية
3
يجلس الشعر القرفصاء
مطأطئا قلبه
يلوك لفافة التبغ المهربة
متنهداً ليلاً لجوجاً وملحاحاً
كالقطط الجائعة في صحارى الوقت
حين تروح وتؤوب بلا جدوى ولافتات
يجلس الشعر ويفرك سبحة الجنون
نقطة نقطة يتساقط دمعه
على الجدران والنوافذ
وعلى صوت يكرع من الورد نبيذه
4
كان مولعاً بهيبتي.
وكنت مولعة بطفولته
كان يعشق عينيّ
وكنت أعشق نجومه
النظرة غائرة
والمدى فسيح
نعتلي مدناً وجدناها
ومدناً ابتكرناها
أهوى تيبازة
ويجن بـ زالدة
ألهث وراء "كامي"
ويغرق في نبيذ كلماتي
أطير إلى "سان ميشال "
ويتدحرج صوب "شاتليه"
يداً في يدٍ نذوب
وجنباً إلى جنب
نخترع قصصاً للطيران
5
يولد الشاعر في مكان واحد
ويموت في أمكنة كثيرة
يموت هناك في الكلام الذي ينتهي
في الطريق الذي يكتمل
يموت في الحيرة، في حطام المدن
وينتهي منحنياً أمام
كلمات متعثرة
فتتوارى أشجاره
ويتهاوى في سيرته الناقصة
* شاعرة جزائرية