ماذا وراء تفجيرات الشرق الليبي؟

طرابلس

هشام الشلوي

avata
هشام الشلوي
14 نوفمبر 2014
A9C47E52-BAE8-438D-A84F-F7446266BAA2
+ الخط -


يطرح مراقبون عسكريون تساؤلات حول توقيت سلسلة الانفجارات التي ضربت مناطق الشرق الليبي والعاصمة طرابلس في الأيام الماضية. وتتناول التساؤلات الأسلوب المستعمل في هذه الاعتداءات، والأهداف السياسية من ورائها، والأطراف التي قد تستفيد من هكذا عمليات في مدن ومناطق، لم يُعرف عنها انتشار مجموعات مسلّحة ذات نشاط ديني أو عقائدي أو متهمة بالإرهاب، بل تتميز بشبه إجماع وتأييد مجتمعي وقبائلي لـ "عملية الكرامة"، التي يتزعمها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، منذ السادس عشر من مايو/أيار الماضي. هنا الكلام خصوصاً عن تفجيرات طبرق والأبرق، بعد أن شهدت مناطق عدة في شرق ليبيا، من بنغازي إلى طبرق بأقصى الشرق الليبي، انفجارات عدة، كانت أداتها السيارات المفخخة.

فقد انفجرت سيارة مفخخة في بنغازي، أمام مقهى يملكه متهم بحرق منزل آل الصلابي، ضمن حملة يشنّها من يسميهم ما يعرف بـ "مجلس شورى ثوار بنغازي"، بـ "الصحوات"، على منازل مؤيدين لـ "المجلس" بالهدم والحرق وسرقة المحتويات، بعد نزوح العائلات إلى مدن في غرب ليبيا.

وشهدت مدينة طبرق انفجاراً بسيارة مفخخة في شارع رئيسي فيها، أدّى إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح العشرات، وهي المدينة التي عُرف عنها تمتعها بالأمن والهدوء، وتنتشر بها قوات مؤيدة لمجلس النواب المنحل.
وكان التفجير الأخير، يوم الأربعاء، أمام بوابة القاعدة الجوية في منطقة الأبرق، شرقي مدينة البيضاء، حيث مقرّ حكومة عبد الله الثني، المعيّنة من مجلس النواب الليبي المنحلّ، مما تسبب في مقتل أربعة جنود وضباط بالقاعدة، وإصابة نحو عشرة آخرين، كانوا بالقرب من مكان الانفجار.

وكانت سيارة مفخخة انفجرت يوم الأحد الماضي، في مدينة شحات في شرق ليبيا، حيث عقد المبعوث الأمم المتحدة الخاص برناردينو ليون لقاء مع رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني. لم يُسفر الانفجار عن وقوع إصابات.
كما تعرّضت سفارتا دولتي مصر والإمارات في ساعة مبكرة من صباح، أمس الخميس، لتفجيرين رجّحت مصادر أن تكون بسيارات مفخخة، تمّ وضعها بالقرب من مبنى السفارتين، مما تسبب في وقوع أضرار جسيمة مادية في مبنى السفارتين، لكنّ التفجيرين لم يُسفرا عن وقوع قتلى أو جرحى.

ويشير تفجيرا سفارتي مصر والإمارات في طرابلس، إلى رغبة لدى منفذيهما في إظهار العاصمة بأنها ليست في منأى عن التطرف والإرهاب، بحسب المراقبين، بل إن هذا الإرهاب هو برعاية قوات ما يعرف بـ "فجر ليبيا" التي تسيطر عليها، وإن "ظاهرة الإرهاب تشمل كل المدن الليبية". وهي رسالة بدأ مؤيدو حفتر في بثها في اللقاءات المتلفزة وعلى صفحات التواصل الاجتماعي.

إلا أن تفجير سفارتي مصر والإمارات، يحمل بين طياته، رسالة هامة إلى ليون، مفادها أن "المؤتمر الوطني (البرلمان السابق)، الذي يتخذ من طرابلس مقراً له، لا يصلح بأن يكون شريكاً في الحوار السياسي الجديد، الذي أعلن عنه ليون أخيراً بعد لقائه رئيس المؤتمر، نوري بوسهمين".

وتهدف الرسالة أيضاً إلى "عرقلة أي حوار سياسي ينجم عنه وقف ولو مؤقتا لإطلاق النار، قد لا يخدم أطرافاً إقليمية أو محلية ترغب في السيطرة على بنغازي وطرابلس، قبل التورّط بأية التزامات برعاية دولية".
ويرى المراقبون العسكريون أن "تنفيذ عمليات تفجير في بوابة مطار القاعدة الجوية بمنطقة الأبرق شرقي مدينة البيضاء، وأخرى في طبرق، في اليوم عينه، يُشتم منها عمل استخباراتي مخطّط له بدقة عالية، من ناحية التوقيت وتحقيق الأهداف قصيرة الأمد".

واتّهم بعض المراقبين استخبارات دولية بالضلوع في عمليات تفجير شرقي ليبيا، وذلك بهدف عرقلة مسار الحل السياسي ومبادرة ليون، خصوصاً بعد حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية القاضي بعدم دستورية الفقرة 11 بالتعديل الدستوري السابع، مما سحب بساط الشرعية من مجلس النواب المنحل والتي كان متنازعا عليها.

وأكد محللون أن أحد أهم هذه العمليات هي تلك التي استهدفت طبرق، كونها تبعد نحو 175 كيلومتراً عن أقرب تجمّع للجماعات الإسلامية، وهي مدينة درنة، مما يصعب التواصل مع هذه الجماعات التي تتخندق هذه الأيام داخل المدينة، تحسباً لهجوم مسلّح قد يشنّه موالون لحفتر.

وأشار محللون، إلى أن "عمليات التفجير تمّت في مدن ومناطق لا عهد لها بمثل هذه الأعمال، وقد يكون بهدف إيجاد المبرر المحلي والدولي لتوجيه ضربات لمدينة درنة، ومواصلة ضرب بنغازي، في ظلّ صعوبة سيطرة مؤيدي حفتر عليها، على الرغم من حصارهم لها من أغلب مداخلها".

ويعتبرون أن "من المتوقع أن يقع أنصار حفتر تحت طائلة القانون الجنائي الدولي، بسبب ارتكابهم جرائم تطهير عرقي ضد سكان من مدينة بنغازي ينتمون إلى مدن غرب ليبيا، إضافة إلى عمليات القتل والتنكيل والتعذيب خارج نطاق القانون، وبدون إجراء تحقيقات أو الإحالة لمحاكمات قضائية عادلة، بالإضافة إلى حرق المنازل ونهب محتوياتها وهدمها بالنسبة لكل من يشتبه فيه بتعاطفه أو انتمائه لما يعرف بمجلس شورى ثوار بنغازي".
وأكدوا أن "مثل هذه الجرائم قد توقع حفتر بنفسه، أو أعضاء مجلس النواب الليبي المنحل في طبرق، والذين منحوا عملية الكرامة غطاءً شرعياً بالإعلان عن تبنيها، تحت طائلة القوانين الدولية ذات العلاقة بجرائم الحرب والتهجير الجماعي والقتل بسبب الانتماء والهوية".

ولذا كان من المهم لأكبر داعمي "عملية الكرامة"، بضرورة خلق حالة تعاطف حول العملية، وتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن "خطر المتطرفين الإسلاميين لم يعد محصوراً فقط في مدينتي درنة وبنغازي، بل في كل مدن شرق ليبيا".

بينما يرى مختصون في شؤون الجماعات الإسلامية، أن "تنفيذ هذه العمليات قد تكون وراءها جماعات إسلامية متشددة في شرق ليبيا، أو فصائل داخلها مخترقة من قبل أجهزة مخابرات، تحقيقاً للأهداف السابقة المُشار إليها بالتقرير، أو توسيع دائرة الحرب مع حفتر وإشغال قواته بمناطق أخرى لتخفيف الضغط على بنغازي، ومنعه من محاولة الهجوم على درنة".

ذات صلة

الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
من أجواء المسيرة المنددة بالعدوان الإسرائيلي في مخيم شاتيلا ببيروت (العربي الجديد)

سياسة

شهد لبنان، اليوم الجمعة، فعاليات شعبية عدة تنديداً بجرائم الاحتلال الإسرائيلي والمجازر التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة.
الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
المساهمون