ماذا حلّ بنحو 2.6 مليون سوري فقدوا أعمالهم؟

27 أكتوبر 2014
سوريون نزحوا ويعيشون على المساعدات (وكالات الاناضول /getty)
+ الخط -
منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، وحتى بداية العام الحالي، ارتفعت نسبة البطالة في صفوف القوى العاملة السورية بحسب تقارير دولية ومحلية مختلفة ‏من نحو 20% إلى أكثر من 60%. السبب الرئيسي لامتداد شبح البطالة هو الحرب والدمار الذي أنتج خسائر اقتصادية بحوالي ‏‏145 مليار دولار. ‏
ويعتبر ارتفاع معدل البطالة الى هذه النسبة بمثابة زلزال مدمر على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إذ إن الحديث ‏هنا عن 2.6 مليون سوري فقدوا أعمالهم منذ اندلاع الثورة. أسئلة كثيرة تُطرح: من هم هؤلاء؟ كيف وجدوا أنفسهم في جحيم البطالة؟ ‏وماذا يفعلون اليوم؟

فقدان مصدر الرزق 

عمل سامر قبل اندلاع الثورة السورية في شركة للشحن البري والجوي في العاصمة دمشق، ومع تطور أحداث الثورة، وبعد عام ‏ونصف عام تحديداً من انطلاقتها، فقد سامر عمله. يقول الشاب الثلاثيني لـ"العربي الجديد": "في بداية الثورة كان العمل مستقراً وبدا ‏وكأنه لن يتأثر بالتطورات المتسارعة في حينه. لكن بعد عام، ومع توسع رقعة الحرب وتأثير العقوبات الاقتصادية المختلفة على ‏قطاع الأعمال في سورية، قرر مالك المؤسسة تصفية أعماله ومغادرة البلاد". ويضيف سامر: "خسر نحو 30 موظفاً المصدر الوحيد ‏الذي يعتمدون عليه لإعالة أسرهم، ومن دون أي تعويض يذكر".‏
رفض نبيل، وهو صاحب مصنع أحذية في ريف دمشق، الانتحار التدريجي، وقرر مغادرة سورية بعد عامين على اندلاع الثورة، ‏ليجد ضالته التجارية في مصر. يقول شادي، الذي عمل في شركة نبيل لـ"العربي الجديد": "لم تتعرض منشآت الشركة للدمار، لكن ‏نبيل كان يهجس طيلة الوقت بهذا الكابوس". ويضيف شادي سبباً آخر دفع نبيل إلى المغادرة وهو "تراجع الإيرادات بشكل حاد جعل ‏العمل بدون طائل حقيقي". حينها، باع نبيل منشآته و"ألقى بنحو 50 عاملاً على قارعة الطريق من دون مصدر دخل ومن دون ‏تعويض" يقول شادي.
وقد كانت ذريعة رب العمل في مواجهة عماله: " كلنا خسرنا في هذه الحرب، ليس العمال وحدهم ضحايا هذا ‏الانهيار الاقتصادي الذي لحق بالجميع" يتذكر شادي تلك العبارة المشؤومة جيداً.‏
يشرح قصي لـ"العربي الجديد" كيف قلصت إدارة الشركة التي يعمل بها أيام العمل الأسبوعي، وذلك بسبب "انخفاض الطلب على ‏منتجاتها". يقول قصي: "بات مألوفاً أن يجري تبليغك عدة مرات خلال الأسبوع أنك في إجازة إجبارية وغير مدفوعة الأجر في الغد". ‏هكذا، انخفض الدخل الشهري لقصي، وهو رب عائلة مكونة من أربعة أفراد، بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50%. ‏
أما سمر، فلم يشفع لها عملها لدى شركة أجنبية في سورية، وكمديرة لأحد الأقسام، إذ فقدت عملها بعد نحو عامين على اندلاع الثورة. ‏لكن سمر تلقت كامل تعويضاتها المالية التي "لا يمكن التعويل عليها في أزمة عميقة وطويلة الأمد كما هو الحال في سورية" تقول ‏سمر لـ"العربي الجديد". وتضيف: "نعم، لقد تلقيت تعويضات مالية، لكنني بدون عمل منذ ذلك الحين، أي منذ نحو عام ونصف عام حيث ‏من شبه المستحيل أن تجد وظيفة جديدة".‏
وحيث تزداد النيران شراسةً وهي تمسك بالاقتصاد السوري بجميع قطاعاته، لا يمكن للسوري المطرود من عمله، في معظم الأحيان، ‏أن يعثر على عمل جديد، وإن حصل وعثر فلن يكون براتب مغر بعد انهيار قيمة الليرة السورية. كانت منى من المحظوظين حين ‏حصلت على عمل بعد نحو شهرين فقط من فقدان وظيفتها في شركة أجنبية قررت تصفية أعمالها في سورية. تقول منى لـ العربي ‏الجديد: "لعبت الخبرة دوراً كبيراً في حصولي على عمل جديد، لكنني اعمل في مجال مختلف تماماً عن اختصاصي، ربما وفر توسع ‏عمل المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية في سورية بعض الوظائف لأصحاب المؤهلات العليا".‏ في حين أن الغالبية الساحقة من أصحاب المؤهلات المنخفضة والمتوسطة، بقيت تصارع يومياً من أجل الحصول على عمل جديد.
وفيما باتت نسبة كبيرة من الأسر السورية تعتمد على مساعدات الأهل والأقارب المقيمين في الخارج، فإن نسبة كبيرة أيضاً من ‏العائلات السورية لا تجد داعماً لها في نكبتها المزمنة والمديدة. هذه الوقائع، كانت القاعدة الرئيسية التي بنت عليها ‏تقارير دولية عديدة مؤشراتها التي تقول أنه ومع بداية هذا العام، فإن ثلاثة أرباع السوريين يعيشون في دائرة الفقر. وأكثر من نصف السكان ‏‏(54.3%) يعيشون في "فقر شديد". لتكتمل اللوحة الصاعقة بنحو 20% من السكان يعيشون في "فقر مدقع"، حيث يفتقرون ‏لأبسط الحاجات الغذائية الأساسية.‏
المساهمون