مؤشرات احتمال إنهاء محمد بن سلمان حرب اليمن

16 اغسطس 2017
اعتصام لإنهاء الحرب أمام البيت الأبيض (ماندل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

تثير التسريبات حول توجه ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، للخروج من حرب اليمن، تساؤلات حول جدية مثل هذا التوجه، بعد نحو عامين ونصف العام على الحرب التي تصاعدت بقيادة بن سلمان للعمليات الجوية في اليمن، في الوقت الذي تتعزز مؤشرات احتمال الوصول إلى نهاية قريبة للحرب في البلاد، لجملة من الأسباب المنطقية والميدانية، لكنها تبقى حذرة في كل الأحوال.

وأكدت مصادر سياسية يمنية قريبة من أروقة الشرعية اليمنية لـ"العربي الجديد"، أن "الغالبية من القيادات التي كانت تتمسك أو تؤيد الحسم العسكري، باتت دائرتها تضيق يوماً عن يوم في الأشهر الأخيرة، مع التسريبات المتواترة عن التوجه إلى تسوية سياسية، على الرغم من أن معظم القيادات القبلية والعسكرية التي شاركت عسكرياً تحت مسمى (المقاومة الشعبية) وقوات الشرعية عموماً بدعم من التحالف، لا تزال تبدي تحفظاً إزاء الحديث عن حل سياسي مع جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها الموالين لعلي عبدالله صالح، وتشكك بمدى التزام الأخيرين".

وأوضحت المصادر أن "جملة من التطورات ساهمت بخفض حدة الصوت الذي كان في مبدأ (الحسم العسكري) ضد الانقلابيين، حلاً وحيداً. ومن أبرز العوامل في السياق، طول أمد الحرب والسياسات التي اعتمدها التحالف، بواجهة ميدانية إماراتية، في المحافظات الجنوبية للبلاد، والتي بدا معها أن ما يجري ليس إعادة الشرعية وإنما خلق معادلة جديدة، الأمر الذي ساهم في تخفيف تحمس جزء غير قليل من أنصار الشرعية وحلفائها في البلاد، في حين فشلت الحكومة الشرعية في أن تعكس حضوراً فعلياً ومنسجماً في المحافظات التي باتت تحت سيطرتها إلى جانب التحالف، جنوب البلاد وشرقها".

إلى ذلك، يأتي المؤشر الميداني الآخر، على احتمال تبنّي التحالف توجهاً داعماً لإيقاف الحرب، من خلال التهدئة النسبية في العديد من جبهات المواجهات المباشرة بين قوات الشرعية والحوثيين وحلفائهم، بما في ذلك، مديرية نِهم شرق صنعاء، والتي تشهد مواجهات متقطعة تشتد وتيرتها من حين إلى آخر، منذ أكثر من عام ونصف، فيما تراجعت وتيرة التصعيد العسكري نحو محافظة الحديدة، على الأقل، في الوقت الحالي، بعد أن كانت الاستعدادات لعملية عسكرية فيها، خبراً يومياً في شهور سابقة من العام الجاري.



جنوباً تعتبر التطورات مؤشراً آخر، يدعم التوجه إلى تهدئة في البلاد، إذ سيطرت القوات الإماراتية وقوات يمنية موالية للشرعية أو متحالفة مع أبوظبي، على أجزاء واسعة من الساحل الغربي لتعز، القريب من باب المندب. الأمر الذي ينظر إليه مراقبون بوصفه تطوراً محورياً يمكن أن تنتهي تطلعات أبوظبي عنده، لتتيح فرصة لحل سياسي فيما تبقى من المحافظات الشمالية والوسطى في البلاد، وهو تطور له أبعاده، في ما يتعلق باحتمال ترسيخ واقع الانفصال إلى شمال وجنوب على الأقل.

وخلال الأشهر الأخيرة، شهدت عدن تطورات عدة، يمكن اعتبارها مؤشراً على احتمال أن يدعم التحالف تسوية ما، إذ جرى الإعلان في عدن عن تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يتبنى الانفصال بدعم من أبوظبي. كما شهدت المدينة تطورات على غرار افتتاح مقر الكلية العسكرية وكذلك افتتاح مقر لرئاسة الوزراء، وغير ذلك من المؤسسات، التي قد تكون البنية التحتية لدولة جنوبية أو إقليم جنوبي مستقل ذاتياً إلى حد كبير، إن لم تكن لتأهيل عدن، كعاصمة بديلة لليمن الموحد، وهو الأمر الأقل حظاً، وفقاً للعديد من المؤشرات والمعطيات الواقعية.

سعودياً، يمثل صعود بن سلمان إلى كرسي ولي العهد بوصفه أحد الاحتمالات الداعمة لسعي بن سلمان، لإنهاء حربه في اليمن، إذ إنه في نظر هؤلاء استخدم الحرب لتقوية نفوذه داخلياً، وبات بحاجة إلى إغلاق ملفها قدر الإمكان، بعد أن أصبح صاحب القرار الأول إلى حد كبير، ولتخفيف الضغوط الدولية والالتزامات التي تواجهها الرياض، بسبب حربها في اليمن.

وعلى العكس من المواقف التي أبداها مع صعود والده إلى عرش الملك، تجاه إيران، أظهر الفترة الأخيرة انفتاحاً بدرجة أو بأخرى، باستقبال زعيم التيار الصدري العراقي، مقتدى الصدر، وما تردد عن طلب الرياض من بغداد التوسط مع إيران، وغير ذلك من المؤشرات التي لا تغيب عنها الأزمة الخليجية وملحقاتها في الأشهر الأخيرة.

يمنياً، تعتبر الأنباء التي تتحدث عن توجه سعودي بإيقاف الحرب، هي الأمر الطبيعي، الذي كان يجب أن يحدث منذ زمن، إذ لم تكن أسوأ التوقعات في الأشهر الأولى للحرب، تتوقع أن تستمر العمليات العسكرية لنحو عامين ونصف العام، في ظل الآثار الكارثية التي تركتها على الجانب الإنساني والاقتصادي وحالة الاقتتال الأهلي وغيرها من أوجه الأزمة الطاحنة، التي جعلت الملايين على حافة المجاعة، وخلقت ملايين جديدة من الفقراء.