مؤتمر باريس للسلام الفلسطيني الإسرائيلي.. اختبار دوليٌ جديد

15 يناير 2017

هولاند يلقي خطابا في افتتاح مؤتمر باريس (3/6/2016/فرانس برس)

+ الخط -
تَعقِدُ باريس اليوم (15/1/2017)، وبحضورِ سبعينَ دولةً، مؤتمراً دولياً للسلام يعملُ على إيجادِ حلٍ للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ووضعِ آليةٍ دوليةٍ وجدولٍ زمنيٍ للتنفيذ. ويأتي استكمالاً لإجتماع الذي عُقد في باريس أيضاً في الثالث من يونيو/ حزيران 2016، وبدعوةٍ من الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، وبحضور 20 دولة، بالإضافة إلى اللجنة الرباعية الدولية ( الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي)، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية وممثل مجلس الأمن الدولي، وبغياب ممثلين عن الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي.
وجاء في البيان الختامي عن ذلك الاجتماع أن المجتمع الدولي يؤكد على دعمه حل الدولتين، ويتعهد بإقناع الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، باستئناف المفاوضات، واعتبار قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية أساس المفاوضات. وقالت فرنسا إنها ستعمل على إرسال فرق عمل إلى الطرفين، لتهيئة الأجواء للعودة للمفاوضات.
ولم تأتِ نتائج المؤتمر وفق توقعات الفلسطينيين، فقد صرّح وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إن "لاعبين كباراً" ساهموا في تخفيض مستوى التوقعات من البيان الختامي، هذا بالإضافة إلى غياب نقاط عديدة، مثل وضعِ آليةٍ وجدولٍ زمنيٍ لإنهاء الاحتلال. وأعربت مصادر من الحكومة الإسرائيلية عن إرتياحها للبيان الذي خرج بصيغةٍ "ليّنة"، ولم يتضمن أي مساس أو إدانه لإسرائيل، واعتبرت ذلك بفعل الجهود الدبلوماسية المكثفةِ والضغط الدولي. فما هي المعطيات التي يحملها مؤتمر باريس الذي ينعقد اليوم؟ وما هي التحدّيات التي قد تؤثر على مجرياته؟ وهل تنجح المساعي الفرنسية، هذه المرة، بينما فشلت في المرة السابقة؟

صيغة المؤتمر
طرحت فرنسا مبادرتها لمؤتمر السلام عبر وزير خارجيتها السابق، لوران فابيوس، مرتين، في يونيو/ حزيران 2015، ويناير/ كانون الثاني 2016، قبل أن يقدم إستقالته، ويعيد وزير الخارجية الفرنسي الحالي، جان مارك إيرو، طرح الدعوة لعقد اجتماعٍ للسلام مجدداً في يونيو/ حزيران 2016، ولعدة اعتبارات، أبزرها؛ تصاعد الهبة الجماهيرية الفلسطينية التي بدأت آواخر سبتمبر/ أيلول 2015، وحالة الجمود في المفاوضات بين الطرفين، وتراجع أفق حل الدولتين. وقد باتت السياسة الخارجية الفرنسية تبحث عن دورٍ أكبر في منطقة الشرق الأوسط على حساب الدور الأميركي المنكفئ أخيراً، وتسعى أيضاً إلى محاولة ملء حالة الفراغ السياسي في ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
وقدمت الإدارة الفرنسية، في حينه، مقترحاً من ثلاث صفحات للدول التي حضرت الاجتماع، لا 
يختلف، في صيغته، عن الصيغة المطروحة لمؤتمر اليوم سوى أنه يأتي بعد قرار مجلس الأمن 2334 أن المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة انتهاكٌ صريحٌ للقانون الدولي ومعضلةٌ أمام حل الدولتين، ويدعو إسرائيل إلى وقف أعمالها الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. ويستعرض المقترح خلفية بانورامية حول المبادرة الفرنسية تؤكد أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لا يزال موضوعاً رئيسياً في الشرق الأوسط، وأن إستمراره يسبّب عدم الإستقرار وغياب الأمن، ويغذي العنف والتطرّف والإرهاب في المنطقة. ويؤكد المقترح على ضرورة عودة المفاوضات المباشرة بين الطرفين، على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ووقف الإستيطان، كونه عاملاً رئيسياً في خطر التحوّل نحو التطرف، مع ضرورة تحديدِ سقفٍ زمنيٍ للمفاوضات، لا يزيد عن عامين، تنتهي بإعلان دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967 والقدس عاصمة للدولتين.

الموقف الفلسطيني.. تشرذمٌ داخلي ووعودٌ دولية
يدخل الفلسطينييون مؤتمر باريس للسلام، وقد أعلنوا أن 2017 سيكون عام إنهاء الاحتلال، وفي ظلِ حصادِ مفاوضاتٍ كارثيٍ، أقل ما يمكن أن يُقال عنه إنه، في ظل نتائج المفاوضات أكثر من عشرين عاماً، فإن عدم التفاوض على الإطلاق وعدم وجود إتفاق أفضل مما تحقق حتى الآن. وتمثلت أحدث جولات الفشل بجولة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في آواخر يوليو/ تموز من العام 2013، حيث كان مقرّراً أن تنتهي في غضون تسعة أشهر، وبإشرافٍ أميركيٍ، واعتبر الفلسطينيون أن أساس دخولهم المفاوضات هو حل الدولتين على حدود 4 يونيو/ حزيران للعام 1967، واعتبر الإسرائيليون أن عودتهم تأتي لتلبية مطالبهم الأمنية فقط.
وقد فَشِلَ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في توفيق الطرفين على "شكل الدولة"، فاتفاق الإطار الذي اقترحه لإقامة دولة فلسطينية على أراضٍ بمساحة الأراضي المحتلة عام 1967، وباتفاقٍ ضبابي "للقدس واللاجئين ونسبة الأراضي المتبادلة والمياه والأسرى"، يعتبره الطرفان بمثابة مرجعية تفاوضية شكل خيبةً جديدةً للفلسطينيين، فانتهت المفاوضات حينه عندما أخلّت إسرائيل بإلتزامها بالإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين الذين بلغ عددهم 30 أسيرًا، وطلبت تمديد المفاوضات عاماً إضافياً، وهو ما رفضه الفلسطينييون، وردّت إسرائيل على فشل جولة المفاوضات ببناء 700 وحدة إستيطانية في القدس الشرقية المحتلة، وعاد الفلسطينييون، في اجتماع باريس الماضي، إلى التأكيد، وعبر جامعة الدول العربية، على ضرورة عقد مفاوضاتٍ بحضورٍ دوليٍ وفق القرار العربي القائم على مبادرة السلام العربية، والصادرة في ختام القمة العربية الرابعة عشر في بيروت، في 28 مارس/ آذار 2002.
وإزاء مجموعة من الوقائع الصعبة والمعقدة، تتنامى يومياً حالة الوهن التي يعيشها النظام السياسي الفلسطيني، ونمو الصراعات السياسية داخله، بسبب العزلة التامة التي تعيشها النخبة السياسية عن الشعب، وعن الفصائل من خارج السلطة، فقد أصبحوا لا يأبهون بحق المساءلة، ولا بمبدأ النقاش الديمقراطي الحرّ، ولا للإعلام، ولا للمؤسسات الحقوقية، والأسوأ أن حالة الصراع السياسي القائم بات يغذّيها البحث عن مكاسب فردية، من دون أي مسؤوليةٍ تجاه الشعب ومتطلباته. وباتت الفصائل الفلسطينية تبحث عن المحافظة على الوضع الراهن، طالما لم تجد أي تَحَرُكٍ شعبي، فيما يُدرك جميعهم أن حل الدولتين بات صعباً.

الموقف الإسرائيلي: معارضةٌ داخلية وضغوطٌ دولية
يدخل الإسرائيليون مؤتمر باريس للسلام اليوم في ظِل حكومةٍ يمينيةٍ يقودها بنيامين نتينياهو، 
ويشغل فيها أفيغدور ليبرمان منصب وزير الأمن عن حزب إسرائيل بيتنا، فقد حَرص نتنياهو على ضم ليبرمان للحكومة الإئتلافية لرفع حجم حكومته قبل أشهر، ما أهلّه للحصول على 67 مقعداً من أصل 120 في الكنيست (البرلمان)، وقد عبر نتنياهو وليبرمان عن رفضهم المبادرة الفرنسية، وعقد مؤتمر دولي لإعادة إطلاق جهود السلام في يونيو/ حزيران الماضي، وقدّم نتنياهو اقتراحاً أن يلتقي الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في مفاوضات مباشرةً، بينما نجده رحب بالمبادرة التي أطلقها مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط سابقاً، توني بلير، مع شخصيات مصرية، كالرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، وتهدف إلى تحقيق سلام فلسطيني إسرائيلي على أساس تعديل مبادرة السلام العربية، وتنص على مفاوضات سلام مباشرة بين الفلسطينين والإسرائيليين.
وبالتوازي مع نمو اليمين الإسرائيلي في الحكومة التي يقودها نتنياهو كفلسفة سياسيةٍ للموقف القومي التقليدي، وفقدان الموقف الليبرالي والليبرالي اليساري، بات غريباً أن يعارض ليبرمان الخطة التي تقضي بضم مناطق "جـ" في الضفة الغربية، ويتبناها رئيس "البيت اليهودي"، الوزير نفتالي بينيت. ويرى الكاتب الفلسطيني سليمان أبو إرشيد "أن هذا الواقع يعكس حال الخريطة السياسية في إسرائيل، حيث تحتدم المنافسة بين اليمين المتطرف والأكثر تطرفاً بعد تهاوي معسكر اليسار واختفاء اليمين المعتدل".
وأدى التنافس السياسي الداخلي إلى ظهور مقترحات "انتخابية" عديدة، فنتنياهو الذي تُلاحقه تُهم الفساد يحرص على تنفيذ "قانون التسوية" الذي يعمل على إيجاد حلّ لواقع قائم، عَبر تقديم أرضٍ سرقت بموجب إجراءات العام 1979، في مقابل أرضٍ خاصةٍ استولى عليها المستوطنون حديثاً، ما يعني تأطيراً قانونياً لوقائع غير قانونية. ويحرص نتنياهو على العمل مع الإدارة الأميركية الجديدة على فكرة القدس الموحدة التي تتضمن مستوطنات معاليه أدوميم وجفعات زئيف عاصمةً لإسرائيل، مع عدم العودة إلى حدود 1967 بالإعلان عن مستوطناتٍ، مثل غوش عتصيون، جزءاً من سيادة دولة إسرائيل، وكيان فلسطيني يكون أقل من دولة.
وبينما تقضي خطة نفتالي بينيت منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في المناطق المصنفة "أ" و"ب" في الضفة الغربية، ومساحتها نحو 40% فقط بعد ضم المناطق "ج" التي تشكل 60% من مساحة الضفة لإسرائيل. وتعطى صفة أقل من دولة على أن تُمنح حكومة مركزية وانتخابات إذا ما أراد الفلسطينيون، وتشمل الخطة استثماراتٍ اقتصادية في البنى التحتية، بما في ذلك ميناء بري في جنين مرتبط مع حيفا، وتطوير للشوارع والمناطق السياحية الحرّة التي تربط الناصرة مع نابلس والقدس وبيت لحم، وأن يترك الفلسطينييون حق إعادة اللاجئين حتى إلى أراضي الحكم الذاتي الخاصة بهم.
ولا يخفى مشروع ليبرمان "العصا والجزرة"، فخطته تهدف إلى مواصلة التنسيق مع نُخَبٍ تقوم بإدارة الحياة المدنية في الأراضي الفلسطينية، تعمل بمعزلٍ تام عن أي بعد سياسي، وتعمل على الاختيار بين "الأخيار والأشرار"، وتسعى إسرائيل إلى توظيفها في حياة المواطن الفلسطيني اليومي، من أجل إلغاء وحدة التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، وضرب الوعي التحرّري من خلال فرض تكرار لسلوك قائم يُهدف منه إلى العودة إلى منطق "روابط القرى" والتعامل مع هيئات محلية تتحكّم في إدارة مناطقها كل على حدة، وبشكل لا مركزي.

الموقف الدولي: رغبةٌ فرنسية وفوضى
وفي الإطار نفسه، يدخل الفرنسيون مؤتمر باريس للسلام إنطلاقاً من ثلاثة مرتكزات رئيسية 
مهمة: الأول، ضغط داخلي، تقوم الجمعية الوطنية الفرنسية بمحاولات ضغطٍ على الحكومة، لإتخاذ موقف رسمي لحل الصراع. والثاني، تزايد العنف والإرهاب وإشتداد الصراع في المنطقةـ واعتبار ذلك حجر عثرةٍ أمام الإهتمام بالصراع الأساسي، والذي يعتبر حجر زاوية في الصراع العربي – الإسرائيلي، وتأثير ذلك على ارتفاع موجة العنف والإرهاب في فرنسا أخيراً. والثالث، ضغوط الأحزاب اليمينية في داخل فرنسا أمام الإشتراكي الفرنسي، فرانسوا هولاند، والتي تأتي ورقة ضغط، فتفوق اليمين الشعبوي الفرنسي في ظل الهجمات الإرهابية التي تواجهها فرنسا يضعها أمام تحدٍ مصيري في الانتخابات الرئاسية في إبريل/ نيسان المقبل، فنسبة التأييد التي يحظى بها الرئيس الإشتراكي تراجعت إلى أدنى نسبة في تاريخ الجمهورية الخامسة.
ويبدو أن الضغط الدولي الذي مارسته الإدارة الأميركية في اجتماع باريس في يونيو/ حزيران الماضي يُفهم منه أن أي جهد دولي فيما يتعلق بقضية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن يكون إلا عبر الولايات المتحدة، وأن غير ذلك سيدعوها إلى إيقافه. وفي السياق نفسه، جاء خطاب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، متأخراً جداً، فقد أيد فيه قيام دولة فلسطينية، وأكد على ضرورة الاعتراف بإسرائيل دولةٍ يهوديةٍ، واعتبر أن هذه الحكومة "الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل"، موضحاً أنها تسعى إلى "ضم أراضٍ في الضفة الغربية وعرقلة أي تنمية فلسطينية فيها"، وأن إسرائيل مضطرةً لأن تختار بين كونها دولةً ديمقراطيةً أو يهوديةً.
ومن جهة أخرى، يأتي اجتماع باريس للسلام في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه موسكو مع فصائل المعارضة السورية، وعبر الوسيط التركي، تحضيراً لعملية نفاوضية سياسيةٍ لحل الأزمة السورية، تُعقد في مدينة أستانا، يُتوقع منه أن يشكل خطوة مهمة في طريق إيجاد حل للأزمة السورية، في ظل سعي الأطراف جميعها إلى إيجاد صيغة توافقية. وفي السياق نفسه، بات من الصعب استبعاد موسكو التي تنمو طموحاتها في المنطقة بعد الإنكفاء الأميركي وتدخلها في سورية، والذي ساهم في تحول ديناميكية هذا الصراع، وجعلته لاعباً رئيسياً في جيوسياسات الشرق الأوسط منذ إنهيار الاتحاد السوفياتي، ففي وقتٍ يعوّل فيه الفلسطينيون على موقفٍ روسي عادلٍ، يقف إلى جانبهم، كون روسيا لاعباً مهماً في المنطقة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عقد في يونيو/ حزيران الماضي اجتماعاً في موسكو مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ناقش به تعزيز التعاون الاقتصادي، بما في ذلك العلاقات في مجال الطاقة والعلاقات العسكرية وتبادل المعلومات، بالإضافة إلى الإتفاق على إجراء مناورات عسكرية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط لسلاحي البحرية والجو الإسرائيلي والروسي مرحلة أولى في إطار هذا التعاون العسكري، والسماح لشركات الغاز الروسية بالمشاركة في العطاءات الخاصة بتطوير حقلي الغاز الإسرائيليين "لفيتان" و"تمر" في البحر الأبيض المتوسط.


خاتمة
يأتي مؤتمر باريس في وقتٍ يصعب من خلاله التوصل إلى حل سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، ما يعود إلى أسبابٍ داخلية، أبرزها الإنقسام الفلسطيني، وضعف السلطة الفلسطينية التي باتت تتلقف أي مبادرة سياسية من دون فحص مآلاتها وجدواها، وحالة العجز لدى مؤسساتها التي لا ترى نفسها مؤهلةً لإتخاذ قرارت مصيرية، إلا ضمن اتفاقيات مفاوضاتٍ مع حكومة استعمارٍ استيطانيٍ إحلالي. وأسبابٍ تتعلق بنمو برنامج اليمين داخل البيت الإسرائيلي الذي بات لا يرى إلا توسيع الإستيطان مشروعاً، فقد بات يقطن أكثر من 570 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس، في مُقابل أكثر من 2.5 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى أنه يرى أن قرار مجلس الأمن 2334 غير ملزم، ويتطلع إلى إدارة أميركية يرى فيها فرصةً أخرى لتحقيق مطامعه السياسية، تؤسس لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. أضف إلى أنه حصل من الإدارة التي تغادر في 20 يناير/ كانون الثاني الحالي على أعلى مساعدات عسكرية في تاريخ العلاقات الإسرائيلة - الأميركية.
ولأسبابٍ دولية، فمن جانب آخر تأتي حوافز الإدارة الفرنسية للتحرّك؛ إنطلاقاً من رؤيتها لهشاشة أمن المنطقة في ظل إنكفاء الولايات المتحدة، والذي سيسمح لها بدور أكبر تعي من خلاله صياغة تقارب فرنسي – عربي، يحصل العرب فيه على التحالف مع عضوٍ جديد في مجلس الأمن، وتضمن فرنسا تحقيق تحالفاتها مع المنطقة على أساس تعاون اقتصادي أكبر في مجالاتٍ كتجارة الأسلحة، علماً أنها تعي، كما الإتحاد الأوروبي وروسيا، أن المؤتمر لا يغدو أكبر من تحديد مبادئ رئيسية لشكل الصراع، وأنه لا يتوقع منه بحث قضايا الحل النهائي، فلن يحصل الفلسطينييون على أي حلٍّ دولي في الوقت الحالي، من دون توازنِ قوى حقيقي على الأرض، ومن دون إستيعاب فرنسا طموحات روسيا الصاعدة، وانشغالها بمؤتمر أستانة. في المحصلة، على الفلسطينييون صياغةُ رؤيةٍ تحرريةٍ لأرضهم، تقوم على أسس تحرّرٍ فكريٍ، ترتكز على مؤسساتٍ تهتم بالتعليم، ولا تُهمل مصالح الشعب، وتقوم على إنهاء الاحتلال والاستعمار العنصري وإزالة المستوطنات، وضمان حق تقرير المصير الحقيقي ومساواة حقيقية للفلسطينيين وفق أسس الديمقراطية التعددية، وليس على أسس سياساتٍ نيوليبرالية اقتصادية.