ليلة دامية قضيتُها في باريس..شهادة صحافية في "نيويورك تايمز"

20 نوفمبر 2015
(GETTY)
+ الخط -

نشرت الكاتبة في صحيفة "نيويورك تايمز"، باميلا دروكيرمان، شهادتها عن "ليلة دامية قضتها في باريس"، تحت عنوان "في باريس، ليلةٌ عطّلها الإرهاب" روت فيها تفاصيل ما حدث معها يوم الجمعة الماضي، خلال وجود زوجها في "استاد دو فرانس":


"كانت حفلة عشاء عادية بشكل مثالي إلى أن قال أحدهم بعد أن تفحص هاتفه: (أظن أنه حدث انفجار، في استاد فرنسا).

لم يحضر زوجي العشاء، فقد ذهب إلى (استاد دو فرانس) كصحافي. أجدني أقول شيئًا لم أقله من قبل في حفلة عشاء باريسية: هل يمكن أن نشغل التلفاز؟

شرع الحاضرون في التحديق بهواتفهم، ليهتف البعض بين حين وآخر بأسماء بعض الأماكن المألوفة: مطعم (لو كامبودج) – إنه محل النودلز الهيبّي قرب شارع القنال. تذكرت أنني مررت به اليوم في طريقي للعشاء. سمعنا لاحقًا أن إطلاق النار قد حدث عند مطعم (لو بيتي كامبودج)، الملحق بالأول. يبدو أن هناك رهائن في (لو باتاكلان)، قاعة الحفلات الموسيقية التي مررت بها عند الساعة الخامسة مساء، لأذهب بابني إلى طبيب العيون. نعم، لقد وقف أمام القاعة اليوم أتوبيس حفلات أبيض ضخم.

لم يعلم أحد في التلفزيون الفرنسي، أو في أي قناة تلفزيونية نشاهدها، حقيقة ما يجري. ولكن ضيوف حفل العشاء كانوا يتابعون تويتر، ويطلقون تقديرات متنوعة لأعداد القتلى. كيف يمكن لأي أحد أن يعرف؟ لم نستطع حتى أن نجد كاميرا تعرض صورًا من (لو باتاكلان)، حيث يُحتجز العشرات كرهائن.

تمكنت من معرفة أخبار زوجي عبر هاتفه. إنه داخل الاستاد، يغرد على تويتر بشأن ما يحدث، ويجري الراديو الهولندي معه مقابلة. بعد ساعة أسمع صوته على قناة أخرى يوضح أنه حتى بعد الانفجارات، استمرت المباراة، وهلل المشجعون للأهداف الفرنسية، ونفذوا (الموجة) بنجاح في الاستاد.

أحد أصدقائي تلقى تدريبا أمنيا في السابق، وبعد أن علم من تويتر أن زوجي داخل الاستاد، أرسل لي إرشادات حول ما يجب فعله في حال التعرض لإطلاق النار. (فليبق مسطحًا على الأرض قدر الإمكان. وإن اضطر للتحرك، فليزحف على انخفاضه". أرسلت الإرشادات إلى زوجي. عادة ما يظن أنني أبالغ في حرصي، ترى ماذا سيظن هذه المرة..

أحدهم يبحث من كان في (لو باتاكلان) قبل الهلع، إنه فريق Eagles of Death Metal من كاليفورنيا.

يحاول زوجان من الحاضرين أن يتواصلا مع ابنهما المراهق. أتصل بجليسة أطفالي. وأكتب إلى أخي. ثم أرد على رسالة طيبة من رجل، أعرفه فقط من تويتر.

أبدي ملاحظتي للحضور (الأمر أسوأ من تشارلي إيبدو). تظهر خريطة على التلفزيون تعرض مواقع حوادث إطلاق النار، فأجد بيتي على الناحية المقابلة للموقعين.

مجددًا، ليست باريس فقط التي ترد في الأخبار، إنها باريس خاصتي. إنها بعض أحياء الضفة اليمنى (بوبو)، التي كانت في السابق أحياءً للطبقة العاملة، ولكنها الآن مُجتاحة من قبل (البورجوازيين البوهيميين)، من أمثالنا.

يغرد الشعب الفرنسي على هاشتاغ #portesouvertes (الأبواب مفتوحة)، لمساعدة الأشخاص العالقين في الشوارع. كلنا يتفق على أن ذلك يبدو ضرباً من الجنون، فمن سيبقي على أبوابه مفتوحة في تلك الأجواء؟ تسري الأنباء عن مسلحين لا يزالون طليقي السراح. وتحذر الشرطة الجميع من الخروج إلى الشوارع.

تعد مضيفتي بعض الأسرّة الإضافية من أجل الليلة. ويحاول الزوجان أن يقررا إن كان في إمكانهما القيادة إلى منزلهما، فمنزلهما في غرب باريس. أطفالهما بخير، ولكنهم أصبحوا وحيدين في المنزل. ولا يزال زوجي في الاستاد.

يعلن الرئيس الفرنسي، الذي كان في الاستاد، أن الحدود قد أغلقت. ويبدو أن المدارس ستُغلق أيضاً. عند ذلك كنت قد عرفت الكلمة الفرنسية لحظر التجوال، إنها: كوفرفيو. تقول الأنباء إن الكثيرين قد سقطوا قتلى داخل (لو باتاكلان).

أطفالي قد ناموا. وبقيتْ جليستُهم مستيقظة، بينما يدور فكري حول سؤال واحد، ماذا سأقول لهم حين يستيقظون؟"