ليس الشيء ذاته

09 ديسمبر 2016
محمد العامري/ الأردن
+ الخط -

لا يفكّر شعرياً بأشياء، كالحديقة أو الشجرة أو الغابة، كما هي في لحظةٍ معينة تحت هذه الشمس الأرضية، بل بوصفها أشياء من أزمان مختلفة. إنها ليست إلا تركيباً من حدائق الماضي والحاضر والمستقبل. لهذا يبدو الزمان ملتبساً أيضاً، فلا هو ماض ولا هو حاضر ولا هو مستقبل. هناك تجنّبٌ لأفعال "سوف" و"سيكون" و"كان".

هنا لا يمضي شيءٌ بل يحضر شيءٌ في لحظة ما. هناك حضور. هناك تجنبٌ لحروف الوصل والربط بقدر الإمكان، اختزالٌ تقوم فيه الكلماتُ وحدها، تسند نفسها بقوة. اختزال يشبه ضربات فرشاة رسم يكتفي منها الرسام بخط أو خطين، لطخة لون أو لونين، إلى أدنى حدٍ ممكن.

الوضوح ليس هو الهدف هنا، لا الشجرة ولا الغيمة ولا الحديقة، بل ما يتشكل بين الكلمات، بين العلاقات التي تشدّ بعضها إلى بعض. هناك وقفة أو قطع مفاجئ، إحداث فجوة تُوتِّر القصيدة وتثير فيها المتضادات، وصولاً إلى هذه الحالة المحالة؛ علاقة الشيء بالشيء وليس الشيء ذاته.

لا يتوقف الذهن أمام الأشياء المذكورة، إنه يرتبك ويتشوش وينظر إلى ما وراءها أو تحتها. إنه منساقٌ إلى طريقة التلقي هذه لأن الشاعر حذف التفسير والمعاني الجاهزة، واختار ألا يقول سوى ما تقوله القصيدة، ما ستأتي به. لهذا تفاجئه قصيدته أحياناً قبل أن تفاجئ قارئها.

دلالات
المساهمون