ما زالت العمليّة التعليمية، بعد إعلان وزارة التعليم في حكومة الوفاق الوطني عن عودة التلاميذ إلى المدارس مطلع الشهر الجاري، تتعثّر بسبب المخاوف الكبيرة من انتشار كورونا بين التلاميذ، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد تزايداً كبيراً في أعداد المصابين بالفيروس. وبحسب جامعة "جونز هوبكينز"، فقد أصيب أكثر من 25 ألف شخص بكورونا، شفي منهم أكثر من 13900.
إلا أن ارتفاع نسب الشفاء من الفيروس بعد اعتماد المركز الوطني برتوكول الشفاء الجديد لم يشعر وداد الترهوني؛ وهي أم لتلميذة في المرحلة الثانوية، بالطمأنينة، مشيرة إلى أن المركز ما زال يعلن عن أعداد كبيرة من المصابين بالفيروس، ما قد يؤدي إلى ارتفاعها مجدداً.
وعلى الرغم من تأكيد الوزارة اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية بالتنسيق مع مركز مكافحة الأمراض لضمان عدم تفشي الفيروس بين التلاميذ، إلا أن نقابة المعلمين أعلنت عن رفضها عودة المعلمين إلى المدارس. وأصدرت بياناً منتصف الأسبوع الماضي أكدت فيه رفض المعلمين عودة التلاميذ إلى المدارس، في ظل زيادة حالات الإصابة بكورونا، ودخول البلاد المرحلة الرابعة. وأشار البيان إلى أن الوزارة لم تف بتعهداتها بشأن توفير التدابير اللازمة لضمان عدم تفشي الفيروس في المدارس. أضاف البيان أن النقابة اعترضت منذ البداية على عودة تلاميذ الشهادة الثانوية، مشيراً إلى أن اللجنة العلمية العليا لمكافحة كورونا أعطت الموافقة بطلب وتعهد من وزير التعليم محمد عماري زايد، على عكس ما أعلنته الوزارة عن وجود تنسيق بينها وبين اللجنة.
وأكدت النقابة أن هناك عزوفاً كبيراً من قبل تلاميذ الشهادة الثانوية والمعلمين عن الذهاب إلى المدرسة، مشيرة الى أن أنباء تفيد عن تسجيل حالات إصابة بين تلاميذ ومعلمين في بعض المدراس التي عادت إلى العملية التعليمية. في الوقت نفسه، أكد رئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض بدر الدين النجار عدم قدرة المركز على تأكيد إصابة تلاميذ ومعلمين بالمرض، موضحاً في حديث لـ "العربي الجديد" أن الإحصائيات وأعمال المتابعة للمرض شاملة للمواطنين وعبر المراكز الصحية، مشيراً إلى أن وزارة التعليم لديها لجنة استشارية تتعلق بالمرض، وهي المناط بها تأكيد وجود إصابات بين التلاميذ والمعلمين أو نفي ذلك.
وما ضاعف من مخاوف الترهوني أنها لم تتمكن حتى الآن من الاطمئنان على ابنتها إذا ما التحقت بالمدرسة، مشيرة إلى أن مخاوف أولياء الأمور كبيرة بشأن عدم قدرة الوزارة وإدارات المدارس على فرض إجراءات التباعد الاجتماعي بين التلاميذ لضمان عدم تفشي الوباء. وتطالب في حديثها لـ "العربي الجديد" السلطات بضرورة وضع خطط بديلة لمواصلة الدراسة بدلاً من الذهاب إلى المدارس وتهديد صحة التلاميذ والمعلمين، معتبرة أن "خيار التعليم المنزلي من خلال التلفاز يعد الخيار الأنسب إذا ما وفّرت السلطات الكهرباء".
من جهته، خاطب مدير مكتب الإصحاح البيئي في بلدية تاجوراء بالعاصمة طرابلس، عبد الفتاح زريق، عميد بلدية تاجوراء حسين بن عطية، محذراً من انتشار الفيروس بين التلاميذ مع بدء العام الدراسي الجديد. وأشار الخطاب إلى أنه من خلال متابعته للمدارس داخل تاجوراء، تبين أن كل المدارس غير ملتزمة بما ورد في مقترحات ونصائح اللجنة العلمية الاستشارية، الأمر الذي قد يتسبب في اصابة التلاميذ بفيروس كورونا، وهو ما يلفت إليه النجار. يضيف الأخير أن "تحميل الأجهزة الحكومية المسؤولية كلها أمر ليس صائباً تماماً. يمكن رصد عدم تقيد المواطنين بالتدابير الوقائية حتى في الشارع"، مؤكداً أن المعلمين والتلاميذ جزء من شريحة المواطنين غير الملتزمين بارتداء الكمامات وعدم التقيد بالتباعد الاجتماعي.
في هذا الإطار، تقول المسؤولة في مكتب المخازن المدرسية التابع لوزارة التعليم، ملك البشاري، إن المواطن يساهم في تفشي المرض، لكنه يشكو تقصير السلطات.
وفي ما يتعلق باستعداد الوزارة للعام الدراسي المقبل، تؤكد البشاري لـ "العربي الجديد" أن "المخازن الدراسية لا تتوفر على القدر الكافي من الكتب لكل مدارس البلاد"، مشيرة إلى أن المخاوف من الوباء ما زالت تدفع الوزارة للتمهل بشأن الاستعدادات للعام الدراسي المقبل على الرغم من إعلانها عن بدئه في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
من جهته، يرى مدير مدرسة التوفيق الثانوية فايز شعيب، أن هناك مشاركة واضحة من قبل الجهات الحكومية وتقصيراً في أداء واجباتها في الوقت نفسه للحيلولة دون تزايد انتشار المرض، مؤكداً أن مدرسته لم يزرها أي من مسؤولي مكاتب التعليم للتأكد من وجود تدابير كافية لمكافحة تفشي المرض في المدرسة". يضيف لـ "العربي الجديد": "الوزارة لم تف بأي تعهد لناحية توفير المعقمات". ويسأل: "كيف يمكنني فرض تباعد اجتماعي على التلاميذ، علماً أن الوزارة نقلت عدداً كبيراً من تلاميذ المدارس المتضررة بسبب الحرب إلى تلك غير المتضررة، والعدد في الأصل كبير"، مشيراً إلى أن المدارس عاجزة عن حماية التلاميذ والمعلمين.
وحول الإقبال على العودة إلى المدارس، يؤكد شعيب أن غالبية المدرسين والتلاميذ لم يعودوا إلى الدراسة بسبب الخوف المتزايد من إمكانية تحول المدارس إلى بؤر لتفشي الفيروس. ويلفت إلى أن الرقم المعلن من قبل المركز الوطني حول المصابين يتضمن تلاميذ ومعلمين.