ليبيا: "الرئاسي" يدعو أطراف القتال للانسحاب من الهلال النفطي

10 مارس 2017
قوات حفتر تنفذ اعتقالات واسعة في مناطقها(عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -
دعا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية أطراف القتال في منطقة الهلال النفطي للانسحاب الفوري منها، وتوحيد جهاز حرس المنشآت النفطية.


وصرّح المجلس، في بيان له مساء اليوم الجمعة، أنه "يجب الانسحاب فورًا من منطقة الهلال النفطي حرصًا على نزع فتيل الاقتتال وشبح الحرب"، مضيفًا: "يجب توحيد جهاز حرس المنشآت النفطية تحت جهاز موحد يخضع لإشراف المؤسسة الوطنية للنفط".


وأوضح البيان أن "الجهاز سيعمل على الدفاع عن هذه المنشآت من أي اعتداء أو تهديد ومن أي جهة كانت". وخاطب المجلس طرفي القتال بـ"التحلي بالروح الوطنيّة"، داعيًا إياهما إلى "الاتفاق على إخراج مقدرات الليبيين من دائرة الصراع بمختلف أشكاله، وتوحيد كافة مؤسسات الدولة الحيوية لتخدم الليبيين جميعًا في كافة أنحاء الوطن، بعيدًا عن التجاذبات والصراعات والمساومات".


من جانبها، أعلنت وزارة دفاع حكومة الوفاق عن تشكيل قوة قوامها 600 عنصر لمساندة جهاز حرس المنشآت النفطية في تأمين منطقة الهلال النفطي.


وأشارت الوزارة، في خطاب لها مساء اليوم الجمعة، إلى أن القوة مكونة من أفراد تابعين لرئاسة الأركان العامة، ومدير إدارة الشرطة العسكرية، وآمري اللواء 319 والكتائب 201 و302 و45 و191 و666، مؤكّدة أن القرار جاء استجابة لطلب رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية، وأن القوة ستكون تحت إمرة رئيس الحرس مباشرة.


كذلك أكّدت الوزارة أنها وجّهت مدير إدارة الشرطة العسكرية إلى تجهيز سرية شرطة عسكرية للعمل في منفذ منطقة السدرة، لغرض الضبط ومنع أي قوة عسكرية من الاتجاه شرقًا.



وتأتي إجراءات المجلس الرئاسي وحكومته في وقت أكدت فيه مصادر محلية من منطقة السدرة تعرض المنطقة لقصف جوي مكثف مساء اليوم الجمعة، من دون معرفة حجم أضراره.


ومنذ تمكّن قوات "سرايا الدفاع عن بنغازي" من السيطرة على ميناءي السدرة ورأس الأنوف، وتقهقر قوات اللواء حفتر، المدعومة من البرلمان المنعقد في طبرق، إلى منطقة البريقة؛ اقتصرت الأعمال المسلحة في المنطقة على القصف الجوي من قبل قوات حفتر، بالتوازي مع تحشيدات عسكرية كبيرة تصل تباعًا إلى مناطق شرق رأس الأنوف.


وعلى الرغم من شهرة مكونات قوات حفتر بعناصرها المكوّنة من الفصائل القبلية، المدعومة من مقاتلي حركة "العدل والمساواة" السودانية، فضلًا المساندة السياسية والعسكرية التي تلقاها من بعض دول الجوار كمصر، إلا أن قوات "سرايا الدفاع عن بنغازي" لا يزال يشوبها الغموض.


وعلى الرغم من إعلان ثوار وقادة من بنغازي تأسيس جسم عسكري تحت مسمى "سرايا الدفاع عن بنغازي"، في يونيو/حزيران من العام الماضي، إلا أن الحملة العسكرية الأخيرة على منطقة الهلال النفطي يبدو أنها انطلقت بعد تجهيزات وإمدادات عسكرية كبيرة مكنتها من السيطرة بشكل مفاجئ على نصف منطقة الهلال، ونشر قوّاتها الجديدة التي تمكّنت من الحؤول دون عودة قوات حفتر إليها.


ووفق مراقبين للشأن الليبي، فإن "سرايا الدفاع"، والتي اتخذت من قاعدة الجفرة وسط جنوب البلاد مقرات لها، استفادت من القاسم المشترك الذي يجمع فصائل مسلحة أخرى معها؛ وهو رفض الانقلاب العسكري الذي يقوده اللواء حفتر، ووظّفت ذلك في دعم عمليتها العسكرية الأخيرة التي أعلنت أن هدفها هو الرجوع لبنغازي.


وبحسب المراقبين، فإن بقايا مقاتلي جهاز حرس المنشآت النفطية السابق، بقيادة إبراهيم جضران، والذي طرده "حفتر" من منطقة الهلال في سبتمبر/أيلول الماضي، شكّل أحد فصائل القوة الجديدة، كما أن صلات شخصية جمعت قادة سرايا ثوار بنغازي بقيادات كتائب في مصراته، وغيرها من مدن غرب البلاد، وفّرت بدورها دعمًا عسكريًّا إضافيًّا؛ ربما تفصح عنه التظاهرات المؤيدة لتحرك "سرايا الدفاع" أخيرًا في مصراته وغريان والزاوية وسوق الجمعة في طرابلس.


ووسط تبادل اتهامات الاستعانة بمرتزقة حركات تمرد سودانية وتشادية، والتي أطلقها طرفا القتال في الهلال النفطي، إلا أن تصريحات وزير دفاع حكومة الوفاق، منتصف الأسبوع الجاري، والتي اتهم فيها قوات حفتر بالاستعانة بمليشيات "العدل والمساواة" السودانية؛ تشير إلى ميل حكومة الوفاق الى تصديق هذا الادعاء، لا سيما بعد أن نشرت "وكالة بشرى"، التابعة لـ"سرايا الدفاع"، اعترافات أسرى قوات حفتر بوجود مقاتلين أفارقة في صفوف قواته.


وتعكس تصريحات بعض أعضاء المجلس الرئاسي، ووزير دفاع حكومة الوفاق، رضاهم عن تحرك قوات السرايا باتجاه شرق البلاد، وهو ما يشي بإمكانية توفير دعم مالي أو عسكري لها، إلا أن قوات السرايا ترفض ذلك، وتؤكد على لسان آمرها، مصطفى الشركسي، في تصريحات صحافية مؤخرًا، عدم تبعيتها لأي جسم سياسي أو تيار أيديولوجي.


من جانب آخر، استنكر نواب من البرلمان داعمون للاتفاق السياسي حملة الانتهاكات التي تنفذها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المناطق الواقعة تحت سيطرتها بالهلال النفطي.


وقال النواب، في بيان لهم اليوم، إن "المنطقة تشهد حالات خطف وتغييب قسري طاولت الشيوخ والشباب والأطفال على يد القوات التابعة للقيادة العامة للجيش (قوات حفتر)".


وحمّل النواب قيادة حفتر والبرلمان وحكومته "كامل المسؤولية عن سلامة المعتقلين والمغيبين"، معتبرين ذلك انتهاكًا صارخًا للقوانين ولحقوق الإنسان، ومطالبين كافة المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بتحمل مسؤوليتها تجاه ما يجري في هذه المناطق.


ووفق مصادر محلية، فإن الأجهزة الأمنية التابعة لحفتر وحكومة البرلمان تنفذ، منذ السبت الماضي، حملات اعتقال واسعة بحق كل من يشتبه بعدم تأييده لـ"حفتر".


وقال شهود عيان إن مناطق البريقة وأجدابيا والمرج وبنغازي تشهد نشاطًا غير مسبوق لأجهزة الأمن التابعة لحفتر في مراقبة صفحات النشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي، واعتقال كل من يشتبه فيه.


وبحسب المصادر ذاتها، فإن بعض زعماء بعض القبائل والشخصيات النافذة، والذين طاولت الاعتقالات أسرهم، عبّروا عن انزعاجهم من جعل "الولاء لحفتر" معيارًا للولاء للوطن أو ضده.