16 نوفمبر 2024
لوبان في فرنسا؟ لا
بدأ كثيرون يضعون في حساباتهم إمكانية نجاح زعيمة الجبهة الوطنية، اليمينية المتطرفة في فرنسا، مارين لوبان، في الوصول إلى قصر الإليزيه في الربيع المقبل، وجديدهم رئيس الحكومة مانويل فالس الذي جزم "حتمية" ذلك، أقله إلى الدورة الثانية من الانتخابات (7 مايو/ أيار المقبل)، التي يتنافس فيها الثنائي الذي يتصدّر الجولة الأولى (23 إبريل/ نيسان المقبل). واستند فالس، في توقعاته، إلى فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية.
عادةً، حين يصل مرشح يميني متطرف في أي انتخابات فرنسية إلى مرحلة حاسمة، يتكتّل الجميع ضده فيخسر. كما حصل مع جان ماري لوبان، والد مارين، الذي خسر الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002 في مواجهة جاك شيراك، وبفارق شاسع بعد نيله 17.8% من الأصوات في مقابل 82.2% لشيراك، علماً أن لوبان الأب حقق تقدّماً مخيفاً في الجولة الأولى. لم يعد السبب في هزيمة رمز اليمين المتطرف وقتها إلى "شعبية" شيراك، بقدر ما عبّرت عن رفض فرنسي واسع لأفكار متطرفة، سعت إلى استغلال أحداث الولايات المتحدة الدموية في 11 سبتمبر/أيلول 2001، والدخول عبرها إلى قصر الرئاسة الفرنسية.
بعد 13 عاماً على هزيمة لوبان الأب، عانت لوبان الابنة من مصيرٍ مماثل، فبعد تقدّمها الخاطف في الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2015، عادت وخسرت في الجولة الثانية في 13ديسمبر. ولم تستفد، بالتالي، من النتائج الإيجابية التي حققتها في الانتخابات المناطقية التي جرت في 22 مارس/ آذار 2015 و29 منه.
حتى الآن، يبدو مصير لوبان الابنة مشابهاً لمصير والدها انتخابياً. العوامل كثيرة في تبيان الفوارق بين فرنسا والولايات المتحدة. من الصعب أن تتكرّر ظاهرة دونالد ترامب فرنسياً في مثل هذه الظروف. الناخب الفرنسي مختلف عن الناخب الأميركي، تحديداً في طرق مواجهته الأفكار المتطيّرة. أكثر هدوءاً منه. يميل أكثر إلى الأمور المرتبطة بالأبعاد الإنسانوية والفلسفية. الناخب الأميركي أكثر استهلاكيةً من الفرنسي. شهدت فرنسا تحركات سياسية شعبية في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945)، ساهمت في تكوين صورتها السياسية ـ الاجتماعية في العالم. أما بعض الشعب الأميركي فلم يتمكّن من إيقاف حرب فيتنام، ولا غيرها من الحروب، لضعف احتجاجاته في التأثير على السلطة.
يختلف الناخب الأميركي عن نظيره الفرنسي. الأول تجاوره كندا بقيادة رئيس الوزراء جاستين ترودو، الذي صاغ صورة إنسانوية حالمة لبلاده، جاعلاً إياها نقيضاً لأفكار ترامب. وهي المرة الأولى التي تبرز فيها كندا سياسياً في العالم، بعد أن اقتصر دورها سابقاً على الأنشطة الرياضية واستقبال المهاجرين. مع ذلك، لم يؤثر وجود ترودو في الجوار على اختيار الأميركيين رئيسهم.
في فرنسا، الوضع مختلف. وضع القارة الأوروبية المتشابك، سياسياً واقتصادياً، جعل تأثيرات دول الجوار تتداخل في القرارات الداخلية. خروج بريطانيا أثّر سلباً على أوروبا، لكن الألمان لا يبدون اهتماماً جدياً بذلك. على اعتبار أن البريطانيين هم من انعزلوا، لا العكس. والدليل كثرة الاحتجاجات الشعبية والسياسية الداخلية على خيار الخروج.
تبدو ألمانيا بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل القوة الأكثر تأثيراً في الداخل الفرنسي، ومن المفترض أن يكون قرار ميركل المشاركة في الانتخابات التشريعية الألمانية لعام 2017 حاسماً لجهة منع انزلاق البلاد إلى فخّ اليمين، ومن شأن ذلك أن يمنح فرصة الفوز لأي مرشح، شرط ألا يكون الرئيس الحالي، فرانسوا هولاند، في مواجهة لوبان الابنة. بالتالي، لو قرّر الفرنسيون اختيار يمينٍ ما، رداً على أخطاءٍ اشتراكية أو يسارية، لن يكون اليمين المتطرّف، ما لم تحصل أحداثٌ غير متوقعة، تقلب الرهانات رأساً على عقب، وتجعل طريق الإليزيه معبّدة أمام لوبان الابنة.
عادةً، حين يصل مرشح يميني متطرف في أي انتخابات فرنسية إلى مرحلة حاسمة، يتكتّل الجميع ضده فيخسر. كما حصل مع جان ماري لوبان، والد مارين، الذي خسر الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002 في مواجهة جاك شيراك، وبفارق شاسع بعد نيله 17.8% من الأصوات في مقابل 82.2% لشيراك، علماً أن لوبان الأب حقق تقدّماً مخيفاً في الجولة الأولى. لم يعد السبب في هزيمة رمز اليمين المتطرف وقتها إلى "شعبية" شيراك، بقدر ما عبّرت عن رفض فرنسي واسع لأفكار متطرفة، سعت إلى استغلال أحداث الولايات المتحدة الدموية في 11 سبتمبر/أيلول 2001، والدخول عبرها إلى قصر الرئاسة الفرنسية.
بعد 13 عاماً على هزيمة لوبان الأب، عانت لوبان الابنة من مصيرٍ مماثل، فبعد تقدّمها الخاطف في الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2015، عادت وخسرت في الجولة الثانية في 13ديسمبر. ولم تستفد، بالتالي، من النتائج الإيجابية التي حققتها في الانتخابات المناطقية التي جرت في 22 مارس/ آذار 2015 و29 منه.
حتى الآن، يبدو مصير لوبان الابنة مشابهاً لمصير والدها انتخابياً. العوامل كثيرة في تبيان الفوارق بين فرنسا والولايات المتحدة. من الصعب أن تتكرّر ظاهرة دونالد ترامب فرنسياً في مثل هذه الظروف. الناخب الفرنسي مختلف عن الناخب الأميركي، تحديداً في طرق مواجهته الأفكار المتطيّرة. أكثر هدوءاً منه. يميل أكثر إلى الأمور المرتبطة بالأبعاد الإنسانوية والفلسفية. الناخب الأميركي أكثر استهلاكيةً من الفرنسي. شهدت فرنسا تحركات سياسية شعبية في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945)، ساهمت في تكوين صورتها السياسية ـ الاجتماعية في العالم. أما بعض الشعب الأميركي فلم يتمكّن من إيقاف حرب فيتنام، ولا غيرها من الحروب، لضعف احتجاجاته في التأثير على السلطة.
يختلف الناخب الأميركي عن نظيره الفرنسي. الأول تجاوره كندا بقيادة رئيس الوزراء جاستين ترودو، الذي صاغ صورة إنسانوية حالمة لبلاده، جاعلاً إياها نقيضاً لأفكار ترامب. وهي المرة الأولى التي تبرز فيها كندا سياسياً في العالم، بعد أن اقتصر دورها سابقاً على الأنشطة الرياضية واستقبال المهاجرين. مع ذلك، لم يؤثر وجود ترودو في الجوار على اختيار الأميركيين رئيسهم.
في فرنسا، الوضع مختلف. وضع القارة الأوروبية المتشابك، سياسياً واقتصادياً، جعل تأثيرات دول الجوار تتداخل في القرارات الداخلية. خروج بريطانيا أثّر سلباً على أوروبا، لكن الألمان لا يبدون اهتماماً جدياً بذلك. على اعتبار أن البريطانيين هم من انعزلوا، لا العكس. والدليل كثرة الاحتجاجات الشعبية والسياسية الداخلية على خيار الخروج.
تبدو ألمانيا بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل القوة الأكثر تأثيراً في الداخل الفرنسي، ومن المفترض أن يكون قرار ميركل المشاركة في الانتخابات التشريعية الألمانية لعام 2017 حاسماً لجهة منع انزلاق البلاد إلى فخّ اليمين، ومن شأن ذلك أن يمنح فرصة الفوز لأي مرشح، شرط ألا يكون الرئيس الحالي، فرانسوا هولاند، في مواجهة لوبان الابنة. بالتالي، لو قرّر الفرنسيون اختيار يمينٍ ما، رداً على أخطاءٍ اشتراكية أو يسارية، لن يكون اليمين المتطرّف، ما لم تحصل أحداثٌ غير متوقعة، تقلب الرهانات رأساً على عقب، وتجعل طريق الإليزيه معبّدة أمام لوبان الابنة.