بات "فيسبوك" يستأثر بالمشهد الإعلامي أكثر فأكثر، وباتت مواقع التواصل الأخرى تخبو تدريجياً أمام عظمة أكبر دولة في الإنترنت. وبدا أن العديد من المستخدمين غير قادرين على مغادرة المنصة. وليست وسائل الإعلام بالحالة الشاذة؛ فقد بات العديد منها ينغمس فيه يوماً بعد يوم. لذا قرر رئيس التحرير في موقع "فينتشور بيت" التقني، التدخل ليشرح مدى خطورة هذا الموقع على الصحافة والإعلاميين.
أخطاء بالجملة
وفق رئيس تحرير "فينتشور بيت"، بليز زيريغا، فإن الأسباب عديدة لاعتبار "فيسبوك" عدواً للصحافة. وقبل الحديث عن المشاكل الكبرى، عرّج على تلك الصغيرة التي تكشف مدى الأخطاء التي يقع فيها الموقع. ولعل أبرزها الأخطاء في احتساب عدد المشاهدات في الفيديو. فكان يبالغ الموقع في عددها، ما أوقع الصحافيين والمعلنين- على حد سواء- في حرج كبير.
ثم ينتقل الكاتب إلى المشاكل الأكبر. ولعل أبرزها انتشار الأخبار الكاذبة والمزيفة. وبدا أن الموقع لم يتحمل مسؤوليته بما فيه الكفاية لحل هذا المشكل رغم مخاطره الكبرى. فقد تناقلت تقارير عدة كيف أثّرت هذه الأخبار بشكل مباشر على نتائج الانتخابات الأميركية، وكيف يمكن أن تؤثر بنفس الشكل على انتخابات أخرى في أعرق الديمقراطيات.
مصالح "فيسبوك" أهم
من الأسباب التي تجعل "فيسبوك" عدوا للصحافة، هو أنه ليس سوى شركة تدافع عن مصالحها في نهاية الأمر. فالجميع رأى كيف قلب مارك خوارزميته لتدعم الفيديو للقضاء على "يوتيوب". واضطر الجميع إلى تغيير طريقة عمله، كما استخدم هذه التقنية، إضافة إلى المقالات الفورية، لإجبار المؤسسات الصحافية على وضع محتواها مباشرة على الموقع. كما ضيّق على وصول الروابط القادمة من الموقع الرسمي للمؤسسة الإخبارية وروابط "يوتيوب".
وما إن تمكّن "فيسبوك" من الاستحواذ على مجموعة من المؤسسات، حتى هوى بها إلى قاع الأولويات. فغيّر خوارزميته لتدعم المحتوى القادم من الحسابات الشخصية بدل الصفحات، ومن بينها صفحات الإعلام؛ ما شكّل ضربة للكثير ممن وثقوا فيه.
وعام 2015، يقول الكاتب شهد موقع "هافنغتون بوست" هبوطاً في عدد الزيارات وصل إلى 60 في المائة خلال عشرة أشهر. بينما هوت زيارات "بازفيد" بـ40 في المائة.
وصدر تقرير عن موقع "ديجيداي" كشف أن المؤسسات التي اعتمدت على المقالات الفورية قد شهدت هبوطاً في الزيارات بلغ 20 في المائة، بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار. ما يجعل الجميع يخاف من منح ثقته لموقع يتعامل بهذه الطريقة مع الصحافة. ويكشف بالملموس كيف يدافع عن مصالحه في المقام الأول.
ليس مؤسسة إعلامية
لم يغب عن الكاتب أن يذكّر بأن "فيسبوك" لا يتعامل على أنه مؤسسة إعلامية. فهو يسمي مستخدميه "مستخدمين" وليس "قرّاء". فهدفه الأول ليس توعية المستخدم، بل إبقاؤه متصلاً. كما أن هدفه الأكبر إبقاء المستخدمين داخل الموقع، وليس مغادرته إلى مواقع أخرى.
واستبعد مدير مجموعة "بلومبورغ" الإعلامية الاقتصادية أن تكون هناك أرباح كافية من وراء الاعتماد على مداخيل قد يقدمها "فيسبوك" في المستقبل".
يبخس العمل الصحافي
ويذكر الكاتب بما كانت عليه مؤسسة بحجم "ناشيونال جيوغرافيك"، والتي عرفت بصورها الأخاذة والاستثنائية. وكيف انتقلت إلى الاعتماد على المقالات الفورية. فلم تعد سوى مجموعة من الصور الصغيرة مع نص أصغر. فعامل "فيسبوك" محتواها كأي تقرير إخباري عادي، وبخس قيمتها بشكل كبير.
ثلاث خلاصات
انتهى الكاتب إلى ثلاث خلاصات رئيسية: أولها أن "فيسبوك" يدعم مصالحه بالدرجة الأولى وليس مصالح الصحافيين. وثانيها أنه موقع تواصل اجتماعي وليس منصة إعلامية، وثالثها أن مقالات "فيسبوك" الفورية بخست قيمة المؤسسات الصحافية.
ووجه تحذيراً إلى المؤسسات الصحافية بعدم الوقوع في فخه، وعدم الانجرار إلى إغراءات انخفاض التكاليف والسهولة التي يعد بها. إذ يجب عدم نسيان كل أخطائه وانقلاباته المستمرة وابتزازه للصحافة، ما يجعله عدوها.
(العربي الجديد)