لماذا يتألق النجوم الإسبان بكل أريحية في الملاعب الإنجليزية؟

23 مايو 2015
+ الخط -



"من الصعب على الإسبان النجاح في الدوري الإنجليزي". مقولة قديمة انتشرت في الأوساط الرياضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها تحطمت سريعاً مع التألق القياسي لمعظم النجوم القادمين من الليغا إلى البريمييرليغ خلال السنوات الماضية، وأكبر دليل على ذلك حضورهم الطاغي في مختلف المباريات الكبيرة بالبطولة، وعلى سبيل المثال "ديربي" مانشستر الأخير، خطف الثلاثي خوان ماتا وهيريرا ودافيد سيلفا، البساط من معظم اللاعبين خلال التسعين دقيقة.

بكل تأكيد التألق ليس محض صدفة، خصوصاً مع بروز أسماء مثل هيريرا وماتا مع اليونايتد، سانتي كازورلا ومن قبل أرتيتا رفقة المدفعجية، ونجم مان سيتي دافيد سيلفا، مع التألق غير العادي لسيسك فابريغاس وأثبليكويتا في قلعة ستامفورد بريدج، حيث يتواجد بطل المسابقة لهذا الموسم، تشيلسي مورينيو. وبالتالي هناك أسباب خاصة لهذا الإبداع المستمر من جانب نجوم الماتادور.

الذكاء الفطري
ميزة النجوم الإسبان ذكاؤهم في وضع جسمهم بين الكرة ولاعب الخصم، وبالتالي يكون المنافس بين خيارين، إما ترك اللاعب أو ارتكاب مخالفة ضده. بالإضافة إلى قدرتهم على الاحتفاظ بالكرة تحت ضغط، مع التحركات الذكية في وبين الخطوط، ومع المساحات الشاسعة في الدوري الإنجليزي، تكون نسبة نجاح الإسبان كبيرة ومرتفعة، ولنا عبرة بسيسك وكازورلا والباقين.

قدرات النجوم الكبار في المباريات الكبيرة تجعل المهمة أسهل أمام باقي الرفاق، لأن اللاعب يستطيع التمرير إلى الزميل المراقب، بسبب قدرته على التعامل تحت الضغط، ومن الممكن أيضاً أن تكون التمريرة في أنصاف المسافات، المنطقة التي تحتاج إلى مهارات خاصة جداً نظراً لضيق الفراغ المتاح، وبعيداً عن نتيجة القمة، فإن الفُرجة على ماتا وسيلفا تساوي الكثير، وتبقى الكرة للمتعة.

يتحدث أغويرو في حوار سابق عن زميله دافيد سيلفا قائلاً، "سيلفا من اللاعبين الذين يساعدون زملاءهم كثيراً، وتكون تحركاته كلها ذات معنى، لأنه حينما يتحول للطرف يفتح المجال أمام زميله لاعب الوسط للتقدم، وعندما أحتاج للمساندة داخل منطقة الجزاء، أجده سريعاً بجواري، يمرر لي ويفتح المساحة أمامي للتسديد أو الانطلاق نحو المرمى، وهذه المزايا تندرج فقط في باب النجوم العظام".

التكتيك له دور
"في إنجلترا الخصم يتبعك مباشرة، يندفع بقوة تجاهك في كل أركان المستطيل الأخضر، لكنه لا يحمي ظهره أبداً، لذلك من الممكن ضربه بتمريرة على طريقة "واحد إثنين"، والحصول على القوة المطلوبة في المساحات المتاحة خلفه". جانب من تصريحات سيسك فابريغاس للصحافي سيد لو، حينما سأله عن الفرق بين الدوري الإسباني ونظيره الإنجليزي، مع تألق نجم الوسط في البطولتين مع فرق كبيرة كبرشلونة وآرسنال، وأخيراً تشيلسي.

من الصعب جداً المقارنة بين الجانبين على المستوى الجماعي، لكن بشكل فردي فإن قدرة اللاعب على التألق تكون أكبر في البريمييرليغ، خصوصاً إذا كانت المسألة تخص اللاعبين المهاريين، ولنا عبرة بنجوم الليغا في كافة أنحاء بريطانيا. هناك أهداف عديدة وفرص بالجملة وإثارة أكبر، والسر يعود إلى الفوضى التكتيكية لدى مختلف الفرق واللاعبين الإنجليز.

ومع وجود قدر ممكن من الفراغات، سواء أمام الدفاعات أو خلف منطقة الارتكاز، فإن مسألة تألق النجوم الإسبان تكون ممكنة للغاية، سيلفا يتحرك باستمرار في وبين الخطوط، هيريرا يأتي من الخلف إلى الأمام دون رقابة، وسانتي كازورلا يعود للوسط من أجل استلام الكرات وبناء الهجمات دون رقابة.

أجزاء الثانية
يمتاز الجمهور الإنجليزي بطابع خاص ومختلف، إنهم سكان المدرجات في أقوى ضجيجها الممكن، ويمثل عشاق اللعبة في البريمييرليغ الوقود القوي والمحرك الأساسي لمختلف تفاصيل الكرة في هذه البلاد، لذلك يطلب الحضور دائماً من اللاعبين سرعة نقل الكرات، والتقدم للأمام من أجل تهديد الخصوم وتسجيل الأهداف، لتشعر في لحظة ما بأن الفريق كتلة واحدة والمزج بين اللاعبين والجماهير في سيناريو واحد.

وفي أجواء مثل هذه، يتضاعف التألق بالنسبة للأسماء التي تستطيع التفكير في جزء من الثانية، يستلم اللاعب الكرة وقبل أن ينظر أمامه، يعرف جيداً أين ومتى وكيف سيمرر، ومع وجود مساحة مناسبة أمامه، فإن أصحاب المهارات الخاصة يجدون أنفسهم في بيئة خصبة للنجاح والتألق، فهيريرا في الليغا عانى كثيراً أمام ثنائي أتليتكو غابي وماريو سواريز، لكن في إنجلترا الأمر مختلف.

لذلك يصنع تشيلسي التفوق في النهاية، لأنه الفريق الإنجليزي الوحيد تقريباً الذي يُغلق كافة المناطق أمام مرماه، ولا يسمح بأي فراغ متاح، إلا في بعض الحالات الخاصة التي تحتاج إلى قدرات فنية عالية الجودة، فتش عن دافيد سيلفا وأقرانه، النجوم التي يخشاها مورينيو في المباريات الكبيرة تجاه اللقب.

الثقافة الكروية
إنجلترا هي مهد كرة القدم، هكذا يقدم الإعلام الإنجليزي بلده أمام مختلف متابعي اللعبة، وبالتالي فإن الدوري المحلي للبلد يعتبر مغايراً لمعظم البطولات الأوروبية الأخرى، فالبريمييرليغ له قواعده وقوانينه الخاصة، ويمتلك المديرون شبكة هائلة من العلاقات والقدرات التسويقية في كل بلاد العالم، لذلك يحرص القائمون على البطولة على جلب مزيد من الاستثمارات، عن طريق جذب كبار النجوم في كل الدوريات.

يأتي نجوم الليغا إلى إنجلترا، يجدون كل الوسائل المتاحة للنجاح، مع حضور جماهيري كامل، وتغطية صحفية جبارة، وبكل تأكيد ظروف شبه مستوية بين جميع المنافسين، لذلك يدخلون سريعاً في الأجواء البريطانية، ويعرفون من أين تؤكل الكتف في الملاعب المشتعلة، وبعيداً عن مقارنات الأفضل وباستثناء الموسم الحالي، فإن الدوري الإنجليزي يعتبر الأكثر تنافسية داخل القارة العجوز.

"نحن نلعب من أجل المتعة، الكرة في إنجلترا سريعة وشيقة، أهداف بالجملة وملاعب مليئة بالشغف، أحببت هذه الأجواء وأريد المزيد"، دافيد سيلفا يضع يده على المراد، ويغلق جميع الطرق أمام عودته إلى إسبانيا من جديد، لأنه يتمتع بالذكاء الذي يساعده على إنجاز أكبر قدر ممكن من السهل الممتنع في ملاعب مخترعي الساحرة المستديرة.

لمتابعة الكاتب
المساهمون