01 أكتوبر 2018
لماذا لا نكون الأبطال؟
يعيش الفرنسيون منذ أيام على وقع النشوة بعد التتويج بكأس العالم للمرة الثانية في تاريخهم. وكان هذا الإنجاز كان كفيلا باستثارة الغرور الفرنسي المشهور مرة أخرى بعد سنوات من السكون الإجباري، نتيجة الغياب عن الطليعة وساحات الجدارة في مختلف المجالات، فقد وصفت فرنسا ذات يوم من المحافظين الجدد في أميركا بأنها رمز لأوروبا القديمة المتقدمة في السن، إشارة إلى موقفها من غزو العراق عام 2003، حيث لم تكن قادرة على مجاراة السياسة الأميركية، ولا الوقوف بجدية ضدها، فاتهمت بالشيخوخة.
وعلى هذا الأساس، وجدت فرنسا في الفوز بالبطولة الأغلى كروياً، فرصة ذهبية لإحياء شبابها المفقود، من خلال تشكيلة شابة لا يتجاوز معدل عمرها منتصف العشرينات، إذ حققت الإنجاز المطلوب، بدعم من رئيس شاب، يرعى العملية ويمثلها سياسيا أمام العالم كقمة الجبل الجليدي. هكذا هو الحال مع الفرنسسين هذه الأيام، فماذا عنّا نحن المنتمين إلى الفضاء الواسع من المحيط إلى الخليج؟
وإذ نطرح هذا التساؤل، لا نبحث عن تخيّل الوضع عندما يتحقق الإنجاز، فمن البديهي أنّ كل أمة تشعر بالحيوية تسري في عروقها، وأنّ شبابها يتجدد عندما تضرب موعد مع الانتصارات، ولا حاجة إلى إثبات ذلك. القضية أو المشكلة هي صناعة الانتصارات ذاتها التي جعلت الفرنسيين في هذا المقام من البهجة، وربما نعبّر عنها بشكل أفضل بسؤال: لماذا لسنا نحن الأبطال؟ أو ما الذي يمنعنا أن نكون كذلك، فنرى منتخباً عربيا يتوّج بكأس العالم، أو فائزاً عربياً بجائزة عالمية في ميادين العلوم والإبداع، أو إنجازاً عربياً خارقاً للعادة، يحطم الأرقام القياسية بالمعنى الإيجابي، لا السلبي؟ خصوصا أنّ الإنجازات بالمعنى الأخير كثيرة، إذ تابعنا الأداء الهزيل للمنتخبات العربية في مونديال روسيا، على الرغم من الإنفاق الكبير عليها والقاعدة الجماهيرية الكبيرة الداعمة لها، فهل الخلل أنّنا لم نخلق لنكون في هيئة الأبطال، بدليل أننا نمتلك الشروط الأولية من الطاقات الخام والإمكانات المتوفرة الغزيرة التي تفوق ما لدى الآخرين، ولكننا لا نصل إلى النتائج بحكم الطبيعة القاهرة، وهذا أقصى التفاسير تطرفا وعدمية، من ناحية أنه يلغي كل أمل في تغيير الموازين. ولكنه، في الوقت نفسه، أسهل وأيسر التفاسير، لأنه يميّع المسؤولية عن الفشل، ويبقي الأوضاع على حالها، لذلك فهو المفضّل عند القائمين على المسؤوليات، فلا أفضل من تعليق الانكسارات على شماعة الغيبيات بالمعنى الديني، والجينات بالمعنى العلمي، للتهرّب من استحقاقات المراجعة والمحاسبة المفضية إلى إحداث الصدمة المطلوبة لتعديل المسار.
ويؤدي الرضا بالفشل والإقرار به إلى فقدان طعم الفوز وثقافة الجودة، فنجعل من الهزائم انتصاراتٍ وأنصاف الانتصارات غايات قصوى يخلدها التاريخ، هكذا هو منطق اليأس، يدفعك إلى خفض السقف والتلاعب بالمفاهيم، بدلا من السعي إلى إتقان اللعبة بقواعدها المصعبة والمتطلبة.
يبدأ طريق الفوز بالثقة والإيمان الراسخ بالقدرة على تحقيقه، ولا شيء يمنعنا من أن نكون الأبطال إلا أنفسنا، فهو صناعة داخلية في المقام الأول.
وعلى هذا الأساس، وجدت فرنسا في الفوز بالبطولة الأغلى كروياً، فرصة ذهبية لإحياء شبابها المفقود، من خلال تشكيلة شابة لا يتجاوز معدل عمرها منتصف العشرينات، إذ حققت الإنجاز المطلوب، بدعم من رئيس شاب، يرعى العملية ويمثلها سياسيا أمام العالم كقمة الجبل الجليدي. هكذا هو الحال مع الفرنسسين هذه الأيام، فماذا عنّا نحن المنتمين إلى الفضاء الواسع من المحيط إلى الخليج؟
وإذ نطرح هذا التساؤل، لا نبحث عن تخيّل الوضع عندما يتحقق الإنجاز، فمن البديهي أنّ كل أمة تشعر بالحيوية تسري في عروقها، وأنّ شبابها يتجدد عندما تضرب موعد مع الانتصارات، ولا حاجة إلى إثبات ذلك. القضية أو المشكلة هي صناعة الانتصارات ذاتها التي جعلت الفرنسيين في هذا المقام من البهجة، وربما نعبّر عنها بشكل أفضل بسؤال: لماذا لسنا نحن الأبطال؟ أو ما الذي يمنعنا أن نكون كذلك، فنرى منتخباً عربيا يتوّج بكأس العالم، أو فائزاً عربياً بجائزة عالمية في ميادين العلوم والإبداع، أو إنجازاً عربياً خارقاً للعادة، يحطم الأرقام القياسية بالمعنى الإيجابي، لا السلبي؟ خصوصا أنّ الإنجازات بالمعنى الأخير كثيرة، إذ تابعنا الأداء الهزيل للمنتخبات العربية في مونديال روسيا، على الرغم من الإنفاق الكبير عليها والقاعدة الجماهيرية الكبيرة الداعمة لها، فهل الخلل أنّنا لم نخلق لنكون في هيئة الأبطال، بدليل أننا نمتلك الشروط الأولية من الطاقات الخام والإمكانات المتوفرة الغزيرة التي تفوق ما لدى الآخرين، ولكننا لا نصل إلى النتائج بحكم الطبيعة القاهرة، وهذا أقصى التفاسير تطرفا وعدمية، من ناحية أنه يلغي كل أمل في تغيير الموازين. ولكنه، في الوقت نفسه، أسهل وأيسر التفاسير، لأنه يميّع المسؤولية عن الفشل، ويبقي الأوضاع على حالها، لذلك فهو المفضّل عند القائمين على المسؤوليات، فلا أفضل من تعليق الانكسارات على شماعة الغيبيات بالمعنى الديني، والجينات بالمعنى العلمي، للتهرّب من استحقاقات المراجعة والمحاسبة المفضية إلى إحداث الصدمة المطلوبة لتعديل المسار.
ويؤدي الرضا بالفشل والإقرار به إلى فقدان طعم الفوز وثقافة الجودة، فنجعل من الهزائم انتصاراتٍ وأنصاف الانتصارات غايات قصوى يخلدها التاريخ، هكذا هو منطق اليأس، يدفعك إلى خفض السقف والتلاعب بالمفاهيم، بدلا من السعي إلى إتقان اللعبة بقواعدها المصعبة والمتطلبة.
يبدأ طريق الفوز بالثقة والإيمان الراسخ بالقدرة على تحقيقه، ولا شيء يمنعنا من أن نكون الأبطال إلا أنفسنا، فهو صناعة داخلية في المقام الأول.
مقالات أخرى
03 ديسمبر 2017
08 اغسطس 2017
27 يونيو 2017