يكفي.
آن لبشر القرن الحادي والعشرين أن يشيحوا عن كلّ وأيّ فلسفة تخون آلامهم. لا نحتاج، بعد اليوم، فلسفةً تخون الألم.
ميزة ماركس، على سابقيه وأغلب لاحقيه، أنه كان وفياً للألم. محكوماً به في كل كلمة كتبها، أو عبارة قالها.
سيقول بعضنا: وكيف وهو مفكر اقتصادي في المقام الأول؟ فنقول له (حتى لو اعتبرها ضرباً من اكتشاف الماء الساخن)، إن جذر الألم البشري متحوقل في الاقتصاد. وإن ألم الفقر هو من فتح الباب غابراً لتدخل الميتافيزيقا متلصصة.
ألا تلاحظون أن كل ما فعلته هذه أن أتت بما هو عكس الواقع؟ وأنها هربت من عري الأخير إلى عراء الأحلام. وأنها استبدلت الرؤية بالرؤيا. وبذلك تكون آخر تلميذٍ في الفصل راسبٍ في حصة القراءة؟
كل من سبق ماركس هم فلاسفة مُهَوِّمُون. أقرب إلى الأدباء منهم إلى الدرس الفلسفي.
ولم كل هذا الكلام؟
لأن الشرط البشري لم يتغير في الجوهر والأعماق: ما زال الألم يحكمنا، منذ الإنسان العاقل حتى اليوم.
ماركس قبضَ على لحم الحقيقة، وحيداً. وفوق هذا، هو أول من أعطى للألم لساناً، بوصفه أقوى محددات إقامة الكائن الزائل على الأرض.