لجنة استخبارات أميركية: روسيا استهدفت أنظمة كلّ الولايات بانتخابات 2016

26 يوليو 2019
مولر حذر من أنّ روسيا تتحرّك للتدخل مجدداً (Getty)
+ الخط -
كشفت صحيفة "نيويرك تايمز" الأميركية، اليوم الجمعة، عن أنّ لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ خلصت، الخميس، إلى أنّ أنظمة الانتخابات في الولايات الأميركية الخمسين كانت مستهدفة من قِبل روسيا عام 2016، وهو أمر لم يتمّ، إلى حدّ بعيد، اكتشافه من قبل الولايات والمسؤولين الفيدراليين في ذلك الوقت. من جهتها، لفتت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أنّ الديمقراطيين في مجلس النواب يجهدون من أجل تحديد خطوتهم التالية ضدّ الرئيس ترامب، بعدما خيبت جلسة الاستماع للمحقق السابق روبرت مولر آمالهم، والتي كانوا يترقبونها بحماسة.

وفي حين يحذر تقرير الحزبين الجمهوري والديمقراطي، من أنّ بقاء الولايات المتحدة ضعيفة في الانتخابات المقبلة، أمر واضح، إلا أنّ النتائج التي توصل إليها تمّ حجبها بشدّة بإصرار من وكالات الاستخبارات الأميركية، حتّى أنّ بعض التوصيات الرئيسة لعام 2020، تمّ حجبها.


ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أنّ هذا التقرير، وهو الأول ضمن عدّة تقارير ستصدرها لجنة التحقيق في التدخل الروسي في انتخابات 2016، أتى بعد 24 ساعة من تحذير المستشار الخاص السابق روبرت مولر، من أنّ روسيا تتحرّك مجدداً للتدخل "بينما نجلس هنا".

وفي حين أنّ تفاصيل العديد من عمليات القرصنة التي قادتها الاستخبارات الروسية، خصوصاً في إلينوي وأريزونا، معروفة جيداً، إلا أنّ لجنة الاستخبارات أشارت إلى "مستوى غير مسبوق من النشاط ضد البنية التحتية للانتخابات"، كان يهدف إلى حدّ كبير إلى البحث عن نقاط ضعف في أمن أنظمة الانتخابات. وخلصت إلى أنّه على الرغم من عدم وجود دليل على تغيير أي أصوات في أجهزة التصويت، إلا أنّ الجهات الفاعلة الروسية كانت في وضع يسمح لها بأن تحذف أو تغير بيانات الناخبين في قاعدة بياناتهم في إلينوي. ولم تجد اللجنة أي دليل على قيامها بهذا الأمر.

ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أنّه في حين كانت النتائج التي خلصت إليها اللجنة التابعة لمجلس الشيوخ من الحزبين، إلا أنّ السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية، تحرّك مرّة أخرى لمنع النظر في التشريعات الأمنية الخاصة بالانتخابات، والتي طرحها الديمقراطيون.

وفي حين لم ينتقد التقرير، بشكل مباشر، وكالات الاستخبارات الأميركية، ولا الولايات، إلا أنّه وصف ما بلغ إليه الفشل الاستخباراتي المتتالي، الذي قلّل من شأن حجم الجهد الروسي، كما كانت التحذيرات للولايات خافتة، في وقت تحرّك المسؤولون إمّا بطريقة غير كافية، أو أنّهم عارضوا الجهود الفيدرالية لتقديم المساعدة.

وبعد تحقيق دام عامين ونصف، أقرّت اللجنة بأنّ "النوايا الروسية بشأن البنية التحتية للانتخابات في الولايات المتحدة، لا تزال غير واضحة". وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنّ وكالات الاستخبارات الروسية، وعلى رأسها وحدة الاستخبارات العسكرية، ربما كانت تهدف إلى استغلال نقاط الضعف في البنية التحتية للانتخابات خلال انتخابات عام 2016، ولكن، ولأسباب غير معروفة، قررت عدم تنفيذ هذه الخيارات. ولكن، في المقابل، أشار التقرير إلى أنّه ربما تمّت فهرسة خيارات "لاستخدامها في وقت لاحق"، وهو ما قالت وكالة الاستخبارات المركزية، ووزارة الأمن الداخلي، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، إنّه كان همّها الأكبر.


ولمّح التقرير إلى بعض النتائج الجديدة المثيرة للاهتمام، لكن تمّ كتم تأثيرها من خلال عمليات الحذف التي طالبت بها وكالات الاستخبارات. على سبيل المثال، لحظ التقرير أنّ وزارة الخارجية كانت على علم بأنّ المسؤولين الروس طلبوا إرسال مراقبي انتخابات إلى مراكز الاقتراع في انتخابات عام 2016 – تماماً كما تسعى الولايات المتحدة غالباً إلى إرسال مراقبين للانتخابات في الدول الأجنبية، ومن بينها روسيا.


ولفتت الصحيفة إلى أنّ هذا كان مصدر قلق للجنة، لأنّ الشهادة المتعلقة بأجهزة الانتخابات، المنفصلة عن الإنترنت، اقترحت أنّ الطرق الأكثر فعالية لتغيير الأصوات هي الوصول الفعلي إلى الأجهزة، أو أجهزة الكمبيوتر، بدلاً من برمجتها للاقتراع.

وكشفت "نيويورك تايمز" أنه نظراً إلى احتمال حدوث المزيد من التوغل في النظام الانتخابي، فإنّ تحرّك وكالات الاستخبارات من أجل تنقيح قسم كبير من النسخة العامة للتقرير، أدّى إلى معارك، وراء الكواليس، مع أعضاء اللجنة.

وأشارت إلى أنّ عمليات الحذف كانت كبيرة، لدرجة أنّه حتّى توصيات اللجنة للمستقبل لم يتمّ استثناؤها.

ولفتت إلى أنّ التقرير يحمل عنوان "الجهود الروسية ضدّ البنية التحتية للانتخابات"، وهو القسم الأول الذي نشرته اللجنة علناً، بعد أكثر من 200 مقابلة مع شهود، وتجميع وتدقيق ما يقارب الـ400 ألف وثيقة.

وفي حين اقترحت اللجنة إجراء مناقشات مع حلفاء الولايات المتحدة وغيرهم، بشأن قواعد الأمن السيبراني، إلا أنّها لم تشر إلى ما يجب أن تكون هذه القواعد، ولم تذكر كذلك أنّ التلاعب بالانتخابات يجب أن يكون أمراً خارج النقاش بالنسبة إلى كلّ الدول. ورأت الصحيفة أنّ السبب الوحيد وراء هذا التردد، كما يقرّ بعد المسؤولين الحكوميّين، هو النقاش الدائر داخل الإدارة حول مدى استعداد الولايات المتحدة للتخلي عن خيار استخدام قدراتها الإلكترونية في الخارج.

واكتشفت اللجنة أنّ وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي حذرا الولايات في أواخر صيف وخريف عام 2016 من تهديد التدخل الروسي، إلا أنّهما لم يزوّدا مسؤولي الانتخابات بسبب واضح لأخذ هذا التهديد على محمل الجدّ، أكثر من التحذيرات الأخرى التي تصدر بانتظام.

وعلى الرغم من أنّ التقرير أشاد بالخطوات التي اتخذتها الوكالات منذ ذلك الحين، من أجل تأمين الانتخابات، إلا أنّ اللجنة وجدت أنّ المخاوف بشأن كون أجهزة التصويت قديمة، لا تزال قائمة. وتقول الولايات الأميركية إنها لا تملك الأموال لتولي برنامج لاستبدال الأجهزة بحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2020.


انقسامات في صفوف "الديمقراطيين"

في سياق متّصل، رأت "واشنطن بوست" أنّ العديد من الديمقراطيين الوسطيين استغلّوا غياب كشف أي أمر بارز في شهادة المحقق السابق، لاعتماده حجة للقول إنّ الوقت حان لإنهاء تحقيقات مجلس النواب بشأن ما إذا حاول ترامب عرقلة مهمة مولر.

وقال النائب الديمقراطي أنتوني برينديزي في هذا الإطار: "حان الوقت للمضي قدماً والتركيز على تمرير بعض الفواتير هنا، التي يمكن توقيعها لتصبح قانوناً". إلا أنّ هذا النداء لم يكن له أي تأثير على الديمقراطيين المؤيدين لمساءلة ترامب، الذين أصروا على أنّ رقابة مجلس النواب على ترامب وإدارته كانت غير فعالة.

ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أنّه في اجتماع مغلق، ليل الأربعاء، بعد شهادة مولر، حاول مؤيدو رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إقناعها بالمضي قدماً في قضية المساءلة، وهي خطوة تقاومها.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الانقسامات في صفوف الديمقراطيين تأتي في وقت يواجه فيه مجلس النواب انتقادات حول سبعة أشهر من التحقيقات المتعددة، التي لم تنتج عنها سوى بعض المعلومات الجديدة، التي من شأنها تعزيز الدعم الشعبي للإطاحة بترامب.

المساهمون