لبنان يستعدّ لإعلان حالة الطوارئ وحظر التجول لمواجهة تفشي كورونا

24 مارس 2020
نفى عون اعتراضه على دور مؤسسات الدولة الأمنية(حسين بيضون)
+ الخط -
خرجَ الرئيس اللبناني ميشال عون عن صمته الذي ساد موقفه من إعلان حالة الطوارئ لمواجهة تفشي فيروس كورونا الجديد، بعد اتهامات طاولته برفضه اتخاذ الخطوة لاعتباراتٍ سياسية مرتبطة بعدم قبوله تسليم البلاد ومقدراتها إلى الجيش اللبناني، وتقوية قائد المؤسسة العسكرية العماد جوزيف عون.

ويعد قائد المؤسسة العسكرية من أبرز المرشحين لخلافة عون، الأمر الذي لا يتناسب وأمنيات رئيس "التيار الوطني الحر" وصهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل الذي يضع نصب عينيه الكرسي الرئاسي في قصر بعبدا، والذي بات معروفاً أنه على علاقة سيئة مع قائد الجيش.

ردّ الرئيس اللبناني كان قوياً هذه المرّة، من خلال بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، اليوم الثلاثاء، رأى فيه أنّ لجوء بعض وسائل الإعلام إلى الادعاء بأنّ الرئيس يعارض إعلان حالة الطوارئ لأسباب سياسية، يدخل في إطار "الدس الرخيص الذي دأبت جهات على اعتماده".

وأكد البيان أنّ "أي كلام عن اعتراض على دور أي من مؤسسات الدولة الأمنية هو محض اختلاق وادعاءات تعاقب عليها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، فضلاً عن أنّ مطلقيها هدفهم زرع شقاق بين الرئيس وهذه المؤسسة أو تلك، وهو أمرٌ لن يحصل".

وقال عون في هذا السياق: "كفى تلاعباً وبث السموم لأنّ البلاد لم تعد تحتمل مثل هذه المغامرات والسياسات الانتقامية، وتصفية الحسابات الشخصية والأساليب المرفوضة التي تكشف نوايا أصحابها وما يضمرونه للوطن".

وأوضح أنّ قرار مجلس الوزراء إعلان التعبئة العامة، جاء بناء على إنهاء المجلس الأعلى للدفاع تقييماً موضوعياً للأوضاع الراهنة بعد انتشار كورونا، وتعرّض السكان للخطر وفق ما جاء في الفقرة "أ" من المادة الثانية من قانون الدفاع الوطني (تنص على حالة التأهب الكلي أو الجزئي للحد من تعرض السكان والمنشآت الحيوية للخطر، ولتأمين عمليات التعبئة واستخدام القوى المسلحة).

وبحسب مصدر مقرّب من قصر بعبدا، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنّ رئيس الجمهورية "يدرس جدياً إعلان حالة الطوارئ في البلاد وحظر التجوّل لأسباب عدّة؛ أبرزها ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا الجديد التي تخطّت الـ300، نتيجة عدم التزام عدد من اللبنانيين بالحجر المنزلي، بالإضافة إلى أنّ المهلة التي كانت محددة لحالة التعبئة العامة شارفت على الانتهاء في 29 مارس/ آذار، من دون أن يسجل لبنان أي تقدم لناحية الحدّ من سرعة انتشار الوباء"، لافتاً إلى أنّ "رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري يؤيدان ذلك، ما يجعل الإعلان في وقت قريب جداً، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء".

وأوضح المصدر أنّ رئيس الجمهورية "رفض سابقاً إعلان حالة الطوارئ، لأنّ البلد لا يحتمل إجراء كهذا على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي، والتقارير التي كانت تصل إليه تؤكد له التمهّل في إصدار القرار بعدما كان لبنان في مراحل مطمئنة لا تستدعي القيام بخطوة تستوجب إطلاق خطة كاملة للحد من الخسائر التي تطاول الشعب اللبناني"، مؤكداً أنّ رئيس الجمهورية "لو فعلاً لا يريد إعلان حالة الطوارئ لاعتبارات سياسية لما كان سلّم زمام الأمور إلى الجيش اللبناني المنتشر على الأراضي اللبنانية كافة فارضاً سيطرته على الميدان".



هل يجوز إعلان الطوارئ عند تفشي الأوبئة؟

بدوره، يؤكد المحامي رفيق غريزي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه "تم إعلان حالة الطوارئ في لبنان أكثر من مرة، سواء بتاريخ 31 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1956 أيام الرئيس كميل شمعون، أو في عهد الرئيس شارل حلو، حيث أعلنت مرتين في 5 يونيو/ حزيران من العام 1967 وفي 23 إبريل/ نيسان من العام 1969، كما أعلنت مرتين في عهد الرئيس سليمان فرنجية في 16 سبتمبر/ أيلول 1972 وفي 7 مايو/ أيار 1973، لكن حالة الطوارئ خلال هذه الفترات أتت لأسباب أمنية وعسكرية".

ويلفت غريزي إلى أنّ "السؤال الذي يطرح اليوم هو عما إذا كان من الجائز إعلان حالة الطوارئ عند تفشي الأوبئة أو الأمراض، وهنا لا بدّ من العودة إلى نص المرسوم الاشتراعي رقم 52 (إعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية الصادر بعهد الرئيس شارل الحلو وبتوقيعه في بيت الدين)، وتحديداً المادة الأولى منه، التي تشير إلى أنّ حالة الطوارئ تعلن عند تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة".

وفقاً لما تقدّم، يرى غريزي أنّ الحالة التي يعيشها لبنان اليوم كما العالم تندرج في إطار "الخطر الداهم" الناتج في الوضع الراهن عن تفشي وباء كورونا، وغياب العلاج الذي يقضي عليه، ما يؤشر إلى إمكان تفشيه وعدم السيطرة عليه ويحتم اتخاذ إجراءات مشددة وقاسية تكون بمثابة دواء أو علاج أو رادع لمنع انتشاره.

ويشدد على أنّ "أهمية حالة الطوارئ تتمثل في إعطاء السلطة العسكرية العليا صلاحيات واسعة وجازمة تخولها فرض سيطرتها وتعليماتها بشكل صارم في كافة المناطق اللبنانية، ما سيضع حدّاً للمشاهد التي نراها يومياً عبر وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي، والتي تظهر فتح الأسواق الشعبية وتنظيم أعراس وتجمعات وحركة سير يومية، تدلّ على غياب الالتزام الجدي بالحجر، أو الخروج فقط عند الضرورة القصوى".

المساهمون