يواجه لبنان مرّة جديدة الإقفال بالحدّ الأقصى بعد تسجيل ارتفاع كبير في عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، في خطوة سبق أن أعلنتها الحكومة اللبنانية قبل أن تُعلَّقها إثر الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في الـ4 من أغسطس/آب الجاري.
وأصدر وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، الثلاثاء، قراراً يقضي بالإقفال اعتباراً من الساعة السادسة من صباح يوم الجمعة، 21 أغسطس/آب، لغاية السادسة صباحاً من يوم الاثنين، 7 سبتمبر/أيلول المقبل، في كافة المحافظات اللبنانية، ويشمل المؤسسات الخاصة والأسواق التجارية والشعبية والمحال والشركات التجارية، والكورنيش البحري والمرافق السياحية والملاعب الرياضية الداخلية والخارجية والنوادي الرياضية والمسابح العامة والخاصة الخارجية والداخلية، والمطاعم والمقاهي والنوادي والملاهي الليلية على اختلاف أنواعها، بالإضافة إلى ملاعب الأطفال والملاهي ومراكز الألعاب الإلكترونية، ومنع كافة التجمعات الشعبية والمناسبات الاجتماعية على جميع أنواعها.
تعمم المديرية العامة لـ #قوى_الأمن الداخلي قرار وزير الداخلية والبلديات المتعلق بالإقفال بالحد الأقصى ضمن اجراءات التعبئة العامة لمواجهة انتشار فيروس #كورونا والقطعات المستثناة منه.#خلينا_عنفس_الموجة pic.twitter.com/sdA3A4P7Pq
— قوى الامن الداخلي (@LebISF) August 18, 2020
وبحسب القرار الصادر عن وزير الداخلية، يعدّل توقيت منع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرقات ليصبح ما بين الساعة السادسة مساءً وحتى السادسة فجراً من كلّ يوم، ويستثنى منه: أعمال الترميم ورفع الأنقاض وتوزيع المساعدات وكل أعمال الإغاثة في الأحياء المتضررة جراء انفجار مرفأ بيروت، الوزارات والمؤسسات العامة التي تفتح أبوابها أمام المواطنين خلال الدوام الرسمي، ويعود للوزير المختص توزيع الموظفين على ألا تزيد النسبة عن خمسين في المائة، ويعود لوزير التربية قرار اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة.
ومن الاستثناءات أيضاً، العسكريون، قطاع الصحة والأدوية والعاملون فيه، المرفأ ومطار بيروت الدولي والسلك الدبلوماسي ووسائل الإعلام، عناصر الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني، مراكز ومحطات توزيع المحروقات والغاز، شركات كنس وجمع ونقل النفايات وآلياتهم، وشاحنات نقل المواد الطبية بكافة أنواعها وغيرها.
وأعلن وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، الثلاثاء، خلال اجتماع عقدته لجنة الصحة النيابية برئاسة النائب عاصم عراجي، أنّ إشغال الطاقة الاستيعابية الحالية في المستشفيات يبلغ حوالي 70%، ويجب تخفيضها إلى 50%، من هنا ضرورة إقفال البلد لمدّة أسبوعين بهدف الحدّ من انتشار فيروس كورونا.
وقال وزير الصحة أنّ تطبيق إقفال البلد لأسبوعين أو عدمه ليس من مسؤولية وزارة الصحة، بل بالشراكة مع جميع الوزارات ذات الصلة، معلناً أنّ الفحوصات التي تجرى يومياً باتت ما بين 6000 إلى 7000 فحص كورونا، وأشار إلى أنّ عدد الإصابات زاد 3464 بعد حصول انفجار مرفأ بيروت، بسبب إغفال التدابير والسلوك الوقائي ضد الوباء خلال عمليات الإنقاذ والإسعاف والتطوّع.
وأشار مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف الحلو، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الوضع في لبنان غير سليم على صعيد فيروس كورونا، ووزير الصحة دق ناقوس الخطر بعد أن أصبحنا على شفير الهاوية، ولا يمكن الاستمرار في ظل الاستهتار الموجود، ومن هنا ضرورة التطبيق بحزم لكافة الإجراءات والتدابير الوقائية لضبط الوضع والسيطرة عليه، خصوصاً أن المستشفيات الحكومية باتت شبه ممتلئة.
ويلفت الحلو، في هذا السياق، إلى أنّ الاتجاه اليوم نحو تحويل بعض المستشفيات الحكومية إلى مستشفيات تستقبل فقط مرضى كورونا، ومنها مستشفى بعبدا الحكومي ومستشفى البوار الحكومي، والسماح للمستشفيات الحكومية، التي تخصص بمجموعها 350 غرفة لمرضى كورونا، الاستعانة بممرضين، وذلك استثنائياً ولفترة محدودة، وإلغاء بعض الأقسام لتحويلها إلى غرف مخصصة لكورونا، مشيراً إلى الطلب من المستشفيات الخاصة، وعددها ثلاثون، استعادة نشاطها واستقبال المرضى، ومن هنا كانت دعوة نقابة المستشفيات لاجتماع بهدف الطلب من المستشفيات الخاصة، ولا سيما الكبرى منها في بيروت وجبل لبنان والتي جهزت أقساماً مخصصة لمرضى كورونا، فتح أبوابها على الفور.
ونفى الحلو حصول فوضى في المستشفيات أو معالجة مرضى في أروقة المستشفيات، مشيراً الى أنّ هذا المشهد حصل فور وقوع انفجار مرفأ بيروت، مشدداً، في الوقت نفسه، على أنّه ليس هناك نقص بالمعدات والمستلزمات الطبية، والوضع تحت السيطرة في هذا الإطار، ولكن الخطر يكمن في حال استمرّ عداد كورونا بالارتفاع، ولا سيما مع قدوم موسم الشتاء والإنفلونزا، عندها يصبح الضغط مضاعفاً.
وسجّل لبنان،الثلاثاء، 421 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ما يجعل إجمالي عدد الإصابات 9758، وحالتي وفاة ترفع عدد الوفيات الكلي إلى 107.
وقال النائب عراجي أنّه من الأول من أغسطس ولغاية الـ17 منه أصبح لدينا حوالي 4 آلاف إصابة، أي ما يعادل نصف الإصابات التي حصلت منذ بداية انتشار الفيروس في فبراير/شباط الماضي، وهذا مؤشر مقلق دفعنا إلى مناقشة الإجراءات التي يمكن اتخاذها لوقف الانتشار بعد أن وصلنا إلى مرحلة متقدمة جداً في هذا الإطار.
وأشار إلى أنّ من أسباب ارتفاع الإصابات، ووصول لبنان إلى هذه المرحلة، غياب الالتزام بالإرشادات الوقائية، التباعد الاجتماعي ولبس الكمامة وعملية التعقيم، ولم يكن هناك تطبيق فعلي للإرشادات الوقائية من الوزارات المختصة، كوزارة الداخلية التي لم تقم بتطبيق الإرشادات الوقائية، بالإضافة إلى الحدث المؤسف، أي انفجار مرفأ بيروت، الذي زاد من اختلاط الناس.
ومن التوصيات التي رفعتها لجنة الصحة النيابية، يقول عراجي، توزيع المستشفيات الميدانية في مختلف المناطق، مثل طرابلس، شمال لبنان، والبقاع والجنوب وكافة الأراضي اللبنانية. وشدد عراجي على أن التفشي اليوم هو مناطقي وليس مرتبطاً بالإبقاء على فتح مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أي أن نسبة الإصابات من الوافدين لا تتعدى 2 بالألف، والوضع الاقتصادي يحتم علينا عدم إقفاله، خصوصاً أنّ حوالي مليار ونصف المليار دولار دخلت إلى لبنان في الشهر الماضي عبر الوافدين.