أكد وزير الصحة اللبناني جميل جبق، أن اتفاقاً استشفائياً مشتركاً سينفذ مع وزارة الصحة العراقية منعاً لتكرار تجاوزات وأعمال "احتيال" طاولت مرضى عراقيين قدموا إلى لبنان لتلقي العلاج. كما حذر المستشفيات الخاصة من رفض استقبال أي مريض محال إليها تحت طائلة إلغاء عقودها مع الوزارة.
والتقى الوزير جبق، اليوم الأربعاء، أصحاب ومدراء المستشفيات الخاصة ومدراء المشافي الحكومية في مبنى الوزارة في منطقة بئر حسن في بيروت، وأعلن خلال اللقاء عن مساعي وزارته لاتخاذ خطوات عدة، أبرزها توقيع عقود تعاون مع بعض الدول لا سيما العراق، بعدما كشف له السفير العراقي في لبنان علي عباس بندر العامري، عن تعرض مرضى عراقيين للاحتيال من قبل عدد من المستشفيات في لبنان.
كما أكد حرص الوزارة على تعزيز التعاون مع قطاع الاستشفاء الخاص الذي يشكل شريكًا أساسيًا لا غنى عنه، وتقوية قطاع الاستشفاء العام ودعم المستشفيات الحكومية لما تعانيه من نواقص وخلل كبير.
ملف استشفاء العراقيين في لبنان
وكشف الوزير جبق أن عدد المرضى العراقيين الذين تلقوا العلاج في المستشفيات اللبنانية بلغ 500 ألف شخص عام 2017، لكن عددهم انخفض العام الماضي إلى نحو 250 ألف شخص.
وتابع جبق: "سألت بالأمس السفير العراقي عن السبب، فكان جوابه بأن المرضى العراقيين في لبنان يتعرضون لأعمال نصب، وعرض أمامي فواتير تظهر قبض مبالغ خيالية من هؤلاء المرضى. وعلى سبيل المثال بلغت كلفة عملية استئصال المرارة لأحد المرضى العراقيين 15 ألف دولار أميركي". وأضاف "تخيلوا أن طبيباً يعمل في مستشفى يقول للمريض العراقي: لا تتدخل بشيء إدفع لي 10 آلاف دولار وأنا أحاسب المستشفى".
وتحدث الوزير عن النية لاتخاذ إجراءات لحماية القطاع الاستشفائي من التجاوزات، وقال: "وضعت مشروعاً ومن المفترض أن أنفذه مع وزير الصحة العراقي (علاء الدين العلوان) الذي تواصل معي وطلب اجتماعاً مشتركاً لهذه الغاية. فلدينا مستشفيات متعاقدة مع وزارة الصحة العراقية ولم تتلق حتى اللحظة المستحقات التي تتجاوز قيمتها الخمسة ملايين دولار رغم دقة الفواتير".
ومنعاً لتكرار أعمال الاحتيال وارتكاب التجاوزات، قال جبق: "وضعت مشروعاً لفتح حساب مشترك بين وزارتي الصحة العراقية واللبنانية لمعالجة المرضى الذين ترسلهم وزارة الصحة العراقية إلى لبنان، وبذلك يصل المريض إلى لبنان ويختار المستشفى الذي يريده. وتخضع الفواتير للتدقيق عن طريق وزارة الصحة اللبنانية التي تحول الأموال مباشرة إلى المستشفى".
واعترض نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، على حجم المبالغ التي ذكرها الوزير، مؤكداً أنها لم تدخل جميعها صناديق المستشفيات بل ذهب قسم منهم إلى عيادات ومراكز تجميل.
ورفض هارون اتهام المستشفيات بالاحتيال على المرضى العراقيين، رغم اعترافه بوجود تجاوزات، وقال: "إن التجاوزات التي حصلت قام بها سماسرة كانوا يحضرون المرضى العراقيين". ليرد الوزير بأنه قريباً ستتم مقاضاة بعض المستشفيات، وأن المسألة أصبحت أمام النيابة العامة.
والجدير ذكره أن "العربي الجديد" أعد تقريراً مفصلاً بعنوان: "استغلال طبي... سمسرة وفوضى واحتيال في مستشفيات لبنان"، سلط فيه الضور على المشاكل التي يواجهها المرضى من خارج لبنان، ومن بينهم العراقيون.
المستشفيات الخاصة
وأطلع جبق الحاضرين على ملاحظاته بخصوص أداء المستشفيات الخاصة وطريقة تعاملها مع المرضى، طالبًا ألا يرضخ أي مستشفى خاص لأي ضغط قد يتعرّض له من أي مرجعية أو تنظيم سياسي من أجل الموافقة على إدخال مريض إلى المستشفى لا يكون بحاجة طبية إلى الدخول. ولفت إلى أن كل فاتورة استشفائية تأخذ من ميزانية المستشفى وسقفها المالي لصالح غير المستحقين تحول دون إدخال من هم أحق بالعلاج.
وفي المقابل، أبدى الوزير تفهمه للمشاكل التي يشكو منها أصحاب ومدراء تلك المستشفيات، واعداً إياهم بدفع مستحقاتهم المتوجبة على الدولة اللبنانية قريباً بعد الانتهاء من وضع ميزانية الوزارة. وعبر عدد من إداريي المستشفيات الخاصة عن المشاكل التي يعانون منها، وطالبوا برفع التعرفة الاستشفائية المحددة، ودفع المستحقات المتوجبة على الدولة شهرياً وباستمرار لتجاوز أزماتهم المالية.
ورد الوزير بأنه تقدم بطلب زيادة ميزانية وزارة الصحة مائة مليار ليرة لبنانية (66.6 مليون دولار) إضافية، لافتاً إلى أن التقرير المالي عن سنة 2017-2018 قدر العجز بين 50 مليار ليرة (نحو 33.5 مليون دولار) و75 مليارًا (نحو 50 مليون دولار).
المستشفيات الحكومية
وعبر جبق عن التزامه بدعم المستشفيات الحكومية كونها مستشفيات الدولة وتخص وزارة الصحة. ولفت إلى أن ما شهده خلال الجولات الأخيرة التي قام بها على المستشفيات الحكومية كشف حدة النواقص فيها والخلل الكبير في تسييرها.
وأعلن أنه سيوجه مذكرة إلى كل من وزارتي الداخلية والاقتصاد لأنهما معنيتان بالتأمين الإلزامي الموجود على السيارات والدراجات النارية في لبنان. وأوضح أنه في حال تبين أن من تعرض لحادث سير وليس مؤمنًا إلزاميًا لن تعمد وزارة الصحة ـ وهذا الأمر سيتم التأكيد عليه بالنص الرسمي ـ إلى تأمين علاجه الذي قد يكون معقدًا ومكلفًا في أغلب الأحيان ومستهلكًا لفاتورة الاستشفاء. وأكد أنه في حال عدم التجاوب مع التصديق على هذه المذكرة، سيصار إلى التحضير لاقتراح نيابي ينص على دفع رسم تأمين لوزارة الصحة لدى إجراء رسوم الميكانيك، وهذا يؤمن لوزارة الصحة كلفة تغطية الحوادث.
وأشار جبق إلى أن مشكلة النزوح السوري تفاقم من ضيق الأمكنة في المستشفيات اللبنانية الخاصة والحكومية، وكرر القول إنه ليس لديه فانوس سحري لحل كل المشاكل إنما بالتعاون يمكن حل أكثر من 50 في المائة من المشاكل الموجودة، واعدًا بلقاءات مستقبلية مع الجهات الضامنة.