09 نوفمبر 2024
لبنان وحقوق النساء
لم يكن قرار "السماح للنساء السعوديات بقيادة السيارات" الصادر أخيراً في الرياض سوى خطوة أساسية في مسارٍ طويل، يفترض أن يصل إلى تكريس المساواة بين الجنسين، في السعودية وغيرها. لكنه مسارٌ يفترض أيضاً أن يعبر المطبّات السائدة في بلدانٍ تجاوزت هذه المسألة منذ زمن بعيد، لكن نساءها لا زلن يعانين في ظلّ قوانين مجحفة وعادات وتقاليد باهتة.
مثال على ذلك أن القوانين المتعلقة بالنساء في لبنان تبقى بنسبة كبيرة منها ظالمة لهنّ. يكفي النظر إلى أروقة قصر العدل في بيروت، ورؤية الملفات المليئة بالظلم بحقّ النساء، سواء بالعنف الأُسري أو مشكلات الحضانة ورعاية الأطفال بعد قضية طلاقٍ. انظروا إلى آلاف القضايا التي تقف أمامها امرأة عاجزة عن حضانة أولادها، فقط لأن القوانين الدينية والمدنية تسمح للأب، وعلى "مزاجه" في "السماح" للأم برؤية أولادها. انظروا كيف تعاني النساء في مسائل الطلاق، فضلاً عن ذكورية نظرة المجتمع تجاهها، والتي كُرّست قبل أيام بنقاشٍ جدلي، بطله نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، والذي أطلق خطاباً رافضاً للمرأة المطلّقة، ثم تراجع عنه بعد أيام، موضحاً قصده.
كم من امرأة وجدت نفسها خارج مجتمعها في لبنان، من دون دفاعٍ عنها؟ تحديداً نساء قُتلن على أيدي أزواجهن، لأنهم "شكّوا" فقط بخيانتهن أو "لأن الطبخ لم يكن جيداً" أو "لأنها لم تقم بالعمل المنزلي كما يجب" أو "لأنها ضحكت بوجود عائلته"، وغيرها من سخافاتٍ يموت كثيرون بسببها، لغياب القانون الحامي، سواء ببنودٍ فعلية تتيح للنساء مساواة قضائية تامّة مع الرجال، أو في ضعف تطبيق القوانين الموجودة، بسبب وجود القَتَلَة تحت حماية المليشيات وزعمائها المتغلغلين في الدولة وقضائها. كم من امرأةٍ تمضي النهار والليل عاملة، ثم يأتي زوجها، معتبراً إياها وكأنها "شيء" في المنزل، عليه "ألا ينام وقادر على تلبية متطلبات البيت"؟ وكأن المرأة آلة لا تتوقف عن العمل.
كم من امرأةٍ عانت من التحرّش اللفظي أو الجسدي، ومُنعت من الحديث أو إطلاع العالم على ما تعرّضت له، فقط "لأن المجتمع أقوى منها"، و"لأن الصيت أهم ممّا عانت منه الضحية"؟ كم من امرأةٍ وجدت نفسها أسيرة الرجال في حال أرادت العمل، لأن الأبواب، القانونية والعملية، مقفلة أمامها، ولا مجال للتنفس إلا بالتحوّل إلى فريسة؟ كم من امرأة وقعت ضحية شبكات الاتجار بالبشر، وخرج جلّادهن من دون محاسبة، فيما الألم الذي تعرّضن له بقي محفوراً في وعيهن؟ كم من امرأة وجدت نفسها في حالة إذلالٍ أمام مجتمعٍ ينتظرها على هفوة، فيما يبدو المجتمع نفسه مستعدّا لمحو جرائم ذكورية باسم "الخوف من القوي"؟
انظروا أيضاً إلى الوظائف في القطاعين العام والخاص، وجود النساء هناك لا يزال ضعيفاً للغاية. وبلغة اقتصادية، على الرغم من أن استخدام مزيد من العنصر البشري في القطاعات الإنتاجية قادر على دفع النمو الاقتصادي في البلاد. مع ذلك، تبدو الفيتوات أكبر من إمكانية مشاركة النساء للرجال في مواقع كثيرة.
وإذا كانت المشاركة ناقصةً في الوظائف، فإن السلوكيات الاجتماعية لا تزال خطرة، خصوصاً في لبنان. فما أن صدر القرار السعودي بقيادة النساء السيارات، حتى انتشرت النكات الذكورية، عن "ارتفاع نسبة حوادث السيارات بسبب النساء"، وعن"صعوبة أن تتمكّن امرأة من إيقاف سيارة بجانب الرصيف"، وغيرها من انتقادات ساخرة. قد يقول بعضهم إن "الأمر مجرد مزحة"، لكنها مزحة جندرية، يتمّ إسقاطها على جنسٍ بكامله، من دون تفكير. ومن هنا، يتمّ ترسيخ التمييز الجندري بين الجنسين، بدلاً من محاربته. إذاً، لا مجال لأي تحرّر فعلي للنساء، انطلاقاً من تحرّر الانسان، سوى بالمساواة التامّة، اجتماعياً وقانونياً. أما غير ذلك فليس سوى توارث عاداتٍ تدمّر إنساننا، ولا تسمح بتطوّره.
مثال على ذلك أن القوانين المتعلقة بالنساء في لبنان تبقى بنسبة كبيرة منها ظالمة لهنّ. يكفي النظر إلى أروقة قصر العدل في بيروت، ورؤية الملفات المليئة بالظلم بحقّ النساء، سواء بالعنف الأُسري أو مشكلات الحضانة ورعاية الأطفال بعد قضية طلاقٍ. انظروا إلى آلاف القضايا التي تقف أمامها امرأة عاجزة عن حضانة أولادها، فقط لأن القوانين الدينية والمدنية تسمح للأب، وعلى "مزاجه" في "السماح" للأم برؤية أولادها. انظروا كيف تعاني النساء في مسائل الطلاق، فضلاً عن ذكورية نظرة المجتمع تجاهها، والتي كُرّست قبل أيام بنقاشٍ جدلي، بطله نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، والذي أطلق خطاباً رافضاً للمرأة المطلّقة، ثم تراجع عنه بعد أيام، موضحاً قصده.
كم من امرأة وجدت نفسها خارج مجتمعها في لبنان، من دون دفاعٍ عنها؟ تحديداً نساء قُتلن على أيدي أزواجهن، لأنهم "شكّوا" فقط بخيانتهن أو "لأن الطبخ لم يكن جيداً" أو "لأنها لم تقم بالعمل المنزلي كما يجب" أو "لأنها ضحكت بوجود عائلته"، وغيرها من سخافاتٍ يموت كثيرون بسببها، لغياب القانون الحامي، سواء ببنودٍ فعلية تتيح للنساء مساواة قضائية تامّة مع الرجال، أو في ضعف تطبيق القوانين الموجودة، بسبب وجود القَتَلَة تحت حماية المليشيات وزعمائها المتغلغلين في الدولة وقضائها. كم من امرأةٍ تمضي النهار والليل عاملة، ثم يأتي زوجها، معتبراً إياها وكأنها "شيء" في المنزل، عليه "ألا ينام وقادر على تلبية متطلبات البيت"؟ وكأن المرأة آلة لا تتوقف عن العمل.
كم من امرأةٍ عانت من التحرّش اللفظي أو الجسدي، ومُنعت من الحديث أو إطلاع العالم على ما تعرّضت له، فقط "لأن المجتمع أقوى منها"، و"لأن الصيت أهم ممّا عانت منه الضحية"؟ كم من امرأةٍ وجدت نفسها أسيرة الرجال في حال أرادت العمل، لأن الأبواب، القانونية والعملية، مقفلة أمامها، ولا مجال للتنفس إلا بالتحوّل إلى فريسة؟ كم من امرأة وقعت ضحية شبكات الاتجار بالبشر، وخرج جلّادهن من دون محاسبة، فيما الألم الذي تعرّضن له بقي محفوراً في وعيهن؟ كم من امرأة وجدت نفسها في حالة إذلالٍ أمام مجتمعٍ ينتظرها على هفوة، فيما يبدو المجتمع نفسه مستعدّا لمحو جرائم ذكورية باسم "الخوف من القوي"؟
انظروا أيضاً إلى الوظائف في القطاعين العام والخاص، وجود النساء هناك لا يزال ضعيفاً للغاية. وبلغة اقتصادية، على الرغم من أن استخدام مزيد من العنصر البشري في القطاعات الإنتاجية قادر على دفع النمو الاقتصادي في البلاد. مع ذلك، تبدو الفيتوات أكبر من إمكانية مشاركة النساء للرجال في مواقع كثيرة.
وإذا كانت المشاركة ناقصةً في الوظائف، فإن السلوكيات الاجتماعية لا تزال خطرة، خصوصاً في لبنان. فما أن صدر القرار السعودي بقيادة النساء السيارات، حتى انتشرت النكات الذكورية، عن "ارتفاع نسبة حوادث السيارات بسبب النساء"، وعن"صعوبة أن تتمكّن امرأة من إيقاف سيارة بجانب الرصيف"، وغيرها من انتقادات ساخرة. قد يقول بعضهم إن "الأمر مجرد مزحة"، لكنها مزحة جندرية، يتمّ إسقاطها على جنسٍ بكامله، من دون تفكير. ومن هنا، يتمّ ترسيخ التمييز الجندري بين الجنسين، بدلاً من محاربته. إذاً، لا مجال لأي تحرّر فعلي للنساء، انطلاقاً من تحرّر الانسان، سوى بالمساواة التامّة، اجتماعياً وقانونياً. أما غير ذلك فليس سوى توارث عاداتٍ تدمّر إنساننا، ولا تسمح بتطوّره.