لبنان: رفض انعقاد البرلمان يهدّد تماسُك معسكرَي آذار

09 نوفمبر 2015
التوافق القواتي ــ العوني أكثر تماسكاً اليوم(حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
تأتي الجلسات التشريعية المقرّر عقدها يومي الخميس والجمعة المقبلَيْن في لبنان، لتضع القوى المسيحية أمام استحقاق جديد لاختبار مدى صلابة تفاهمها الداخلي ووحدة صفّ مكوّناتها الرئيسية. حتى اللحظة، يبدو أنّ كلاً من تكتل "التغيير والإصلاح" (برئاسة ميشال عون) وحزب "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع) متفاهمان إلى أقصى الحدود على عدم المشاركة في الجلسات في حال عدم إدارج بند قانون الانتخابات النيابية. ويلاقي حزب "الكتائب اللبنانية" (برئاسة سامي جميّل) الطرفيْن الآخريْن بتأكيده على خيار مقاطعة التشريع قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية (المنصب الشاغر منذ مايو/أيار 2014).

وتكلّل الإجماع المسيحي العام بانضمام البطريرك بشارة الراعي، إليه. فبعد ساعات على لقاءٍ ثلاثي جمع البطريرك، أمس الأوّل السبت، برئيس "القوات"، سمير جعجع وبأمين سرّ تكتل "التغيير والإصلاح"، النائب إبراهيم كنعان، موفداً من عون، سأل الراعي خلال عظة، أمس الأحد عن "التردد بشأن البتّ في مشروعيْ درس قانون جديد للانتخابات واقتراح قانون معجَّل مكرَّر خاص بتحديد شروط استعادة الجنسية المقدَّم منذ العام 2001"؟

تقول مصادر مسيحية لـ"العربي الجديد" إنّ "البطريرك يرعى جولة اتصالات مع كل من رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري وغيره من القيادات اللبنانية لتعديل جدول الأعمال، بغية إدراج بند القانون الانتخابي عليه كيفما اتفق، ولو لم يتمّ إقراره، لكن بغية ضمان مشاركة القوى المسيحية في الجلسة وفي القرار والتأكيد على احترام حقوقها ومطالبها".

وفي هذا الإطار، يؤكد عضو كتلة "القوات اللبنانية"، النائب أنطوان زهرا، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ثمة اتصالات قائمة ولا يمكن الكشف عن مضمونها"، وبالتالي يجب انتظار خلاصاتها للتوصل إلى قرار نهائي بشأن مشاركة حزبه في الجلسة".

وفي السياق نفسه، يشدد عضو تكتل "التغيير والإصلاح"، النائب آلان عون، على أنّ "التكتل" و"القوات" ليسا بصدد مقاطعة جلسة التشريع، إنما يعملان على توفير ظروف انعقادها، والأخذ بعين الاعتبار مطالبهما التي ترعى حقوق المسيحيين. ويؤكد عون على وجوب "إعطاء فرصة للاتصالات الحالية لنصل إلى حلّ يمكّننا من حضور الجلسة وإدراج مشروع قانون الانتخابات ومطالب المسيحيين بشكل عام".

اقرأ أيضاً لبنان: جعجع وكنعان في ضيافة الرّاعي لبحث الجلسة التشريعية

أما أوساط الرئيس نبيه بري، فتشير لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ عوائق دستورية وقانونية ومنطقية تحول دون إدراج بند القانون الانتخابي على جدول الأعمال، ومنها "التوافق الذي تمّ في الجلسة الأخيرة للبرلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، إذ خرجت توصية بوجوب إجراء الانتخابات الرئاسية وإقرار قانون للانتخابات وإجراءات الانتخابات النيابية". وبالتالي، يتّخذ بري من هذه التوصية ممسكاً لعدم إدراج الملف الانتخابي في الجلسات المقررة.

يقول عضو كتلة "التنمية والتحرير" (يرأسها نبيه برّي)، النائب قاسم هاشم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ثمة 17 اقتراح قانون للانتخابات مُقدَّمة من القوى السياسية ومشاريع قوانين أخرى تعود إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ولا توافق أو اتفاق على أي صيغة من هذه الصيغ المقترحة، وبالتالي لا إمكانية لإدراج أي منها على جدول الأعمال". وينقل هاشم عن بري تأكيده على أنّ "الموضوع هو موضوع أصول ودستور لا يمكن تجاوزه".

وفي ما يخص الحلول التي يتمّ التداول بها في المجالس النيابية لإيجاد مخرج يسمح للقوى المسيحية المشاركة في الجلسة، تشير أوساط بري أيضاً إلى أنه يمكن "للحلّ أن يكون في تقديم القوى المسيحية عبر أحد نوابها قانوناً انتخابياً بصفة معجَّل مكرَّر، يمكن للرئيس برّي إضافته إلى جدول أعمال الجلسة، فتحلّ المشكلة وتصطلح الأمور". هذا المخرج، هو الأقرب إلى الواقع والمنطق، علماً أنّ الجلسة التشريعية سبق ونالت ميثاقيتها الطائفية من خلال تأكيد مشاركة كل من كتلة "تيار المردة" (بزعامة النائب سليمان فرنجية) والنواب المسيحيين المستقلين في قوى 14 آذار وزملائهم في كتلة "تيار المستقبل" (برئاسة النائب سعد الحريري).

وفي السياق السياسي العام، يأتي استحقاق التشريع ليقسم بشكل عامودي التحالفات القائمة منذ عام 2005. وجد عون نفسه خارج تحالفه مع قوى 8 آذار وتفاهمه مع حزب الله تحديداً، كما انفصل حزبا "القوات" و"الكتائب" عن فريق 14 آذار. وبالتالي، يكون عنوان "الحقوق المسيحية ومطالب المسيحيين" هذه المرة قد تفوّق على غيره من العناوين في قدرة شق صفوف الفريقين اللذين يتقاسمان السلطة والدولة والقرار، علماً أنّ آخر تجارب توحيد الصف المسيحي، كانت عام 2013 في خيار تبنّي ما عُرف بـ"القانون الأرثوذكسي للانتخابات" (الذي طَرح انتخاب كل طائفة نوابها) والذي أجهضته "القوات اللبنانية" في اللحظات الأخيرة.

إلا أنّ التوافق العوني ــ القواتي أكثر تماسكاً اليوم، نتيجة "إعلان النوايا" الذي أطلقه الطرفان مطلع العام الحالي لتقريب وجهات النظر بينهما وتحديد النقاط الخلافية بغية "توحيد الصف المسيحي". ويبدو أنّ موضوع الجلسة التشريعية هو أولى الاختبارات الجدية التي سيخوضها هذا التفاهم المسيحي ــ المسيحي ونجاحه في تخطي هذه العقبة، أقرب من فشله، خصوصاً مع "مباركة" الكنيسة للقرار المتَّخذ في هذا الشأن.

اقرأ أيضاً لبنان: التعطيل مستمر بانتظار "صدمة" تعيد الحياة السياسية