لبنان: الأشغال الشاقة المؤبدة لقاتل طليقته نحراً

30 سبتمبر 2019
رفض للأنباء التي تبرر للقاتل جريمته (دييغو إيبارا سانشيز/Getty)
+ الخط -
مرة جديدة يقفل القضاء اللبناني ملف جريمة عنف منزلي بإصدار عقوبة مشددة ضد الجاني، بعد شهرين من إصدار القضاء حكمه في قضية سارة الأمين التي قتلها زوجها علي إبرهيم الزين في عام 2015، بإنزال عقوبة السجن القصوى بحقه.

وفي التفاصيل، أصدرت هيئة محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي إيلي الحلو، حكمها بعقوبة الإعدام وتخفيضها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة مع حفظ حق المدعين بالمطالبة بالتعويض المادي، على الجاني فادي عجمي الذي قتل طليقته ظريفة زيدان نحراً في يناير/كانون الثاني عام 2018 في محلة الرميلة، جنوب العاصمة بيروت، ورمى جثتها في منزل مهجور على شاطئ البحر.

وتعليقاً على الحكم، أكدت كل من مديرة منظمة "كفى عنف واستغلال" زويا جريديني روحانا، والمحامية منار زعيتر، لـ"العربي الجديد"، أن الحكم مقبول، وهو أقصى درجة، كما أنه فتح المجال أمام المدعين للمطالبة بالتعويضات.

وكانت الجمعيات النسائية قد ضغطت بقوة في السنوات الأخيرة لحماية النساء من العنف الأسري، بعدما هزّت لبنان عدة جرائم في السنوات الأخيرة راح ضحيتها العشرات من النساء، وبناء عليه صدر قانون رقم 293 المتعلق بـ"حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري" الذي أقرّه المجلس النيابي اللبناني في عام 2014.



وعلى الرغم من أن القضاء أصدر حكماً واضحاً في هذه القضية، إلا أن "الوكالة الوطنية للإعلام" عرضت في خبرها دوافع الجاني، الذي يبدو واضحاً من الحكم أن القاضي لم يأخذ بها، وأعطت لها مساحة، ما أثار استياء عدد من الناشطين.

وأوردت الوكالة، اليوم الاثنين، في سياق خبرها عن الحكم في القضية، إن ما أقدم عليه الجاني هو بسبب "سلوكها المشين" (أي طليقته)، وأنه ضبط على هاتفها الخليوي صورا غير محتشمة وأخرى من دون حجاب، وأن الأقارب والأصدقاء باتوا يطلقون عليه لقب "أبو قرون" على خلفية سلوك زوجته السابقة غير السوي.

ونسبت الوكالة هذه الادعاءات إلى "حيثيات الحكم"، وليس إلى إفادة الجاني، من دون أن تعرض رد أهل الضحية، قبل أن تنقل عن الجاني روايته لتفاصيل ارتكابه للجريمة وفق التحقيقات الاستقصائية.

وأوردت الوكالة "أن الجاني استدرج الضحية إلى كزدورة (مشوار) على الطريق البحرية من بيروت إلى مدينة صيدا جنوباً، بعدما اشترى البيرة والفودكا وراحا يحتسيانها معا، وقبل وصولهما إلى حاجز الجيش في الرميلة، ركن السيارة ونزل بصحبة الضحية حيث أكملا احتساء الكحول، وعندما أيقن بأنها ثملت أقدم على نحرها في رقبتها بسكين كان قد خبأها في السيارة كما طعنها في قلبها ويديها، وسحب الجثة، بعد التأكد من الوفاة، إلى داخل منزل مهجور حيث ألقى عليها التراب ورمى أداة القتل في البحر، وعاد الى منزله حيث أخبر زوجته الثانية بفعلته".

وفي هذا الإطار، تقول زويا جريديني روحانا، لـ"العربي الجديد"، إنه "في كل حالات العنف المنزلي، عادة ما يقدم الجاني رواية تشكك بسلوك الضحية"، مشيرة إلى أن عرض رواية الجاني بهذ الطريقة "غير لائق" بالحد الأدنى، خصوصاً أن الضحية غير موجودة للدفاع عن نفسها.

من جهتها، تقول المحامية منار زعيتر إنه فور صدور الحكم يصبح الاطلاع على حيثيات الحكم ممكناً، لكن الواضح أنه تم اقتطاع رواية الجاني، وعرضها بطريقة غير مهنية، متسائلة عن مسؤولية الإعلام في مثل هذه الحالات، خصوصاً أن مثل هذه الصياغة والاقتطاع تعزز جرائم العنف المنزلي بدلا من مواجهتها، عبر رمي المسؤولية بطريقة مباشرة على الضحية، خصوصاً مع عدم إدراج رد الحق الشخصي الممثل بأهلها، كما أن الحكم بحد ذاته لم يأخذ بهذه الدوافع والخلفيات بدليل الحكم الصادر.

ولفتت زعيتر إلى أنه بعد الذي حصل في السنوات الأخيرة من جرائم لم يعد مسموحاً فتح مساحات إعلامية لعرض خلفيات وذرائع مثل هذه الجرائم، بغية تبريرها، خصوصاً أن مرتكبي العنف عادة يسوقون مثل هذه التبريرات الاجتماعية، وبالتالي يهدر دم الضحية دوما.
المساهمون