يعتبر السكن العشوائي إحدى المشكلات الحادة التي تحاصر المواطن في غالبية الدول العربية. وهي مشكلة ترتبط بالسياسات الإسكانية التى طبقت منذ عقد السبعينيات وجعلت ملايين من البشر يعيشون على هامش الحياة، وليس فقط على أطراف وهوامش المدن.
وتطل أزمة النمط العمراني العشوائي كأحد تجليات أزمة السكن وكأحد إرهاصات مجتمعاتنا العربية. غالباً ما توصف المناطق العشوائية بأنها أحياء بنيت فى غياب التخطيط وأنها أيضاً تفتقد الى الخدمات وإن وجدت فإنها متهالكة. هي أماكن بائسة يسكنها فقراء المدن والمهاجرون من الأرياف التي ضاقت بأهلها وانعدمت فيها فرص العمل.
ليس للعشوائيات نمط عمراني موحد، فهناك الأحياء القديمة المتهالكة وهناك مساكن بنيت حديثاً على أطراف المدن أو على ما تبقى من أراض زراعية حول المدينة. ولكن الأكيد أن ثلث السكان فى مصر يسكنون الآن في العشوائيات.
وتعتبر السياسات السكانية العامل الحاسم فى انتشار هذه الظاهرة، كونها تهدف الى تراكم الربح والاتجار بالسكن بوصفه سلعة مربحة. ويستطيع المتتبع للقوانين الإيجارية فى الوطن العربي إدراك أن تلك القوانين تركت أثرها في زيادة سكان الأحياء العشوائية. حيث طبقت العديد من الدول من بينها مصر والسودان وتونس ولبنان سياسات إسكانية، أعطت القطاع الخاص دفة التحكم الكامل بأسعار السكن، واعتمدت تلك الدول على هذا القطاع في توفير الخدمات الإسكانية، في الوقت الذي تهربت فيه الدولة من مسؤوليتها فى توفير السكن بوصفه خدمة ضرورية للمواطنين.
أضف إلى ذلك، أن العديد من الدول العربية قام بصك قوانين تسمح بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، ليحدد أصحاب العقارات مدة عقد الإيجار والكلفة الشهرية للسكن. إضافة إلى إعطاء امتيازات سكانية للفئات النافذة. لعل النموذج المصري حالة شديدة الوضوح، حيث منحت الدولة بموجب قرارات إدارية ملايين الفدادين لمستثمرين وأصحاب شركات عقارية بمبالغ زهيدة، بينما لا يجد ملايين الفقراء وأبناؤهم من الشباب فرصة سكن او قطعة أرض للبناء عليها، بل يتم الاستيلاء على أراضيهم باسم حفظ هيبة الدولة وإزالة التعديات عن الاراضي.
إذن، لا بد من التأكيد على أن الأزمة ليست كما يحاول ان يردها البعض إلى نقص المعروض من المساكن الخالية، فتناول أزمة السكن على أرضية ندرة المساكن أو زيادة عدد السكان، لا يدخل في إطار التحليل المنطقي. ورغم تسليمنا بأن ارتفاع معدلات الطلب يساهم في الأزمة، لكن العامل الأساسي هو السياسات الإسكانية المطبقة والنمط الاقتصادي الذي تدور في فلكه تلك السياسات.
قصارى القول، إننا لسنا فى أزمة سكن بشكل عام، ولكن في أزمة توفير سكن للفقراء ومحدودي الدخل الذين يزدادون يوماً بعد يوم، بينما يتوافر الكثير من المساكن لمن يستطيع الدفع في المقابل.
(باحث مصري)
إقرأ أيضاً: كلفة التلوث في العراق: 6% من الناتج المحلي
ليس للعشوائيات نمط عمراني موحد، فهناك الأحياء القديمة المتهالكة وهناك مساكن بنيت حديثاً على أطراف المدن أو على ما تبقى من أراض زراعية حول المدينة. ولكن الأكيد أن ثلث السكان فى مصر يسكنون الآن في العشوائيات.
وتعتبر السياسات السكانية العامل الحاسم فى انتشار هذه الظاهرة، كونها تهدف الى تراكم الربح والاتجار بالسكن بوصفه سلعة مربحة. ويستطيع المتتبع للقوانين الإيجارية فى الوطن العربي إدراك أن تلك القوانين تركت أثرها في زيادة سكان الأحياء العشوائية. حيث طبقت العديد من الدول من بينها مصر والسودان وتونس ولبنان سياسات إسكانية، أعطت القطاع الخاص دفة التحكم الكامل بأسعار السكن، واعتمدت تلك الدول على هذا القطاع في توفير الخدمات الإسكانية، في الوقت الذي تهربت فيه الدولة من مسؤوليتها فى توفير السكن بوصفه خدمة ضرورية للمواطنين.
أضف إلى ذلك، أن العديد من الدول العربية قام بصك قوانين تسمح بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، ليحدد أصحاب العقارات مدة عقد الإيجار والكلفة الشهرية للسكن. إضافة إلى إعطاء امتيازات سكانية للفئات النافذة. لعل النموذج المصري حالة شديدة الوضوح، حيث منحت الدولة بموجب قرارات إدارية ملايين الفدادين لمستثمرين وأصحاب شركات عقارية بمبالغ زهيدة، بينما لا يجد ملايين الفقراء وأبناؤهم من الشباب فرصة سكن او قطعة أرض للبناء عليها، بل يتم الاستيلاء على أراضيهم باسم حفظ هيبة الدولة وإزالة التعديات عن الاراضي.
إذن، لا بد من التأكيد على أن الأزمة ليست كما يحاول ان يردها البعض إلى نقص المعروض من المساكن الخالية، فتناول أزمة السكن على أرضية ندرة المساكن أو زيادة عدد السكان، لا يدخل في إطار التحليل المنطقي. ورغم تسليمنا بأن ارتفاع معدلات الطلب يساهم في الأزمة، لكن العامل الأساسي هو السياسات الإسكانية المطبقة والنمط الاقتصادي الذي تدور في فلكه تلك السياسات.
قصارى القول، إننا لسنا فى أزمة سكن بشكل عام، ولكن في أزمة توفير سكن للفقراء ومحدودي الدخل الذين يزدادون يوماً بعد يوم، بينما يتوافر الكثير من المساكن لمن يستطيع الدفع في المقابل.
(باحث مصري)
إقرأ أيضاً: كلفة التلوث في العراق: 6% من الناتج المحلي