زيارة لافروف إلى تل أبيب: هل تمهد الطريق لصفقة إيرانية-إسرائيلية؟

23 يوليو 2018
لقاء نتنياهو لافروف يبحث الأوضاع في سورية(Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي تقر فيه الكثير من النخب السياسية والأمنية في تل أبيب بأن الغارات الجوية التي تستهدف الوجود العسكري لإيران والمليشيات التابعة لها لن تفلح في دفع طهران إلى مغادرة سورية، وفي ظل اعتراف تل أبيب بحجم رهاناتها على دور موسكو في تحقيق مصالحها هناك، يحط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الإثنين، في تل أبيب، في زيارة يرى البعض أنها قد تحمل في طياتها دور الوساطة بين إيران وإسرائيل.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة التي عقدت صباح اليوم، أنه سيلتقي مساءً وفداً روسياً يضم كلاً من وزير الخارجية سيرغي لافروف ورئيس هيئة أركان الجيش فاليري غيراسيموف.

وبحسب نتنياهو فإن زيارة الوفد الروسي جاءت بناء على مبادرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن الغرض منها مناقشة الأوضاع في سورية إلى جانب عدد من القضايا.

وأضاف: "سأقول على مسامع أعضاء الوفد الروسي ما قلته للرئيس بوتين خلال زيارتي الأخيرة لموسكو، إن إسرائيل ستصر على ضمان احترام اتفاق فصل القوات الذي صمد لمدة 40 عاماً".


وحسب ما ذكر موقع "وللا" الإخباري، اليوم، فإن اللقاء مع الوفد الروسي الرفيع سيبحث آليات تطبيق التفاهمات التي سبق أن توصل إليها نتنياهو وبوتين بشأن تسليم تل أبيب بعودة نظام الأسد إلى جنوب سورية، مقابل إبعاد الإيرانيين عن الحدود.

ووفقاً للموقع العبري، فإن نتنياهو سيبحث مع المسؤولين الروس تطبيق ما تم التوافق عليه في قمة "هلسنكي" التي جمعت، أخيراً، كلاً من بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تم خلالها الاتفاق على تنفيذ اتفاق فصل القوات بين سورية وإسرائيل للعام 1974، وضمن ذلك إبعاد القوات الإيرانية لمسافة 80 كيلومترا عن الحدود.

واستبق نتنياهو قدوم الوفد الروسي بتأكيده، التزام إسرائيل بمواصلة جهدها الحربي الهادف إلى إحباط "محاولات إيران والمليشيات التابعة لها للتمركز عسكرياً في سورية. ويدل إعلان التلفزيون الرسمي التابع لنظام بشار الأسد، أن إسرائيل هاجمت قبل ظهر اليوم موقعاً في محيط مدينة حماة السورية، على أن نتنياهو معني بإضفاء صدقية على تهديده هذا.

ويأتي الاجتماع بين نتنياهو والوفد الروسي في الوقت الذي يوشك نظام الأسد على استعادة سيطرته على كامل الجنوب السوري، وضمنه منطقة الجولان الحدودية، وهو التطور الذي تخشى إسرائيل أن يفضي إلى تغيير بيئتها الأمنية بشكل جذري، من خلال إفساح المجال أمام إيران و"حزب الله" والمليشيات الشيعية للتمركز بالقرب من الحدود.

وعلى الرغم من الحديث عن الصفقة التي توصل إليها بوتين ونتنياهو والترتيبات التي أقرتها قمة "هلسنكي" بشأن الآليات التي تضمن احترام مصالح إسرائيل الأمنية في جنوب سورية، إلا أن هناك شكوكا في تل أبيب إزاء قدرة موسكو أو رغبتها في تنفيذ هذه الصفقة.

وترى الكثير من المحافل في إسرائيل، أن روسيا غير قادرة على طرد الإيرانيين والمليشيات الطائفية التابعة لها من جنوب سورية والجولان، بسبب التصميم الذي تبديه طهران على تحقيق هذا الهدف من جانب، إلى جانب تمتعها بمسوغ "قانوني" يتمثل في أن الإيرانيين يحاججون بأنهم، مثل الروس، قدموا بناء على دعوة "الدولة السورية".

وتؤكد تل أبيب أن عناصر "حزب الله" والمليشيات قد اندمجوا بالفعل في كتائب وألوية نظام الأسد التي تتواجد حالياً في الجنوب السوري والجولان، وأنه من غير المستبعد أن يتمركز هؤلاء العناصر بالقرب من الحدود.

في الوقت ذاته، فإن هناك في تل أبيب من يشكك في رغبة موسكو في توظيف ثقلها في سورية في طرد الإيرانيين، على اعتبار أن أحداً ليس بوسعه تقديم عرض يغري روسيا بالإقدام على هذه الخطوة؛ لا سيما بعد تراجع فرص التوصل لصفقة شاملة مع الولايات المتحدة تضمن رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على موسكو في أعقاب احتلال شبه جزيرة القرم. ناهيك عن رغبة بوتين بعدم تهديد العلاقة مع طهران، في ظل رهانه على العوائد الاقتصادية الضخمة للاستثمارات الروسية في سوق الطاقة الإيراني.

في ظل هذه الأوضاع، فإن أكثر ما يمكن أن يقدمه الروس لإسرائيل هو مواصلة منح الضوء الأخضر بمواصلة الهجمات التي تستهدف وجود إيران وحزب الله. لكن المزيد من النخب الأمنية والسياسية في تل أبيب باتت تعي أن الغارات الإسرائيلية ستفشل في منع إيران من التمركز عسكرياً حتى في جنوب سورية.

وفي تغريدة كتبها اليوم على حسابه على تويتر، قال وزير الداخلية السابق جدعون ساعر، أبرز قيادات حزب "الليكود" الحاكم، إنّ "الهجمات التي تشنها إسرائيل لم تفشل فقط في منع إيران من تثبيت وجودها العسكري في سورية، بل إن طهران نجحت أيضاً في إحداث تحول على البيئة الأمنية في محيط إسرائيل من خلال جلب منظومات تسليح متطورة إلى سورية ومواصلتها إنتاج صواريخ هناك لخدمة أغراضها ولتزويد حزب الله بها".

من جهته، سخر نائب مدير "مركز يروشليم للدراسات الإستراتيجية، ومساعد مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو، عيران ليرمان، من تهديد إسرائيل بمواصلة توجيه الضربات الجوية للوجود الإيراني في سورية، مؤكداً أن هذه الإستراتيجية لن تنجح في إجبار إيران على مغادرة سورية.


علاوة على ذلك، فإن اضطرار قوى المعارضة السورية المسلحة على التوصل لتوافقات مع الروس تضمن انسحاب هذه القوى من مناطق تواجدها ليسيطر عليها نظام الأسد قلص من فاعلية التهديدات غير المباشرة التي توجهها تل ابيب لموسكو بتهديد مصالحها في سورية من خلال المس باستقرار نظام الأسد.

من ناحية ثانية، فإن إصرار الرئيس ترامب على سحب القوات الأميركية من سورية يفاقم القلق الإسرائيلي من تلاشي أوراق الضغط التي يمكن استخدامها ضد روسيا ونظام الأسد وإيران لمراعاة مصالح تل أبيب الأمنية.

وعلى الرغم من أن هذا لا يبدو واقعياً في هذه الأثناء، فإن المخرج الوحيد أمام إسرائيل يتمثل في توصلها إلى صفقة غير مباشرة مع إيران برعاية روسية، تلتزم فيها طهران بسحب قواتها من الجنوب مقابل تسليم تل أبيب بتمركز إيران عسكرياً في بقية مناطق سورية.

المساهمون