أعلنت رابطة اللاعبين المحترفين بالدوري الإنكليزي أسماء المرشحين لجائزة أفضل لاعب خلال الموسم الحالي في البريمرليغ والتي شملت قائمة مكونة من 6 لاعبين، بقيادة البلجيكي إيدين هازارد نجم تشلسي، كما يتواجد هاري كين مهاجم توتنهام، نغولو كانتي من تشلسي أيضاً، روميلو لوكاكو مهاجم إيفرتون، أليكسيس سانشيز مهاجم آرسنال، وزلاتان إبراهيموفيتش مهاجم مانشستر يونايتد.
واستحق هؤلاء النجوم التواجد ضمن القائمة النهائية بعد تقديمهم مستوى رائعاً طوال الموسم، ولم يتواجد نجم توتنهام ديلي آلي ضمن المرشحين رغم الأداء المثالي الذي قدمه مؤخراً رفقة السبيرز، ليكون اللاعب الوحيد المظلوم في الاختيارات. وتوقع البعض بأن غياب آلي جاء لوجود زميله هاري كين، اللاعب الأكثر شهرة وقيمة إعلامية بين أقرانه في إنكلترا، لتزيد حيرة الجماهير حول اللاعب الأقرب لنيل الجائزة رفيعة المقام.
قيمة المهاجمين
يحصل الهدافون على قيمة مضاعفة في كرة القدم، ترتبط هذه اللعبة أولاً وثانياً وثالثاً بالأهداف، نجوم المقدمة وعاشقو الشباك هم الأصل في عناوين الأخبار والنشرات الرياضية، لذلك استحق الخماسي سانشيز، إبرا، لوكاكو، هازارد، وكين التواجد القوي، بعد المساهمة الفعالة في انتصارات فرقهم، سواء بالصناعة أو التسجيل في مختلف المواجهات الصعبة قبل السهلة. ومع تصدر تشلسي للبطولة واقترابه بشدة من اللقب، فإن البلجيكي هازارد يتقدم بخطوة على منافسه من أباطرة الثلث الهجومي الأخير.
هازارد هذا الموسم مختلف عن السابق، لقد نضج بشكل واضح وفهم تماماً ما يريده مدربه. يقول إيدين عن كونتي، "إنه يتحدث عن التفاصيل الصغيرة، يعيد ويزيد في التدريبات، ويجعل الأمور الصعبة سهلة أمام كل اللاعبين، لذلك أشعر بتحسن واضح معه. في السابق رفقة مورينيو، لم يكن يركز على هذه الأجزاء البسيطة، لكن الآن الوضع اختلف للأفضل". وتشير هذه التصريحات إلى الثقة المتبادلة بين المدرب ولاعبيه، ليظهر كوستا وهازارد والبقية بمستوى ممتاز في بطولة الدوري.
قدم البلجيكي نفسه كفارق رئيسي في المباريات الكبيرة، أمام مانشستر سيتي بالاتحاد، المباراة التي أعطت كونتي دفعة قوية للانطلاق بعيداً بالصدارة، كان الفريق الخصم هو الطرف الأفضل في الساعة الأولى، لكن فرديات كوستا وهازارد حسمت الجولة لصالح تشلسي، من خلال المرتدات السريعة والمهارة الفائقة أمام دفاعات السيتي. ولا يقتصر الأمر على هذه النوعية من القمم، فتشلسي حسم عدة لقاءات صعبة أمام الفرق المتكتلة دفاعياً بسبب مهارة لاعبه في هزيمة المدافعين، وخلق تفوق عددي في وبين الخطوط بالمراوغة والسرعة والتسديد الحاسم.
الكرة الثانية
في إنكلترا، كرة القدم ليست عبارة عن استحواذ أو حتى هجمات مرتدة عند الحاجة، ولكن في أغلب الأحيان كل الفرق تقوم بعمل هجمات مرتدة ضد بعضها البعض في كل وقت، إلى ما لا نهاية. إنها ثقافة المرتدات حيث لا تميل الفرق إلى استعمال سلسلة التمريرات للحيال دون ذلك، وبالتالي هو أسلوب لعب مختلف عن الكرة الألمانية، يتحدث بيب غوارديولا عن الفارق بين البطولتين، مؤكداً أن الأمور في إنكلترا تحتاج إلى وقت أطول للتأقلم مع الأجواء الجديدة.
إنه تكتيك الكرة الثانية الذي أعطى ليستر سيتي البطولة بالموسم الماضي، يغلق ليستر مناطقه جيداً، ويُبعد أي هجمة سريعاً تجاه خط هجومه بالثلث الأخير. حصل كانتي على نموذج الإجادة في هذا المشروع، لأنه يضغط باستمرار على حامل الكرة من الفريق الآخر، ويركز على الفوز بالصراعات القوية على الأرض بعد الكرة الهوائية. هذا ما يسمى بخطف الكرة الثانية سريعاً قبل أن تتحول إلى هجمة مضادة بالقرب من مرماه.
حقق فريق رانييري البطولة بعد إغلاق مناطقه جيداً، والاعتماد على الكرات الطولية تجاه نصف ملعب المنافسين، معظمها تبدو دون فائدة وكأنها مجرد كرات عالية شاردة في نصف ملعب الخصم، لكنها عن قصد حيث يتجه معظم اللاعبين بعدها إلى اتجاه اللعبة، من أجل الحصول على التمريرة الثانية، وتحقيق المرتدة القاتلة. فاز ليستر بالدوري وحصل الثنائي فاردي ومحرز على المديح الكامل، مع جزء بسيط للفرنسي كانتي، الذي انتقل فيما بعد إلى تشلسي، ليحدث العكس بين الفريقين، ليستر يترنح والفريق اللندني يصعد إلى القمة بسرعة الصاروخ.
تجربة كانتي
لم يعد نغولو كانتي جندياً مجهولاً كما كان يتحدث الإعلام سابقاً عن ماكيليلي، الحقيقة أن كلود نفسه لم يكن منسياً، فبعد رحيله من ريال مدريد وانتقاله إلى تشلسي، هاجمت الصحف الأوروبية بمختلف ميولها فلورنتينو بيريز طوال سنوات طويلة، وتفنن الإعلام البريطاني في الحديث عنه، لدرجة خروج مسمى تكتيكي يعرف بـ "دور ماكيليلي" في إشارة للاعب الارتكاز الدفاعي الذي يقف أمام الرباعي الأخير، ويعطي زملاءه الحرية الكاملة للهجوم كما فعل الدينامو مع تشلسي مورينيو في طريقة لعب 4-3-3، حينما حصل "البلوز" على الدوري بفارق شاسع عن منافسيه.
سار كانتي هو الآخر على الدرب، لعب دوراً محورياً في خطة 4-4-2 لرانييري، يعود إلى الخلف ويحمي دفاعه، يركض خلف الكرة في كل مكان، ويمنع الهجمة قبل أن تمر تجاه مرماه. وفي تشلسي أيضاً هذا الموسم تحت قيادة كونتي مع رسم 3-4-2-1، لعب الفرنسي بجوار ماتيتش أو فابريغاس، ليحصل كل من هازارد وبيدرو على مساحة كبيرة للحركة، وينطلق هذا الثنائي خلف كوستا في ظهر الدفاعات المقابلة.
يهتم الإيطالي كونتي أيضاً بخلق التفوق النوعي على الأطراف، بصعود الظهيرين وضم واحد من الجناحين بجوارهما، ليتم الحصول على موقف 2 ضد 1 أو 3 ضد 2 أمام الفريق المنافس، وكلما صعد موسيس أو ألونسو رفقة أزبليكويتا وسيسك وبيدرو بين العمق والأجنحة، يعود كانتي للتغطية خلف كل هؤلاء، لذلك يفوز بعدد وافر من الافتكاكات والعرقلة. ومن دون لاعب بهذه المقومات، من الصعب بل المستحيل حفاظ كورتوا على شباكه في عديد المباريات، وتمتع هازارد بهذه الرفاهية في نصف ملعب الآخرين.
الأفضل
يعاني نغولو من عيوب أيضاً، لأنه ضعيف بعض الشيء في التعامل مع الكرة تحت الضغط، ويجد بعض الصعوبة في البناء من الخلف، لذلك يحتاج باستمرار إلى لاعب آخر مهاري بجواره، فعلها ديشامب ووضع بوغبا معه في منتخب فرنسا، وعاد سيسك إلى التشكيلة الأساسية لتشلسي حتى يقوم بهذه المهمة، وبالتالي فإن الضغط القوي على عمق تشلسي ونقل اللعب من جانب إلى آخر، يجعل الأمور صعبة أمام كانتي ورفاقه كما حدث هذا الموسم ضد توتنهام ذهاباً وإياباً.
يعرف أصحاب المهارة كيف يرهقون كانتي ويجبرونه على الركض، وفي مباراة إسبانيا وفرنسا الأخيرة، نجح بوسكيتس وإيسكو وإنيستا في جعله يجري كثيراً من دون الكرة، ليتعب ويترك بعض الفراغات في الشوط الثاني من المباراة، لكنه يبقى في النهاية أحد المشاريع الكروية المميزة التي قلبت المعادلة في البريميرليغ، وجعلته يتوج باللقب مرتين على التوالي في سابقة لا تتكرر بسهولة، وسط المنافسة الشرسة بين الجميع هناك.
من الصعب وضع كانتي كأفضل لاعب وسط في العالم نظراً للعيوب سالفة الذكر، لكنه الأميز حقاً في الدوري الإنكليزي ومن دون منافس حقيقي، حيث أن قدراته تناسب بشدة طبيعة التكتيك في بلاد الإنكليز، فالقوة والسرعة والانتقال من زاوية إلى أخرى كلها عوامل ترجح كفة لاعب الارتكاز أمام منافسيه. ومع كامل الاحترام لهازارد وكين وسانشيز والبقية، فإن نغولو يستحق بجدارة أن يكون لاعب العام في الدوري، بعد صنعه الفارق مرتين مع ناديين مختلفين، مع ليستر ثم تشلسي دون توقف.