كيف ازدهر التطرف في موقع "يوتيوب"؟

05 ابريل 2019
غادر موظفون "يوتيوب" بسبب هذا المشكل (إيثان ميلر/Getty)
+ الخط -
ينجح النظام الذي تم تصميمه لجذب أقصى قدر من انتباه المستخدم أبعد من كل التوقعات، لكن المطاف ينتهي به إلى نشر الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية في جميع أنحاء العالم. قد تبدو هذه العبارة عن "فيسبوك"، لكنها تنطبق كذلك على "يوتيوب" الذي تحول إلى بوق للمتطرفين، بحسب موقع "ذا فيرج" التقني.

نال "يوتيوب" نصيبه من النقد، واضطر الرئيس التنفيذي لشركة "غوغل"، مالكة "يوتيوب"، ساندر بيتشاي، للإجابة على أسئلة حول عملاق الفيديو أمام الكونغرس العام الماضي. لكن المنصة لم تنل ما يكفي من التدقيق في كيفيّة اتخاذها القرارات حول محاربة التطرف.

غضب داخلي من سياسات "يوتيوب"

أشار تقرير لوكالة "بلومبيرغ" إلى أنّ "يوتيوب" لا يشجّع الموظفين على البحث عن مقاطع الفيديو التي تنتهك قواعده، خشية مخاوف قانونية.

في أواخر عام 2017، قيل إنّ الرئيسة التنفيذية لموقع "يوتيوب"، سوزان ووجيكي، كانت تعمل على تجديد نموذج أعمال الشركة لدفع المال للمبدعين بناءً على مقدار الاهتمام الذي يجذبونه، بالرغم من الدلائل على أن هذه الطريقة تحفّز على إنتاج مقاطع مصممة لتثير غضب الناس، وزيادة خطر العنف في العالم الحقيقي. لكنّ بلومبيرغ قالت إنّ يوتيوب "لا يزال يكافح لشرح أي رؤية جديدة للشركة للجمهور والمستثمرين، وأحياناً لموظفيه. أشار خمسة من كبار الموظفين الذين غادروا "يوتيوب" و"غوغل" في العامين الماضيين بشكل خاص إلى عجز النظام عن ترويض مقاطع الفيديو المتطرفة والمزعجة كسبب لرحيلهم".


معاداة للإسلام ونظريات مؤامرة وتطرف

رُبط تفشي داء الحصبة بنظرية المؤامرات حول التطعيم على وسائل التواصل الاجتماعي. ووجدت بيانات جديدة، من شركة Moonshot CVE لدراسة التطرف، أن ما لا يقل عن عشرين قناة "يوتيوب" التي نشرت هذه الأكاذيب وصلت إلى أكثر من 170 مليون مشاهد، والكثير منها أوصل بعد ذلك المستخدمين إلى مقاطع فيديو أخرى محمّلة بنظريات المؤامرة.

مثل "فيسبوك"، بدأ "يوتيوب" في معالجة بعض المخاوف التي أثارها هؤلاء الموظفون المغادرون. وفي يناير/كانون الثاني، قالت الشركة إنها ستتوقف عن التوصية بما يطلق عليه "محتوى الشريط الحدودي"، وهي مقاطع فيديو تقترب من انتهاك السياسات لكنها تتوقف في آخر مرحلة. في العام الماضي، بدأت أيضاً بإضافة روابط "ويكيبيديا" ذات الصلة إلى بعض الخدع الشائعة، مثل مقاطع الفيديو التي تعلن أن الأرض مسطحة.

ومن الأمثلة على المتطرفين الذين استخدموا المنصة بسلاسة خلال السنوات القليلة الماضية تومي روبنسون، وهو ناشط يميني كان يقود في السابق منظمة معادية للإسلام ومناهضة للهجرة في المملكة المتحدة.


حلول "يوتيوب"...هل هي فعّالة حقاً؟

كانت منشورات روبنسون المعادية للإسلام ضارة بما فيه الكفاية لحظرها الأسبوع الماضي في "إنستغرام" و"تويتر"، لكن "يوتيوب" قرّر منذ يومين السماح له بالاحتفاظ بحسابه ومشتركيه البالغ عددهم 390 ألفاً، مع بعض القيود مثل إزالة عدد مرات المشاهدة مع "لائحة سوداء" تظهر قبل كل مقطع فيديو تحذر من أنه قد لا يكون مناسباً لجميع الجماهير، كما سيتم منع روبنسون من البث المباشر في قناته.

ويقول الخبراء إنه حتى في مواجهة الهجمات الإرهابية المروعة، لا يزال "يوتيوب" معقلاً للتشدد القومي الأبيض. على مدار الأيام القليلة الماضية، شوهدت مقاطع فيديو دعائية من القوميين البيض والنازيين الجدد، إما أن "يوتيوب" لم يكتشفها أو أنه سمح لها بالبقاء في المنصة، أو تم تحميلها حديثاً.

بعد ذلك، قالت إدارة "يوتيوب" لموقع "ذا فيرج" إنها حذفت مقاطع الفيديو، ووضعتها وراء تحذير من المحتوى، وأزالت بعض الميزات مثل الإعجابات والتعليقات، وتمت إزالتها من التوصيات، لكنها قررت في النهاية ترك مقاطع الفيديو متاحة ومن السهل الوصول إليها عبر البحث.

لا تقع مسؤولية حل المشكلة فقط على عاتق "يوتيوب"، لكن المزعج هو الطريقة التي روج بها "يوتيوب" للمتطرفين عن غير قصد، حتى أصبحوا من أقوى عناصره.