كوميديا التلفزيونات اللبنانية: بِه بِه بِه

01 مارس 2017
+ الخط -

تنقسم البرامج الكوميدية التي تعرض على القنوات اللبنانية بين برامج سكيتشات كوميدية، برامج نكات، برامج late night show و sitcoms وأخرى تجمع بين الترفيه وما يعتبرونه كوميديا. ولكل قناة حصتها من هذه البرامج التي تتنافس فيما بينها.

صيغة الـ late night show هي الصيغة الكوميدية الأحدث على هذه الشاشات، والملاحظة الأولى والأهمّ التي يستنتجها من يعرف ماذا تعني الكوميديا وشاهد هذه الصيغة المعتمدة منذ عقود على محطات عالمية حين يشاهد النسخة اللبنانية منها؛ هي أنّ مقدِّميها ومعدِّيها ومنتجيها لا يعرفون ما تعنيه الكوميديا. أي نعم؛ إنّهم يتابعون برامج الكوميديا العالمية، وهذا واضح من خلال تبنِّيهم لمبدأ ومفهوم وديكور هذه البرامج ويجيدون تقليدها من حيث الشّكل. ثم يتوقفون هنا، يتوقفون عند جودة المضمون، عند الكوميديا.

يُحضرون "نجمًا"، يضعون أمامه مكتبًا، وعلى أحد جوانبه فرقة موسيقية، وخلفه صورة كبيرة لمشهد ما، ويأتون بجمهور يطلبون منه أن يضحك ويصفّق كل خمس ثوانٍ، ويقولون للنجم: أنت الآن نجم كوميدي. هو يصدِّق، وهم يصدِّقون، والجمهور يصفق، والمشاهد له الله.

"أبرز" برامج الـ late night show  يتم عرضها على  قناتي قناة المر MTV والمؤسسة اللبنانية للإرسال LDCI. تلفزيون المرّ MTV يعرض برنامج "هيدا حكي" الذي يقدِّمه عادل كرم. عُرف كرم واشتهر من خلال برامج السكتشات الكوميدية (S.L.CHI، لا يمل) قدمها برفقة زملاء برزوا معه في هذه البرامج (عباس شاهين، رولا شامية، نعيم حلاوي).  ثم انتقل إلى قناة المر كمقدم منفرد لهذا البرنامج يستعرض فيه أبرز الأحداث اللبنانية السياسية، الفنية الاجتماعية، بإطار كوميدي، ويستضيف شخصية مشهورة.

استحدث أكثر من فقرة لتسريع إيقاع الحلقات.  يبدأ البرنامج بعزف الفرقة لموسيقى جينيريك البرنامج ويطل كرم على جمهوره بحركات راقصة بعض الشيء. حسنًا، لابأس، يحاول أن يكسر الجليد وطبعًا يقلد Ellen DeGeneres  في برنامجها. ولكن لما لا؟ ففورمولا البرنامج كلها مستوردة.

يبدأ بطرح بعض الأفكار والنكات من خلال بضع دقائق stand-up comedy. فكرم الذي راكم خبرة في برامج السكتشات الكوميدية يخرج في دقائق الـ stand-up comedy  من الـ comfort zone  خاصته، حيث لا جمهور مباشر، كما أنه أمام زملاء أصبحوا أصدقاء على مدار سنوات من العمل معًا، ويمكن إعادة أي مشهد أكثر من مرة إلى أن يتقن ليصبح مضحكًا.

أما على مسرح برنامجه فيستعين بـ شادي الذي يرحب كرم به وبفرقته في بداية الحلقة والذي يفترض أن يقدّم عونًا ما لكرم. فنرى الأخير كل الوقت يوجه حديثه ونكاته ونظراته لشادي ذي نظارة الشمس الحمراء، منتظرًا منه إضافة ما، إلا أن كل ما يفعله شادي هو تكرار آخر كلمه من أي جملة قالها كرم، أو التعليق بكلمات مثل: شِفِت؟، أكيد، عَجَبَك؟ يا عين، مظبوط، ويضحك طبعًا طيلة الوقت.

أما كرم نفسه فيعتمد في إضحاك الجمهور على كلمات مثل "هبيلة"، "انشالله تموت"، "مسطول"، "الحمارة"، "حيونة"، "كول هوا"، "انقبر". كل هذه المفردات و"النكات" أستخدمت في حلقة واحدة، بل في أقل من خمسة دقائق. هي نفسها الحلقة التي قرر خلالها كرم ومنتج وكتاب البرنامح أن يوجهوا ردًّا على من انتقد أداء عادل كرم؛ فقال الأخير: "اللي بيسوا واللي ما بيسوا صار فيلسوف.. صار كلّو عندو رأي، بيبقى قد الفص وبدو يعطي رأيو"، وأشار بيده إشارة تربط بين الفص وقصير القامة، أو صغير السن.

لم يحدد كرم المعايير التي يجب أن تكون عند من يعطي رأيه بأدائه، كل ما فهمنها أنه لا يجب أن يكون "فصًا"، مع إضافة تعابير غير مفهومة على وجهه يظن أنها مضحكة ويعتمدها كإيعاز لجمهور الستوديو للضحك. ثلاثة كتاب (عماد موسى، طارق كرم وناصر فقيه) يكتبون لعادل كرم ما يتفوه به ويظنون أنه يجعلنا نضحك.

المؤسسة اللبنانية للإرسال  LDCI تعرض برنامج "لهون وبس" الذي يقدمه هشام حداد. كان لحداد تجارب سبقت هذا البرنامج حيث قدم "حرتقجي"، وآخر للنكات LOL الذي يستضيف مجموعة من الشخصيات المشهورة ويتناوبون على إلقاء نكات.

وله تجارب في التمثيل، آخرها الآن في صالات السينيما اللبنانية. مواضيع برنامج "لهون وبس" لا تختلف عن مواضيع البرنامج المنافس "هيدا حكي" إلا من ناحية الأسلوب. فكلاهما يعتمد على ما نقرأه على أخبار الأسبوع المتنوعة وعلى أخبار ونكات مواقع التواصل الاجتماعي، وكثيرًا ما تكون هذه النكات تكرارًا لنكاتنا نحن على مواقع التواصل.

وهو ككرم يستضيف شخصية مشهورة وبالطبع لديه مكتب وMUG  ولديه أيضًا سعدان أو قرد صغير من قماش لا نفهم كيف لهذا الأمر أن يكون مضحكًا في كل حلقة. يعتمد حداد على جاد في فرقة البرنامج الموسيقة أكثر من اعتماد كرم على شادي، أو بالأحرى تلبية جاد حاضرة وأكثر خفة من تلبية وخفة شادي. حركته أخفّ على المسرح وهو يعتمد عليها أكثر من اعتماد كرم على خفَّته غير الملحوظة، إيقاع نكتة حداد وبديهيته أسرع ويعود هذا الفرق إلى أن حداد هو من يعدّ برنامجه، فيما أسلوبه لا يخلو من السوقية.

بقي البرنامجان على مسافة ضوئية من كوميديا النسخة العربية الأشهر لبرامج الـ late night comedy ، وهو برنامج "البرنامج" لباسم يوسف، ومؤخرًا اعتمد كلاهما على انتقاد مقدِّم البرنامج المنافس. تحولت المنافسة بين البرنامجين إلى منافسة بين كافة برامج كل من المحطتين، لتنضم برامج محطات أخرى أيضًا وتصبح مواضيع كل البرامج السخرية من برامج المحطات الأخرى كلها لخدمة الرايتنغ وعلى حساب وقت وذائقة المشاهد.

حتى الآن، تعتمد البرامج "الكوميدية" بكافة أشكالها على عناصر النكتية البذيئة، الإيحاءات الجنسية، التنكر بشخصيات كاريكاتورية، حسناوات مثيرات، تعابير وجه الممثل وجمهور الممثل، ويغيب عنها كلّها عناصر النكتة وصانعيها: التحضير الجّدي للمادة، والذكاء. وعندما تحضر الضحكة في منازل المشاهدين، فتكون على مفهوم هؤلاء للنكتة وليس على نكاتهم.

المساهمون