أجبر فيروس كورونا غالبية اليمنيين على التخلي عن أجواء عيد الفطر المتوارثة، وعلى الرغم من التزام البعض بالإجراءات الاحترازية، إلا أن السلطات الصحية تخشى من استهتار قد يتسبب في حدوث موجة تفشٍّ كبيرة للوباء.
وأضاف كورونا أعباء جديدة على كاهل اليمنيين، وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إن نحو 80 في المائة من سكان اليمن، لا يستطيعون الاحتفال بالعيد بسبب النزوح والفقر والفيضانات التي فاقمتها الآن جائحة كورونا.
وسجل اليمن، حتى مساء أمس السبت، 40 وفاة بالفيروس، و215 إصابة في 10 محافظات، وسط مخاوف من انفجار أكبر خلال أيام العيد، ما منع كثيرين من الانتقال إلى الأرياف لزيارة الأهل والأقارب.
وقال محمد القدسي، وهو من سكان مدينة تعز، لـ"العربي الجديد"، إنه قرر عدم السفر إلى ريف الحجرية هذا العام حفاظا على سلامة أسرته، وإن العشرات من أصدقائه وأقاربه اتخذوا نفس القرار. "كانت الأعياد تجمع شمل الأسرة من محافظات مختلفة، لنلتقي في منزلنا الكبير بالريف لقضاء الإجازة، لكن الوضع الصحي يحتم علينا البقاء في منازلنا هذا العام".
وأعلنت السلطات الأمنية في صنعاء، إغلاق الحدائق العامة، وأماكن التجمعات، وإضافة 44 حاجز تفتيش داخل العاصمة، فضلا عن حملة أمنية مكثفة على المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وفي مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، اتخذت السلطات المحلية قرارات فردية، ففي حضرموت، تقرر فرض إغلاق جزئي في أول أيام العيد حتى الرابعة عصرا، فيما يبدأ الحظر من ثاني أيام العيد من الثانية ظهرا وحتى السادسة صباحا، وحتى إشعار آخر، وفي محافظة مأرب، أعلنت السلطة المحلية فرض حظر جزئي من الخامسة مساء وحتى السادسة صباحا، ابتداء من أول أيام العيد وحتى إشعار آخر.
وبعد فشل إجراءات الحظر في غالبية المدن اليمنية خلال شهر رمضان، تخشى السلطات الصحية من تكرار الأمر خلال عيد الفطر، والذي تكثر فيه المصافحة واللقاءات الأسرية، لذلك كثفت دعواتها إلى إقامة صلاة العيد في المنازل، وقررت إغلاق الحدائق والمتنزهات.
وقال وزير الصحة بالحكومة المعترف بها دوليا، ناصر باعوم، ليل السبت، إن عدم التقيد بالإجراءات الاحترازية سيزيد من انتشار الفيروس في المحافظات، وسيصل إلى المناطق التي لم يصلها بعد، خصوصاً مع خروج الناس من المدن إلى الأرياف لقضاء إجازة العيد.
وطالب المسؤول اليمني، السلطات المحلية بمراقبة تنفيذ الإجراءات، وتوعية المواطنين للبقاء في المنازل، وعدم التجمع، أو الخروج إلا للضرورة، لافتاً إلى أن استمرار الحركة في الأسواق والمتنزهات غير منطقي، وأن الاستهتار بالاحتياطات غير مقبول.
وتحدثت وزارة الصحة الخاضعة للحوثيين، عن "ظروف استثنائية"، ودعت السكان إلى قضاء العيد بالمنازل، والاكتفاء بالمعايدة عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم التنقل بين المحافظات والمديريات، كما طالبت بمنع الأطفال من أخذ الهدايا المالية، أو ما يُعرف بـ"عسب العيد"، نظرا لإمكانية انتقال الفيروس عبر العملة النقدية، وكذلك الامتناع عن تناول حلويات العيد في منازل أخرى.
وفي مسعى منها لتقديم المزيد من الإغراءات للسكان للبقاء في منازلهم، أعلنت وزارة الاتصالات اليمنية، عن مجانية الاتصال داخل الشبكة الهاتفية المنزلية، وتقديم 50 في المائة رصيدا إضافيا عند سداد باقات الإنترنت خلال فترة إجازة العيد.
ويقول سكان في صنعاء، إن الاجراءات المعلنة من قبل السلطات لا ترقى إلى مستوى الكارثة الصحية، ويشيرون إلى وفاة العشرات بأعراض فيروس كورونا. وقال أيمن أحمد لـ"العربي الجديد": "شريحة كبيرة من الناس لن تتعامل مع مجرد نصائح، كان مفترضا صدور قرارات إغلاق مصليات العيد، وأسواق القات الشعبية التي تشكل أكبر أماكن للتجمعات. وعي المجتمع متدن للغاية، وإخفاء الإصابات ساهم في استهتار الناس، ومن المتوقع أن يمارس الكثير ما اعتادوا عليه خلال العيد، كما فعلوا خلال رمضان".