بعد أقلّ من أربع وعشرين ساعة على إعلان منظمة الصحة العالمية تفشّي فيروس كورونا "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً"، أمس الخميس، وتأكيد أمينها العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس أنّ لا سبب يستدعي اتخاذ تدابير تتعارض مع السفر، وبالتالي لا توصيات بالحدّ من الحركة، صرّح المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير، أمس الجمعة، بأنّ "إغلاق الحدود لوقف انتقال عدوى فيروس كورونا الجديد من الصين، قد لا يكون إجراءً فعالاً، لا بل قد يسرّع انتشار الفيروس"، موضحاً أنّ "إغلاق الممرات الحدودية الرسمية يؤدّي إلى فقدان إمكانية تتبّع الناس ومراقبة تحركاتهم".
أضاف ليندماير: "قد يكون منطقياً القول إنّنا نواجه خطراً من الخارج، فلنقفل على أنفسنا. لكنّنا ندرك من تجارب سابقة، سواءً أكانت فيروس إيبولا أو حالات أخرى، أنّه في حال أراد الناس السفر فيما الممرات الرسمية مغلقة، فإنّهم سوف يعثرون على طرقات غير رسمية". وشدّد على أنّ "الطريقة الوحيدة للمراقبة، عبر فحص حرارة الجسم مثلاً، تتمّ عبر الرحلات الرسمية، بهدف التأكد من حمل الوافدين عبر الحدود الرسمية علامات إصابة أم لا"، مؤكداً أنّ "هذا سبب مهم جداً لإبقاء نقاط العبور الحدودية الرسمية مفتوحة".
من جهته، أكّد مندوب الصين في جنيف شين شو أمام الصحافيين أنّ "لا حاجة لأيّ ذعر غير ضروري، ولا حاجة إلى اتّخاذ تدابير مفرطة"، مشدداً على أنّ بكين تعمل بشكل حازم لاحتواء المرض. لكن على الرغم من ذلك، كثّفت دول عدّة قيودها على السفر، وآخرها منغوليا. فهي أعلنت اليوم الجمعة أنّها سوف تغلق كلّ المعابر الحدودية مع الصين حتى الثاني من مارس/ آذار المقبل، لمنع انتشار فيروس كورونا، فيما أمهلت رعاياها في الصين حتى السادس من فبراير/ شباط المقبل للعودة إلى البلاد. يُذكر أنّ أيّ إصابات بالفيروس لم تُسجَّل في منغوليا الواقعة ما بين الصين وروسيا التي سبق أن أغلقت معابرها الحدودية. وربّما تكون تلك الإجراءات ضرورية، لا سيّما أنّ رئيس بلدية مدينة ووهان، مركز تفشّي كورونا الجديد، وسط الصين، تشو شيان وانغ، قد صرّح بأنّ احتواء الفيروس ما زال مهمّة "شاقة ومعقدة". أمّا نائبه تشو هونغ لان، فقال إنّ الأقنعة الواقية وغيرها من الإمدادات الطبية ما زالت غير كافية. وقد أتى ذلك في خلال مؤتمر صحافي عقداه اليوم الجمعة.
في سياق منفصل، أعلن كبير مسؤولي الصحة في إنكلترا كريس ويتي، اليوم الجمعة، أنّ الفحوص أثبتت إصابة شخصَين من أسرة واحدة في إنكلترا بفيروس كورونا، وذلك في أوّل ظهور للمرض في المملكة المتحدة. وكان مسؤولو صحة بريطانيون قد صرّحوا في وقت سابق بأنّه من المرجّح جداً ظهور السلالة الجديدة من فيروس كورونا في المملكة المتحدة. وأوضح ويتي أنّ "المريضَين يتلقيان الرعاية من قبل الخدمات الصحية الوطنية المتخصصة، ونحن نطبّق إجراءات سبق اختبارها واتباعها للوقاية من العدوى ومنع انتشار الفيروس". أضاف أنّ "هيئة الخدمات الصحية الوطنية مجهّزة تماماً ومعتادة على التعامل مع حالات العدوى، ونحن نعمل بسرعة بالفعل لتحديد من هم الأشخاص الذين تواصل معهم المريضان لمنع انتشار الفيروس". وقد أفادت وزارة الصحة بأنّ المريضَين يخضعان للعلاج في مستشفى في نيوكاسل، شمال شرقي إنكلترا.
وفي قطر، جدّدت وزارة الصحة العامة تأكيد متابعتها المستمرة والحثيثة لتفشّي فيروس كورونا الجديد حول العالم، موضحة أنّ أيّ إصابة لم تُسجَّل حتى اللحظة في البلاد. وشدّدت على أخذ كل التدابير والإجراءات الاحترازية اللازمة لترصّد أيّ حالة يُشتبه في إصابتها في مطار حمد الدولي، وذلك بعد نصب كاميرات حرارية في المطار ورفع الوعي بين المسافرين حول أعراض الإصابة بالفيروس الجديد. وطمأنت وزارة الصحة العامة الناس بأنّ القطاع الصحي في الدولة على أهبة الاستعداد للتعامل مع أيّ وضع يتعلّق بفيروس كورونا الجديد، موضحة أنّها اتخذت كل الإجراءات لضمان تشخيص وعلاج الحالات عند اكتشافها بالإضافة إلى عزل مخالطي المرضى عند اللزوم. أضافت أنّ الإجراءات المتخذة من شأنها تقوية المراقبة الصحية عند كلّ منافذ الدولة ورفع الوعي لضمان حصول الناس على المعلومات الصحيحة الدقيقة حول المرض وأهمّ طرق الوقاية منه. وكانت وزارة الصحة العامة في قطر قد عمدت منذ بداية ظهور الفيروس في الصين إلى إصدار الأدلة والإرشادات الوطنية للتعامل مع فيروس كورونا الجديد، مع الطلب من كل المستشفيات والمرافق الصحية الحكومية والخاصة في الدولة التبليغ عن أيّ حالة اشتباه في العدوى، خصوصاً بين المسافرين العائدين من دول ينتشر فيها المرض. كذلك أوصت وزارة الصحة بتجنّب السفر لغير الضرورة إلى المدن حيث يسري الفيروس في الصين، في الوقت الراهن.
وفي تايلاند، صرّح نائب المدير العام لإدارة مكافحة الأمراض في تايلاند تاناراك بيبات، اليوم الجمعة، بأنّ البلاد شهدت أول حالة انتقال لفيروس كورونا الجديد من شخص إلى آخر، في حين ارتفع عدد الإصابات الإجمالي إلى 19 حالة، وهو ثاني أعلى عدد بعد الصين. وقال تاناراك إنّ أوّل مريض يصاب بالفيروس في داخل تايلاند هو سائق سيارة أجرة تايلاندي، موضحاً أنّ المريض "لم يسبق له أن سافر إلى الصين ومن المرجّح أنه أصيب بالمرض من مسافر مريض جاء من هناك". وقد أجرت السلطات فحوصات على 13 شخصاً، من بينهم ثلاثة من أفراد أسرة واحدة، كان السائق قد تواصل معهم، للتأكد من خلوّهم من الفيروس. ولم تظهر النتائج الأولية إصابة أيّ منهم. وبينما أكّد تاناراك أنّ "خطر العدوى ما زال محدوداً في تايلاند، بشكل عام" شدّد على ضرورة "اتّخاذ الناس إجراءات وقائية". يُذكر أنّ السائق واحد من خمس حالات أكّدتها تايلاند اليوم الجمعة، علماً أنّ سبعة من المصابين البالغ عددهم 19 عادوا إلى منازلهم، في حين ما زال 12 آخرون يتلقّون العلاج في المستشفيات. وبحسب السلطات المعنية، فإنّ المرضى، باستثناء اثنَين فقط، هم سيّاح صينيون يزورون البلاد.
وفي روسيا، أعلنت السلطات أنّها سوف تعيد مواطنيها من الصين، على خلفية فيروس كورونا الجديد. أتى ذلك بعيد كشف نائبة رئيس الوزراء الروسي، تاتيانا غوليكوفا، اليوم الجمعة، عن إصابتَين بفيروس كورونا الجديد سُجّلتا على الأراضي الروسية، الأولى في إقليم زابيكال بسيبيريا والثانية في مقاطعة تيومين بالأورال. وأضافت أنّ "المصابَين مواطنان صينيان وهما يخضعان لرقابة مشدّدة ومعزولان، فيما تُقدّم المساعدة اللازمة لهما". وفي سياق متصل، صرّح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم الجمعة، بأنّ الكرملين يرى في فيروس كورونا الجديد سبباً لقلق كبير، مؤكداً أنّ الخطر قائم ويستوجب اتخاذ تدابير خاصة. يُذكر أنّ وزارة الخارجية الروسية كانت قد أعلنت، أمس الخميس، أنّ روسيا سوف تعلّق إصدار تأشيرات إلكترونية للمواطنين الصينيين مؤقتاً، على خلفية انتشار الفيروس في الصين.
وفي إيطاليا، أعلنت الحكومة، اليوم الجمعة، حالة طوارئ صحية لمدّة ستة أشهر، بسبب المخاطر الصحية المتعلقة بفيروس كورونا الجديد. وأوضح وزير الصحة الإيطالي روبيرتو سبيرانتسا، في خلال مؤتمر صحافي عقده مع رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، أنّ الحكومة قرّرت إعلان حالة الطوارئ في البلاد في ضوء إعلان منظمة الصحة العالمية الأخير، "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً"، وذلك أسوة بالإجراءات التي كانت قد اتخذتها عند مواجهة عدوى إنفلونزا الطيور في عام 2003. أضاف سبيرانتسا أنّ هيئة الحماية المدنية ووزارة الصحة سوف تعملان على إعلان وتطبيق كلّ تفاصيل قرار مجلس الوزراء الذي خصّص خمسة ملايين يورو لتفعيل التدابير التي تبقى "احترازية" وتضع إيطاليا في "أعلى درجات الحيطة على المستوى الدولي". وبخصوص الإصابتَين بفيروس كورونا الجديد اللتَين اكتُشفتا في العاصمة روما، أمس الخميس، شدّد كونتي على أنّه "لا داعي للهلع"، مشيراً إلى أنّ الطائرة الخاصة بإجلاء الإيطاليين العالقين في مدينة ووهان الصينية سوف تصل إلى البلاد بعد غد الأحد.
وفي الولايات المتحدة الأميركية، أوصت وزارة الخارجية الأميركية مواطنيها بـ"عدم السفر" إلى الصين، أخيراً، بسبب فيروس كورونا الجديد، فيما دعت الأميركيّين "الموجودين حالياً في الصين إلى درس إمكانيّة مغادرة البلاد باستخدام الوسائل التجاريّة". كذلك طلبت الوزارة، عبر موقعها الإلكتروني، من جميع الموظّفين غير الأساسيّين في الإدارة الأميركيّة تأجيل سفرهم إلى الصين.