كمّاشة التقشف في الجزائر...تجميد مشاريع الصحة والنقل والتعليم

02 نوفمبر 2019
التقشف يجمّد مشاريع تطوير النقل العام (فرانس برس)
+ الخط -
جمّدت "كماشة التقشف" في الجزائر العديد من البرامج والمشاريع الكبرى، التي أطلقتها الحكومة قبل سنوات، وذلك بدافع شح الموارد المالية التي دفعت حكومة تصريف الأعمال، إلى تقليص ميزانية التجهيز بملياري دولار، ما يطاول المشاريع الحيوية بالنسبة للمواطنين، وقد بلغت نسبة الأشغال في جزء منها حوالي 30 في المائة.
وحكمت الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر منذ 2014، والتي بلغت الذروة بعد تهاوي احتياطات الصرف، على العديد من المشاريع الكبرى بالجمود لسنة أخرى، وذلك بعدما حمل مشروع موازنة 2020 تأجيل رفع التجميد عنها لسنة 2021، في حال انتعاش عائدات البلاد من النفط.

وحسب نائب مدير الميزانية في وزارة المالية عبد الجبار قويدري، فإن "أكبر المشاريع المجمدة هي خمسة مستشفيات جامعية كبرى بغلاف مالي فاق الملياري دولار، المشروع تم اعتماده في 2014 وأُدرج في موازنة 2015.
لكن تراجع إيرادات الخزينة العمومية دفع بالحكومة لتجميده 4 مرات. بالإضافة إلى تجميد توسعة خطوط "مترو الجزائر العاصمة" وهي التوسعة التي تمتد للضاحية الغربية من العاصمة ومجمدة منذ 2017. وكذا تم تجميد مشروع "ترام واي" (TRAM-WAY) في 3 محافظات بغلاف مالي يعادل مليار دولار".

وأضاف المتحدث ذاته لـ"العربي الجديد"، أن "التجميد طاول أيضا عشرات المشاريع الأخرى منها مدارس ومراكز تكوين مهنية، بالإضافة للعيادات والملاعب الصغيرة وإعادة تهيئة طرق وطنية". 
وواجهت حكومة تصريف الأعمال الجزائرية صعوبة في إعداد موازنة العام 2020، المنتظر أن يناقشها البرلمان بعد أسبوعين.

ووجدت حكومة نور الدين بدوي نفسها أمام تحدي الحسابات السياسية، التي تلقي بظلالها عادة على إعداد قانون المالية، في مقدمتها امتحان الإبقاء على ميزانية الدعم، لشراء السلم الاجتماعي.
وفي موازاة ذلك، تعاني من صعوبة في جمع الأموال، في ظل شح الموارد المالية وارتفاع الإنفاق الذي رفع حجم الموازنة إلى 64 مليار دولار سنة 2019.

واضطرت الحكومة إلى خصم ملياري دولار من ميزانية التجهيز (ميزانية المشاريع) التي تراجعت إلى 20 مليار دولار، بعدما كانت 22 مليار دولار في 2019، وذلك بعد تجميد العديد من المشاريع الكبرى.
ودفع نقص الموارد المالية حكومة تصريف الأعمال الجزائرية إلى الدوس على الخطوط الحمر، وإدخال تعديلات عميقة في العقيدة الاقتصادية للدولة، وذلك بفتح الأبواب أمام الاستدانة الخارجية المشروطة، وإزالة القواعد الاستثمارية الصارمة أمام الأجانب الراغبين في ولوج الأسواق.

وقررت حكومة نور الدين بدوي المؤقتة رفع القيود المقررة في إطار قاعدة 51/49 المطبقة على الاستثمارات الخارجية في الجزائر والتي تمس القطاعات غير الاستراتيجية، مع إمكانية اللجوء بطريقة انتقائية إلى التمويل الخارجي من المؤسسات المالية العالمية للتنمية، لتمويل المشاريع الاقتصادية الهيكلية وذات المردودية بمبالغ وآجال تتوافق مع مردودية هذه المشاريع وقدرتها على السداد.
وتبدو الحكومة مجبرة اليوم بقوة المؤشرات الاقتصادية الحمر على تغيير "عقيدتها الاقتصادية"، خاصة الاستثمارية المتعلقة بتحديد نسبة حصة الأجانب بـ49 في المائة في المشاريع المشتركة، لزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية التي بلغت 3.1 مليارات دولار عام 2009، وأصبحت 2.6 مليار دولار في نهاية 2015، وهوت إلى أقل من 1.2 مليار دولار في 2018، وسط تراجع الاحتياطي الأجنبي إلى 72 مليار دولار.

وفي السياق، قال الخبير الاقتصادي فرحات علي إن "تجميد المشاريع بات يؤرق الحكومة الجزائرية وهو ما دفعها لفتح باب البحث عن تمويل خارجي، مثل ما حدث مع ميناء شرشال الذي مولت أشغاله الحكومة الصينية، وبالتالي يمكن أن نشهد تجارب مماثلة".
وأضاف الخبير الجزائري لـ"العربي الجديد"، أن "شح الموارد أثر على الاستثمارات الحكومية التي تقلصت بقرابة 40 في المائة منذ 2015، وأثر أيضا على قطاع المقاولات والأشغال العامة، حيث تعيش الآلاف من الشركات على حافة الإفلاس".

وكانت احتياطات النقد الأجنبي في الجزائر قد تراجعت إلى 72.6 مليار دولار مع نهاية إبريل/نيسان 2019، مقابل 79.88 مليار دولار في نهاية سنة 2018، أي بانخفاض قدره 7.28 مليارات دولار في أربعة أشهر، حسب أرقام وزارة المالية.
وتشير التوقعات الرسمية إلى سرعة تآكل احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي الجزائري، متعدياً الخطوط الحمر مستقبلاً.


المساهمون