كما لو أنَّ النهاية كانت وشيكة

25 ديسمبر 2019
(ديميتريس أنغيليس، تصوير: ميلتون مارتينيز)
+ الخط -

سأكتب قصيدةً حول الأحد الصامت
قصيدةً تُسمّي الذئاب ذئاباً
والمجرمين مجرمين
سأخرج للعراء لأصرُخَ
كما لو أن شيئاً ما يُغرقني
سأقرأ "جوزيف روث"
وأعيد تذكّر
"ما بين الحروب" لـ"ليونَدريس"
سأرقص على نغمات "فرسان في العاصفة"
كما لو أنَّ النهاية كانت وشيكة
سأكون هدنتكِ ما بين حربَين
وتكونين نهايتي.
سأخرج من البيت
سأخرج إلى نهاية ذاتي
سأشتري الصحيفة
وأذهب لأرى المتقاعدين
يلعبون الشطرنج على دكّة الرصيف.
سأتخيّل ملاكاً بيزنطياً
ينزل نحو المياه
هامساً بكلمات غير مفهومة
سأمرُّ بالمقهى
حيث يتحدّثون في السياسة وكرة القدم
سأهاتف الكهربائي
سأهاتف الطوبوغرافي
سأطلب السكَّر من جاري
حتى لا يكون الأحد صامتاً
وحتى لا أكتب شعراً.


■ ■ ■


مدينتي اليوم
تشبه فتاةً ناضجة وخجولة
بتنّورتها المُبقَّعة
تجلس فوق درج بنايتها
تمدُّ يدها للمارّة
تجمع أسناناً مهشَّمة
تُلقي بالحبوب على الرصيف
تصيح: "كوكو"...
لتجذب الحمام
وحين لا يلتفت إليها أحد
تُخرج لسانها.


■ ■ ■


مدينتي اليوم
تشبه فتاة ناضجة
تنّورتها المبقّعة
راية حمراوية العناد
تضمّ ركبتَيها المسلوختَين
تزمّ شفتيها
تقطع رؤوس زهرة الخشخاش
تحرق حاويات الأزبال
وبغنائم التخريب تلك
تصنع قلادةً جديدة
تأتي أمُّها
تمسكها من أذنها
تتنكّر للأم
ترفض أن تكبر
تضرب عن الكلام
تعزف الموسيقى كل مساء
وبالملعقة
تعُدُّ المعَيَّنات الهندسية للسياج.


■ ■ ■


وعود الديمقراطية الوحيدة
البنوك
قرارات الحكومة الوحيدة
شراء الأسلحة
بينما أنتِ...
تأتين للبحث عني
ذات سبت خاطئ
تقرئين شعراً
لـ"ماياكوفسكي"
وفي يدك
"روبلات" لدفع ثمن الشراب.


■ ■ ■


برفقتك هذه الليلة
عشية السنة الجديدة
ليس هناك احتفال
في الساحة الكبرى
هي البنوك التي تُغرقنا
وتُغرق الجسد المَتْرَس
هو الخبز الصدئ لـ"أخمتوفا"
هو ذاك الأيل الأبيض
الذي يبكي فوق سريري.


■ ■ ■


هناك أموال بحجم السيول
وبالقدر الذي تريد
متى كان تحت إمرتك
أتباع في مناجم الماس
في سيبيريا الشرقية
متى أذعنتَ
لمجنِّد الخيّالة الهولندية
وفوّت على نفسك
ليلاً دون نجوم في "باطافيا"
متى تبنّيتَ الاسم الخياليَ
لـ"إدوين هولمز" وغيّرتَ حظّك
متى تعاقدوا معك
جندياً حاملاً لمقلاع
وتولَّيْتَ أمر الجيب التجاري لـ"هرار"
متى اصطدت وحيد القرن في كينيا
وتحوّلت أنت ذاتك إلى وحيد القرن ذاك
سيجدون لك مالاً
وينسبون لك العجائب بعد موتك
سيقولون: كنت تبحث عن المجد
تحت جسور قصص عشق مهينة
سيقولون ويقولون...
هناك أموال بحجم السيول
وما ليس هناك هم الأبرياء والشعراء
الذين يَعُدُّون مستخلصات سنواتهم
في انتظار التقاعد.


■ ■ ■


كلُّنا نُخفي في دواخلنا حرباً أهلية
بمنشقّين يُشهرون صفائح معلبات
لأجل الأعناق الرخوة
بتحرّكات ومجازر
وتخلٍّ عن الأسلحة مثيرٍ للشفقة
حربنا الأهليةُ الخاصةُ
تبدأ كل تشرين الأول
في بعض المنتجعات التي فقدت لونها
حينها تعود إلى داخلي
شواطئ الصيف
باحثةً لنفسها عن جسد.


■ ■ ■


كلُّنا نخفي في دواخلنا
رغبةً في الاستحواذ
بواسطة منطاد
بعربة قتال
بشُهُب نارية
بسمك طائر
بقنطور خرافي
وموسيقى أكورديون
رغبتي الخاصة في الاستحواذ
هي عبارة عن شخص أزرق رمادي
بلحية منشطرة وقبّعة "بومبين"
في حضنها خروف يرعى
في أماكن العشب الطري
الخشية... كل خشيتي
على ذاتي.


* Dimitris Angelis شاعر وكاتب وباحث في الفلسفة، من مواليد أثينا عام 1973. صدر له في الشعر: "فيلوميلا" (1998)، و"موت إضافي" (2000)، و"مياه أسطورية" (2003)، و"عيد ميلاد" (2008)، و"تأكيداً لليل" (2011)، وفي الدراسات: "حول الكتابة" (1998)، و"جمالية بيزنطية" (2004)، و"تيارات أيديولوجية في العصور القديمة المتأخّرة" (2005)، و"في منابع الفلسفة البيزنطية" (2007)، وفي القصّة القصيرة: "صيف أخير" (2002). حاز "جائزة بورفيراس" من "أكاديمية أثينا" و"الجائزة الوطنية للشعر". المقاطع من مجموعته "أيل يبكي فوق سريري" (2015).

** ترجمة محمد العربي غجو

المساهمون