بعد النجاح اللافت الذي حقّقته رواية "ميرسو.. تحقيق مضادّ" للكاتب الجزائري كمال داود، وترجمتها إلى 24 لغة وتتويجها بالعديد من الجوائز الأدبية الفرنسية، وصل العمل أخيراً إلى خشبة المسرح.
في قاعة غصّت بالجمهور، وبحضور كمال داود، قُدّم أمس ضمن فعاليات "مهرجان أفينيون الدولي للمسرح"، العرض الأول لمسرحية اقتبسها المخرج المسرحي الفرنسي فيليب بيرلينغ من الرواية، وحملت العنوان نفسه.
تتّكأ الصيغة المسرحية للرواية على شخصيّتين أساسيّتين: هارون، السارد الذي أدى دوره الممثل الجزائري المعروف أحمد بن عيسى، والأم العجوز التي فقدت القدرة على الكلام تقريباً، وأدت دورها الممثلة والمغنية الإيطالية آنا أندريوتي.
تجري أحداث العرض في باحة منزل عتيق تتوسّطه شجرة ليمون دُفن تحتها رجل فرنسي قتله هارون عام 1962 (تاريخ استقلال الجزائر)، كردّ على بطل رواية "الغريب" لألبير كامو الذي قتل عربياً على الشاطئ دون سبب مقنع.
أثّث المخرج العرض بديكور كلاسيكي، واحتلّت الصور الفوتوغرافية التي تحيل إلى الفترة الاستعمارية في الجزائر حيّزاً من جدران المنزل.
وكما الرواية الفائزة بجائزة "غونكور للرواية الأولى" وجائزة "فرانسوا مورياك"، تقترح المسرحية قراءة مضادّة لرواية كامو التي كرّست صورة سلبية للعربي في الثقافة العالمية.
في رواية كامو، يُحاكَم البطل على جريمته ويصدُر في حقه حكم بالإعدام، دون أن يعرف القارئ شيئاً عن دوافع القتل، أو عن شخصية القتيل الذي يُذكر 25 مرة في الرواية تحت اسم "العربي" لا غير. في المقابل، يخلق داود شخصية شقيق "العربي" المغتال ليدلي برواية أخرى، من زاوية مختلفة.
يطرح العمل الكثير من الأسئلة بخصوص الهوية الجزائرية "الفرنكوفونية"، من بينها سبب الغياب الفاضح لشخصية الجزائري في أعمال كامو الذي طالما تغنّى بحبّ الجزائر وجغرافيتها المتوسطية الساحرة.