كلّما انتهيت من رسالة

09 يناير 2017
جميل ملاعب/ لبنان
+ الخط -
مقايضة
غريبٌ يلهثُ بالباب
يا أبي
وفي يَدهِ كيسٌ أسود.
يزعمُ أنه حانوتيّ
وأنّنا تأخّرنا في إرجاعِ الأكفان
التي قايضناها بملابس العيد
صبيحةَ اندلاعِ الحرب.



عن طريق الخطأ
الرّسائلُ تصلني من أصدقاء
بكلام عن العزلة
من أقارب
عن مواعيد في بطاقات ملونة
ومن أطفال
بلا عنوان، عن أراجيح ابتلَعها الهواء

وكلّما انتهيتُ من رسالة
أدركتُ بأنها وَصَلتني
عن طريق الخطأ



زاوية الرؤية
في صالة البيت الكبيرة
بين التّماثيلِ
والشّموع المهدورة على الرّفوف
لستُ غيرَ صورةٍ
بالكاد جرّحَتها نظراتُ الضّيوف
مذعورة أو مطمئنّة
باختلافِ زاويةِ الرؤية



سخاء
لم يكن الليلُ بخيلاً
وهَبَني مغارة
على بابها مطرٌ مذبوح
وفي داخلها كتاب
يمحو من خاطره كلّ غريب



حتى لا نأسى
حسناً
سنكذبُ وندّعي أنّنا راضون
بكلّ ما جاء وما لم يجئ
ونهزُّ رؤوسَنا التي علّقتَها كيفما شئت.
لكنْ، إذا كنتَ تنوي من الآن إلقاءَنا
في أرضٍ لا سلامَ عليها
فلا تزرعْ فينا المحبّة
ولا تُهدرْ وجهكَ في كلامنا
حتى لا نأسى على أحدٍ سواك



ذاكرة
كان مُمدّداً وراء ظُهورهم
ثّم نَهضَ؛ ليلحقَ بالأعوام.
تجاوزهم، وأوصلَ الطريق إلى آخرها
لكنّهم لا يذكرونه
إِلا مُمدّداً
في الوراء




مكانه القديم
أَزاحَ التّرابَ عن عُزلة الفخاخ
لكي تحذرها الطّيورُ
ودَخلَ وحيداً في ممالكَ ليست له
من دون صلاةٍ أو أسرار

دَخلَ يلهثُ بِهيئة غريق
مفتوناً
برائحةٍ تضربُ في الدّم
وسماءٍ يُمطر منها النّسيان

لكنّ الطّيورَ
انتشَلتهُ بغتَةً
وأعادَتهُ إلى مكانه القديم



مناورة
لا تُصدِّقْ
أنّ مناورةَ الموت خاسرةٌ دائماً
وأنّ الأملَ يُقاس باحتمالات الحياة
مثل خطوات هابطةٍ على سلالم مكسورة
أو أنَّكً لم تعشْ لأجل كلّ شيء، ولذا ستموت لأجل أيّ شيء.
حدّثني فقط
عن أغلى ما استَلَبهُ الألم
لأزرعَهُ سنبلةً تحت لسانك



مراودات
ما عاد يخيفُنا القتلة
ولكنْ مراوداتُ الشَّك
أنّهم فعلاً حقيقيّون
وأنّ أحداً بعد ذلك
لن يأبه إلى صورٍ
مأهولةٍ بقتلى حقيقيين
رفقةَ قتلةٍ أدعياء.



ضدّ مجهول
يوماً ما
يخرجُ "المجهولُ"
الذي قيَّدنا ضدَّه ملايينَ الجرائم
مطعوناً بالنّميمة، وأعلى من شهوة الثأر
ليُحنّطنا عراةً...
عراةً فقط
في متحفِ الهزيمة



هجرة
مرّةً
وقد نَفدَ اللصوصُ والشّعراءُ والعشّاق
صرنا وحيدين
ومُوحِشين
نُحدّقُ بالكاد من وراءِ الدّموع
في نقطةٍ بعيدة
هجَرَنا إليها البيتُ



قلب
أربعُ غرفٍ مُجوَّفة
أربعةُ صمّامات
شرايين وأوردة
ودقّات متواليةٌ في الصّدر
هذا بالكاد
ما احتاجَهُ "المسيحُ" لإكرامِ جراحِه
و"ستالين" ليُصَفّحَ غرفةَ نومه بأرمدةِ الملايين



خذلان
بعدما خذلَتها الرّغبةُ والذّكرى وخديعةُ الاعتراف
ليس الصّدرُ
ولا البطن
ولا حتى مُقلةُ العين الضعيفة
هي أوّلُ ما يتحلّلُ في جثثنا
وإنّما العداوات...
العداواتُ التي كانت تُسرعُ، مزهوّةً، في الدّم
وتَجمّعَت طويلاً في مصافي القلب.



تسوية حساب
كلُّ من يراني
أُطفِئُ أضواءَ غرفتي باكراً
يخالني متآمراً مع العتمة
التي لا يكنسُها الصُّبح
إلّا وقد سَوَّت حسابها القديم مع بكائي.



بآلةٍ حاسبة
خطايانا التي نرتكبُ
وتطاردنا حتى مضارب الحلم
تنغلُ، ما تشاء، في القلب
تتسلّلُ إلى السّرَحان
بآلةٍ حاسبة
وتشوينا في نارٍ مُفترَضَة.

خطايانا الضّالّةُ
والمغضوبُ عليها
نحرسها بلؤمِ نصفِ العين، ونُطيّبُ خاطرها بالزّهو
والسُّكات

بين غفلةٍ
وانتظارٍ خوّان
نصحو
وقد شَبَّت فجأةً
وصارت أحلى.



غمّيضة
كُنّا خمسة؛
أبٌ وأربعةُ أطفال
لَعبنا الغمّيضة مرّةً
ومنذُ ذلك الوقت وهو يَعُدُّ:
وَجهُهُ في الحائط
ونحنُ في المخابئ



لغةُ الآباء
في الخامسة من عمري
حدّثني أبي عن البلاد
في السّابعة
ذكّرني طويلاً بالبلاد
في العاشرة
وصّاني بالبلاد
أيّامَ كانت الوصايا شكلاً آخر للحياة
فصرتُ أباً...
مثلَه.



لعبة ورق
الملوكُ الأربعةُ
وقعوا أسرى
وسقطُوا أذلّاء
من قبضتي الغاضبة.


* شاعر من مواليد عمّان عام 1977.


دلالات
المساهمون