لثلاث مرات في السنوات القليلة الماضية، ظهرت كريمة عبّود مثل مفاجأة واستُعيدت ذكراها من أرشيف التاريخ الفلسطيني؛ في الأولى حين كشف أحد "المقتنين" الإسرائيليين في القدس عن أن مئات الصور التي تركتها أول مصوّرة فوتوغرافية عربية بحوزته، وكان ذلك عام 2009. وفي المرّة الثانية حين جرى نشر هذه الصور لتكون متاحة للناس عام 2013. أما في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 فقد قام محرك البحث "غوغل" باستذكارها بمناسبة مرور 122 عاماً على ولادتها، وبدا الأمر كما لو أنه أعادها إلى الذاكرة من جديد.
"دارة الفنون" في عمّان تفعل الأمر نفسه هذا العام، فتعود لتقدّم عبّود (1893-1940) أول مصوّرة فوتوغرافية عربية، في معرض ينطلق في التاسع من أيار/ مايو الجاري ويتواصل حتى 24 من أيلول/ سبتمبر المقبل.
تعود أصول ابنة الناصرة إلى"الخيام" جنوب لبنان، فقد انتقلت عائلتها إلى الناصرة ضمن رحلات تبشيرية في القرن التاسع عشر، ثم بقيت في فلسطين.
تعلّمت عبّود التصوير عند مصوّر أرمني وهي ما زالت في السابعة عشرة، ثم بدأت في مشروع صغير بانتقالها إلى بيت لحم، وهو ستوديو للتصوير وتلوين الصور، حيث كانت تصوّر فيه النساء فقط.
صور عبّود شبه وثائق للحياة الاجتماعية في فلسطين، هناك مثلاً صورة لمحطة التاكسيات حيفا- الناصرة التي التقطتها سنة 1922، وفيها تظهر نساء بملابس قصيرة وقبعات يتكئن على سيارة، رجال بطرابيش يتصوّرون بعفوية، على خلاف ما كان شائعاً في تلك الأيام من وجوب الاستعداد للصورة، يتضح ذلك من تصرّفاتهم غير العابئة بالنظر إلى الكاميرا.
صورة أخرى لفرقة دبكة رجال ونساء معاً، وثانية لقرويات يحملن الجرار، كانت عبود جريئة بوقوفها بالكاميرا الضخمة في الشارع والتقاط الصور للناس بلا حساب.
من اللافت أيضاً تصوير عبود لنفسها، مرّة وهي ترتدي النظارة وأخرى وهي تحمل وردة وربما تكون صورتها الأشهر هي تلك التي تقف فيها إلى جانب كاميرتها.
من الصور المهمة أيضاً تلك التي تعود إلى "الاتحاد النسائي العربي" في فلسطين سنة 1928.
فتحت عبود مشغلاً لتلوين الصور، لذلك نجد في مجموعتها التي تضمّ المئات، صوراً ملوّنة لنهر الأردن والقدس والناصرة وبيت لحم والجليل.
وكانت مجموعة عبود وألبوماتها قد أُعلن عن وجودها سنة 2009، وحتى بعد العثور عليها بقيت صورها غير معروضة، وظلّت في عهدة الباحث أحمد مروات من الناصرة حتى نشرها عام 2013 فى كتاب مع القس متري الراهب والأكاديمي عصام نصار، بعنوان "كريمة عبود: رائدة التصوير النسوي فى فلسطين" وصدر عن دار "ديار" فى بيت لحم.