تولّى "فيسبوك" تلخيص سنتنا. رتّب صورنا بحسب الأشهر، وأهدانا إياها. بات باستطاعتنا أن نرى كم كنا سعداء. كيف أننا لم ننتبه للأمر؟ سنة ندى مثل سنة ديما وسنة طانيوس وسنة زياد وسنة أيمن وغيرهم. يتشابه الجميع فجأة. صورة الغلاف شقيّة. تشدنا إلى اكتشاف أنفسنا خلال عامٍ سينقضي بعد أيام.
على جدران موقع التواصل الاجتماعي هذا، تبين أننا جميعا ابتسمنا كثيراً خلال العام الماضي. أو لم نفعل غير الابتسام. ربما، حتى أهالي العسكريين المخطوفين، ممن لديهم حساب عليه، ابتسموا. السوريون الذين يعيشون وسط الحرب والدمار، ولو وضعوا صوراً لمعاناتهم اليومية، فإن "فيسبوك" قادر على تقديمها كلوحة استعراضية.
أولئك الذين نزحوا إلى لبنان، وكان حظهم معقولاً بأن وجدوا عملاً مكّنهم من استئجار منزل، قد يصورون أنفسهم وهم يتناولون العشاء مع الأصدقاء، ويضعونها على "فيسبوك". لن يذكر الموقع أنهم حتى أثناء سهرتهم اللطيفة هذه، ينتظرون خبراً عن عائلاتهم التي تركوها في سورية، أو النظرة الدونية التي يقابلون بها بمجرد أن يتفوهوا بكلمة ما. سوري؟ العنصرية تسبق الشفقة غالباً. كلاهما قاتلان، ولا يوثقهما الموقع. لا مكان لديه لهؤلاء. فلتكتب عنهم الصحف ما تشاء، أو تصورهم المحطات التلفزيونية الباحثة دوماً عن قصص مؤثرة. أما هو، فيسمحُ فقط للكؤوس أن ترتطم ببعضها البعض. يكفيه أن نشعر برنينها.
يعرفُ "فيسبوك" أننا سنلحق به، لأننا ربما ما زلنا عاجزين عن صنع الواقع الذي نريده. نُوثّق لحظات السعادة القليلة التي نصادفها في حياتنا، وننشرها عليه. أما هو، فيضمن لنا أن تطول ابتساماتنا وضحكاتنا إلى الأبد. ولتأكيد سطوته علينا، يعمد إلى تذكيرنا بها، بما كنا عليه في لحظة ما. ما إن نراها حتى نبتسم. نسترجع اللحظة ونعد "اللايكات" ونقرأ التعليقات مجدداً. يشبه الكيس الكبير الموضوع في العلبة، والذي يضم ألبومات صورنا السعيدة أيضاً. الفارق أننا لا نطالها دائماً، وأحياناً ننساها كونها بعيدة.
"الفيسبوك" قريب منا أكثر من اللزوم. يجمع صورنا على هواه، ويرتبها كأنّه يصنع قصصاً جديدة لنا. يقربنا من أشخاص ويبعدنا عن آخرين. لكن ماذا عن الذين ليس لديهم حساب عليه؟ اللاجئون الأطفال الذين خسروا كلّ شيء. وأهلهم الذين خسروا فرحتهم بهم. هل يكونوا سعداء؟ أو هل يستطيع أن يجعلهم كذلك؟ هؤلاء قادرون على الابتسام حتى لو كانوا جائعين أو يشعرون بالبرد. طفولتهم تُملي عليهم ذلك.
مع ذلك، شيءٌ ما في داخلنا ينتظر جردة "فيسبوك"، لأننا نحب أن نرى ابتساماتنا، حتى لو لم نكن سعداء.
على جدران موقع التواصل الاجتماعي هذا، تبين أننا جميعا ابتسمنا كثيراً خلال العام الماضي. أو لم نفعل غير الابتسام. ربما، حتى أهالي العسكريين المخطوفين، ممن لديهم حساب عليه، ابتسموا. السوريون الذين يعيشون وسط الحرب والدمار، ولو وضعوا صوراً لمعاناتهم اليومية، فإن "فيسبوك" قادر على تقديمها كلوحة استعراضية.
أولئك الذين نزحوا إلى لبنان، وكان حظهم معقولاً بأن وجدوا عملاً مكّنهم من استئجار منزل، قد يصورون أنفسهم وهم يتناولون العشاء مع الأصدقاء، ويضعونها على "فيسبوك". لن يذكر الموقع أنهم حتى أثناء سهرتهم اللطيفة هذه، ينتظرون خبراً عن عائلاتهم التي تركوها في سورية، أو النظرة الدونية التي يقابلون بها بمجرد أن يتفوهوا بكلمة ما. سوري؟ العنصرية تسبق الشفقة غالباً. كلاهما قاتلان، ولا يوثقهما الموقع. لا مكان لديه لهؤلاء. فلتكتب عنهم الصحف ما تشاء، أو تصورهم المحطات التلفزيونية الباحثة دوماً عن قصص مؤثرة. أما هو، فيسمحُ فقط للكؤوس أن ترتطم ببعضها البعض. يكفيه أن نشعر برنينها.
يعرفُ "فيسبوك" أننا سنلحق به، لأننا ربما ما زلنا عاجزين عن صنع الواقع الذي نريده. نُوثّق لحظات السعادة القليلة التي نصادفها في حياتنا، وننشرها عليه. أما هو، فيضمن لنا أن تطول ابتساماتنا وضحكاتنا إلى الأبد. ولتأكيد سطوته علينا، يعمد إلى تذكيرنا بها، بما كنا عليه في لحظة ما. ما إن نراها حتى نبتسم. نسترجع اللحظة ونعد "اللايكات" ونقرأ التعليقات مجدداً. يشبه الكيس الكبير الموضوع في العلبة، والذي يضم ألبومات صورنا السعيدة أيضاً. الفارق أننا لا نطالها دائماً، وأحياناً ننساها كونها بعيدة.
"الفيسبوك" قريب منا أكثر من اللزوم. يجمع صورنا على هواه، ويرتبها كأنّه يصنع قصصاً جديدة لنا. يقربنا من أشخاص ويبعدنا عن آخرين. لكن ماذا عن الذين ليس لديهم حساب عليه؟ اللاجئون الأطفال الذين خسروا كلّ شيء. وأهلهم الذين خسروا فرحتهم بهم. هل يكونوا سعداء؟ أو هل يستطيع أن يجعلهم كذلك؟ هؤلاء قادرون على الابتسام حتى لو كانوا جائعين أو يشعرون بالبرد. طفولتهم تُملي عليهم ذلك.
مع ذلك، شيءٌ ما في داخلنا ينتظر جردة "فيسبوك"، لأننا نحب أن نرى ابتساماتنا، حتى لو لم نكن سعداء.