(كتاب ساكي 11) العام الأخير في الميلان

01 يناير 2017
ساكي ونهاية المسيرة مع الميلان (Getty/تويتر/العربي الجديد)
+ الخط -

ينشر موقع "العربي الجديد" حلقات مترجمة من كتاب "أريغو ساكي.. كالتشيو توتالي"، تتناول حياة أسطورة التدريب، والذي لم يلعب الكرة بشكل احترافي خلال مسيرته، ونجح في قيادة العديد من الفرق إلى القمة في فترة الثمانينيات، في ما يلي الحلقة الحادية عشرة:

شهد صيف 1990 منافسات كأس العالم في إيطاليا، حيث قاد المنتخب أزيليو فيشيني الذي حصد مع الفريق المركز الثالث. كانت نتيجة جيدة للغاية، ولكن بعضهم اعتبرها بمثابة هزيمة. كان يجب أن يكون الأمر مصدرا للفخر لكل الأمة، ولكن على العكس، أثار الأمر جدلاً في إيطاليا.

في ميلان، كنا قد أجرينا بعض الصفقات مثل ضم جانلوكا غاودينزي وأنجيلو كاربوني وسباستيانو روسي وماسيمو أغوستيني، فيما أعرنا جوفاني جالي لنابولي وفوسير وبورجونوفو لفيورنتينا، ولكن العمود الفقري للفريق ظل قائما. لم نغير طريقة لعبنا، في كل مباراة نسعى نحو الفوز. أعرنا أنجيلو كولومبو أيضا لباري. أتذكر أن هذا الحوار دار بيني وبرلسكوني:

- أريغو.. لماذا سنعيره؟ فزنا بالكثير من الأشياء معه..

- تنقصه خطوة فقط للخروج من اللعبة.

-وكيف تعرف هذا؟

-اتصلت به في منزله منذ ثلاثة أيام ومن أجابني كان كبير خدمه. حينما يصبح لدى كولومبو كبير خدم فهذه هي النهاية.

السوبر الأوروبي والإنتركونتننتال
خضنا ذهاب كأس السوبر الأوروبي في جنوى بالعاشر من أكتوبر 1990. كان يجب أن نحافظ على اللقب الذي فزنا به العام السابق أمام برشلونة. في هذه المرة كان يجب علينا أن نواجه سامبدوريا. كانت مباراة قوية لاحت فيها فرص للفريقين.

حصلنا على ركلة جزاء لماسارو ولكن برانكا أهدرها. تقدم سامبدوريا في الدقيقة 31 بعد عرضية من مانشيني حولها ميخاليتشنكو للمرمى. لحسن الحظ ظهر بعدها إيفاني الذي كان دائما ما يحل المباريات الصعبة بتسديدة على الطائرة، بالقرب من حدود منطقة الجزاء ليسجل التعادل.

لعبت مباراة العودة في 29 نوفمبر في بولونيا. استحوذنا على الكرة منذ بداية المباراة كثيرا بسبب الضغط الذي كنا نمارسه، ولكن لم يأت الهدف إلا في نهاية الشوط الأول عبر خوليت قبل أن يضيف ريكارد الهدف الثاني (ق76). كانت هذه ثاني مرة على التوالي نفوز بكأس السوبر الأوروبي. لكن التحديات لم تكن قد انتهت.

في التاسع من ديسمبر 1990 كان يجب علينا مواجهة أوليمبيا الباراغواياني في طوكيو. لعبت هذه المباراة بالهولنديين الثلاثة. كان فان باستن متوحشا في ذلك اليوم. ضغط ميلان وصنع الكثير من الفرص. أرسل خوليت عرضية حولها ريكارد برأسه لتسكن المقص مسجلا الهدف الأول.

لم يكن الهدف الثاني أقل جمالاً: اقترب فان باستن من منطقة الخصم وراوغ نصف الدفاع تقريبا وترك الحارس ملقى على الأرض وهو يشاهد تسديدته الصاروخية ترتطم بالقائم وتسكن وترتد لستروبا الذي أودعها في المرمى، قبل أن يضع ريكارد الهدف الثالث. مرة أخرى وللعام الثاني على التوالي كنا أفضل فريق في العالم.

بداية النهاية
كنت قد ذهبت بفريقي لقمة العالم طوال عامين متتالين ولكن الضغط كان كبيرا للغاية. فزت بكل شيء كان يمكن الفوز به، لذا بدأت أفكر في ترك الأمور عند هذا الحد. كانت المنافسات المتبقية لخوضها هذا الموسم هي الدوري وكأس إيطاليا وكأس أوروبا. الأهداف كانت كبيرة ومهمة، ولكن كانت طاقتي ودوافعي ورغبتي في مواجهة التحديات قد نفدت. بعد نهائي الإنتركونتننتال في طوكيو، فكرت حقا في ترك الأمور عند هذه اللحظة.

في الدوري، كنا دائما بمراكز الصدارة وبالجولة السابعة واجهنا سامبدوريا في 28 أكتوبر. قدموا أداء أسطورياً، وفازوا علينا على ملعبنا وأقصونا من الصدارة. لم يسبق أن حدث هذا. لأول مرة كان من الممكن أن تؤثر علينا المرتدات بهذه الطريقة.

خلال الدور الأول، لم يكن هناك فريق يسيطر بصورة ثابتة على الصدارة. كانت هناك عملية تبادل دائمة؛ غالباً بفارق نقطة واحدة. خلال الدور الثاني كان اللقب تتنافس عليه ثلاثة أندية: نحن وسامبدوريا وإنتر. خسرنا مجددا أمام سامبدوريا. هذه المرة كانت على أرضهم ولكن بهدفين نظيفين.

لم نتمكن دائما من تقديم كل ما لدينا في كل البطولات. تخلينا عن نقاط مهمة في الدوري لأن كأس أوروبا كانت للعام الثالث على التوالي هي أهم أهداف الموسم. كنا في ثمن النهائي أقصينا بروج بالتعادل على أرضنا والفوز بهدف استثنائي لكاربوني في بلجيكا.

واجهنا أوليمبك مارسيليا في ربع النهائي. تعادلنا في سان سيرو بهدف لمثله. كان الفرنسيون أكثر قوة وأكثر حياة وأكثر سرعة وعدائية منا، ولكن كنت أستشعر أن الأمور لن تكون بخير في العودة. الفريق لم يكن في خير حال.

ظهر مارسيليا في مباراة العودة أكثر قوة. كانت لديهم رغبة في إقصاء البطل. هذا الأمر مثل تحفيزا إضافيا بالنسبة لهم. تمكن الفرنسيون من التقدم في الدقيقة 75 وفي الدقيقة 90 حدث شيء لا يمكن توقعه. انقطعت الكهرباء عن أحد كشافات الاستاد ما أجبر الحكم على إيقاف المباراة مؤقتا. شعر الفريقان بتوتر كبير.. ما الذي سيحدث؟

شارك خوليت في مقابلة بجانب الملعب قال فيها إنه يجب تأجيل المباراة كانت تنص اللوائح فيما أن تاسوتي قال إنه يجب إنهاء اللقاء. دخل غالياني الملعب واستدعى اللاعبين للعودة لغرف الملابس. بعدها بوقت قليل عادت الأنوار لتضيء الملعب جزئيا وجاء الحكم بالكرة لاستئناف اللعب ولكن لم نكن نتواجد هناك على المستطيل الأخضر لذا أطلق صافرة النهاية.

احتسب الـ(يويفا) المباراة فوزا للنادي الفرنسي بثلاثة أهداف وفرض عقوبة مدتها عام لحرمان الميلان من المشاركة في المسابقات الدولية. كتبت (لاغازيتا ديلو سبورت) بعد تلك الواقعة في صفحتها الرئيسية عما حدث "ميلان العار".

فخر ودموع
شاركت ميلان في الفترة بين 1987 و1991 هزائم صعبة، ولكن في نفس الوقت انتصارات وإنجازات استثنائية. مع الميلان فزت بالدوري وكأس أوروبا وكأس السوبر الإيطالي وكأس السوبر الأوروبي وكأس الإنتركونتننتال. فزت في أربع سنوات بثمانية ألقاب ولكن.

قبل المباريات المهمة لم أعرف طعم النوم. كنت أفكر دائما في التشكيل والأسماء المستبعدة. حياة مليئة بالأرق. كان يجب أن أعثر على حل لمواصلة الارتباط بكرة القدم وتقليل التوتر. كان الحل هو السعي تدريب المنتخب.

كانت آخر مباراة لي مع ميلان صعبة. اغرورقت عيناي بالدموع حينما سمعت هتاف الجمهور وهو يقول "نحن جماهير ميلان. لدينا حلم في قلوبنا: أريغو المدرب، أريغو المدرب، أريغو المدرب".

حينها تفهمت ما قمت به حقا. قبلها لم يكن لدي وقت للتأمل والتفكير. حينما نظرت إلى مدرجات سان سيرو في تلك اللحظة أدركت كل الذكريات التي عشتها في هذا الملعب، ولكن للأسف من ضمن الذكريات السيئة في ذلك اليوم أنه كلما لمس فان باستن الكرة فإنه كان يتعرض لصافرات استهجان من الجماهير لأنهم ظنوا أن رحيلي عن النادي كان بسبب خلافاتي معه ولكن هذا لم يكن صحيحا.

ورث فابيو كابيلو الفريق بعدي. كان ميلان تحت قيادته أكثر سيطرة في الدوري وأقل قوة على الصعيد الدولي. برز فابيو كمدرب كبير يعرف كرة القدم التي تلعب في إيطاليا جيدا. فاز ميلان تحت قيادته بأربعة ألقاب دوري (ثلاثة منها بصورة متتالية) وكأس أوروبا مرة واحدة. وقع اختيار برلسكوني عليه لأن هذا كان الحل الأكثر ملائمة بالنسبة له للتفوق محليا بعد التفوق الدولي.

دلالات