كبيرات السن في لبنان

22 ابريل 2018
المسنّات غائبات غالباً عن المشهدية العامة (سبنسر بلات/ Getty)
+ الخط -

في أحد التجمعات الفلسطينية، ثمّة "طبيب" يستغل الأوضاع الصحية للنساء المسنّات (اللواتي تجاوزنَ سنّ الرابعة والستين) ليعطي رأياً غير مستند إلى أيّ تقارير أو فحوصات طبية ويجري تدخلات جراحية في عيادته. يدّعي هذا الطبيب أنّه جراح، ويجري جراحات للمصابات بسرطان الثدي. طبعاً، يستغل هذا الطبيب الخوف الذي ينتاب النساء، ويقنعهنّ بأنّ التدخل الجراحي هو الحل الذي سوف يقضي على السرطان نهائياً. هذا المقال ليس عن الطبيب، على الرغم من ضرورة إيقافه عن الممارسة من قبل وزارة الصحة، بل هو عن النساء المسنّات في لبنان وواقعهنّ غير المستقر.

لا يمكن تقدير واقع النساء المسنّات من دون النظر إلى تاريخهنّ وتاريخ التمييز بحقهنّ من قبل قوانين العمل والأحوال الشخصية والقوانين المدنية وغيرها. كيف يمكن أن نتوقع أن تصل النساء اللبنانيات اللواتي لطالما تقاضينَ نصف ما يتقاضاه الرجل وكنّ محدودات الحركة ومحرومات من اتخاذ القرارات المصيرية التي تخصّ أجسادهن ومستقبلهنّ وأسرهنّ ومجتمعهنّ إلى سنّ التقاعد؟

الوصول إلى المعلومات والخدمات الصحية ما زال في حاجة أساسية إلى النساء بغض النظر عن أعمارهنّ، لا سيّما الصحة الإنجابية والجنسية. كذلك هي الحال بالنسبة إلى التعليم والوصول المتكافئ للفرص (فرص العمل والعلم والسفر وغيرها) وبالنسبة إلى حق التملك والإرث وغيرهما.

إنّها علاقة سببية إذاً بين واقع النساء الحالي وبين الستاتوس المنتظر لشيخوختهنّ. المسنّات غائبات غالباً عن المشهدية العامة في المساحات العامة للمدن. من المحتمل أن يخلق بعض الرجال المسنّين منفذاً اجتماعياً لهم من خلال جلسات القهوة أو غيرها، لكنّ النساء المسنّات يعتمدنَ غالباً على الآخرين ويبقينَ في الحيّز الخاص. وتشير إحدى الدراسات التي نشرها موقع اوكسفورد الأكاديمي في عام 2017، إلى أنّ النساء المسنّات في لبنان هنّ غير متعلّمات بنسبة كبيرة، ويعانينَ من نقص غذائي حاد ومن غياب النشاطات ومن الاكتئاب. وعليه، يصبحنَ أكثر عرضة إلى التعطيل الوظيفي من الرجال في العمر نفسه. بالتالي، تصبح النساء المسنات بالمقارنة مع الرجال المسنّين أكثر حاجة إلى رعاية صحية واجتماعية واقتصادية ووظيفية.




في مجتمع يشكّل المسنون (الذين تجاوزوا الخامسة والستين) نسبة 10 في المائة من سكانه (بحسب دائرة الإحصاء المركزي لعام 2012)، لا نجد أيّ وجه إيجابي للشيخوخة، في حين تنعدم المشاريع أو البرامج المخصصة لرعاية المسنّين ودعمهم. تجدر الإشارة إلى أنّ البرامج والمشاريع التي تستهدف المسنّات (والمسنّين) تبقى قاصرة إذا لم تأخذ بعين الاعتبار واقع النساء والفتيات بطريقة شمولية من دون الاقتصار على إجراءات التضميد.

*ناشطة نسوية
المساهمون