كامب ديفيد السعودي

18 اغسطس 2017
خلال زيارة شكري للأراضي المحتلة، يوليو الماضي(غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -
لا تترك مسألة المراسلات المتبادلة بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو (باعتباره يشغل حقيبة الخارجية أيضاً)، والتي سبقت نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، بموازاة مراسلات شكري مع "صاحب السمو الملكي"، محمد بن سلمان، بكل تفاصيلها المتعلقة بالتزام السعودية مسبقاً، ببنود معاهدة كامب ديفيد، مجالاً لأي تفسير آخر سوى انضمام عملي من قبل السعودية لاتفاقية كامب ديفيد الإسرائيلية-المصرية الموقعة عام 1978.

هكذا، أصبحت هذه المعاهدة اليوم عملياً، معاهدة ثلاثية لضمان الأمن الإسرائيلي في البحر الأحمر، ولتحويل السعودية إلى دولة "مجاورة لإسرائيل". نقول هذا الكلام، لأنه إذا كان القانون الدولي يلزم السعودية بضمان "حرية الإبحار"، إلا أنه لا يلزمها بالترتيبات الأمنية التي نصت عليها معاهدة كامب ديفيد، وهي شروط ليس من المفروض، في حالة تيران وصنافير، وترتيبات الملاحة فيهما، أن تكون ملزمة بالضرورة للسعودية لأنها ببساطة لم تكن طرفاً في المعاهدة، بل إنها أعلنت في حينه معارضتها لها وصوتت إلى جانب طرد مصر، برئاسة أنور السادات، من جامعة الدول العربية.

وتكشف المراسلات التي قد تعيد إلى أذهان البعض عبثية "مراسلات مكماهون-حسين" التاريخية (1915-1916) بنتائجها الكارثية على الأمة العربية ككل، عن استعداد سعودي مسبق، وعن تسليم "اختياري" بحق الـ"فيتو" الإسرائيلي على عملية تسليم الجزيرتين، ووضع الشروط الإسرائيلية للقبول بها. وهذه نقطة تبرز حجم التساهل المصري والسعودي مقابل التعنت والصلف الإسرائيليين، خاصةً إذا انتبهنا إلى لغة التمني في الرسائل المصرية، كما في رسالة شكري لنتنياهو المؤرخة بتاريخ مايو/أيار 2016. وجاء في الرسالة: "إني أتطلع لتلقي قبول سعادتكم لمضمون الخطاب المرفق باعتباره اعترافاً من المملكة العربية السعودية والتزاماً منها بالترتيبات القائمة في ما يخص مضيق تيران وصنافير". وأكد له أن مصر لن تقبل بإبرام الاتفاقية نهائياً ما لم تحصل على الموافقة الرسمية لإسرائيل. وهذا الأسلوب "الدبلوماسي" الرفيع في التذلل قوبل بطبيعة الحال بخطاب رسمي إسرائيلي وكأن الأمر مفروغ منه، إذ ختم نتنياهو رده على رسالة شكري بقوله: "أقر بمضمون خطابكم والوثائق المضمنة طيه، بما في ذلك الاتفاقيات المرفقة، وأؤكد أن هذه الوثائق لن نعتبرها انتهاكاً لمعاهدة السلام".

المساهمون