"قسم السينما" تشكيل إدراي في "دائرة السينما والمسرح" في العراق، منذ تأسيسها عام 1959 باسم "مصلحة السينما والمسرح". أول مدير عامٍ لها كان الفنان العراقي الرائد يوسف العاني. تأسّس القسم في مؤسّسة السينما، الذي يُشرف رسمياً على النشاطات السينمائية كلّها.
في عام 1985، صدر تشريع قانوني عن "دائرة السينما والمسرح"، يحمل الرقم 5، ويُحدّد عمل الدائرة ومهمّاتها، وعمل "قسم السينما"، المهتمّ بحفظ الأفلام التي تُنتجها المؤسّسة، وبحركتها وتوزيعها وطبع نسخ منها وإرسالها إلى المهرجانات، بالإضافة الى تصوير الأفلام الروائية والوثائقية، والإنارة السينمائية لمشاهد مختلفة، ودراسة السيناريوهات والأفكار المقترحة للتنفيذ، لتقدير ميزانية كلّ عمل وتقديمها، بهدف الموافقة عليها (أو لا)، وتوثيق الأحداث والمناسبات المهمّة، وحفظها وأرشفتها في مكتبة خاصة.
من مهمّات القسم أيضاً الإشراف على تفاصيل العمل السينمائي، وتحديد الفروع التابعة لها، كشعبة المخرجين السينمائيين، وشعبة الصوت، ووحدتين للتسجيلين الخارجي والداخلي (الاستديوهات)، ووحدة التسجيل الضوئي، وشعبتي المكتبة الصوتية والمختبر. في عام 1969، تحوّل هذا كلّه الى "المؤسّسة العامة للسينما والمسرح" بقانونٍ خاص.
مرَّ القسم بمراحل عدّة، مُساهماً في إنتاج الأفلام، كـ"الجابي" (1968) لجعفر علي، و"شايف خير" (1969) لمحمد شكري جميل، و"جسر الأحرار" (1970) لضياء البياتي. بعد ذلك، تأسّس قسمٌ للسينما في "المؤسّسة العامة للإذاعة والتلفزيون"، وأنتج أفلاماً أخرى، كـ"الظامئون" (1972) لشكري جميل أيضاً، و"الرأس" (1976) لفيصل الياسري.
في عام 1973، صدر قانون تأسيس "المؤسّسة العامة للسينما والمسرح"، وبدأ قسم السينما عمله الإنتاجي عام 1975: "النهر" (1978) للياسري أيضاً، و"التجربة" (1977) لفؤاد التهامي، و"بيوت في ذلك الزقاق" (1977) لقاسم حول، و"القادسية" (1981) لصلاح أبو سيف، و"المسألة الكبرى" (1983) و"الملك غازي" (1993) وهما لمحمد شكري جميل، إلى أفلامٍ حربية، كـ"الحدود الملتهبة" (1984) لصاحب حداد، وأخرى كوميدية، كـ"عمارة 13" (1987) لحداد نفسه، و"6 على 6" (1988) لخيرية منصور، وغيرها.
في تسعينيات القرن الماضي، توقّف الإنتاج بسبب الحصار، فكان "الملك غازي" آخر الأفلام المُنجزة لغاية عام 2003. التغيير الكبير الذي حصل في إبريل/ نيسان ذاك العام، تمثّل بالإنتاج الأكبر للقسم بدءاً من عام 2013، والحصول على منح مالية كبيرة، فأُنتجت أفلامٌ طويلة وقصيرة عدّة، تفاوتت مستوياتها الفنية، أبرزها "صمت الراعي" (2014) لرعد مشتّت، و"سرّ القوارير" (2015) لعلي حنون، و"بحيرة الوجع" (2015) لجلال كامل.
تعاقبت على رئاسة القسم شخصيات فنية عديدة، كالممثل رياض شهيد ومهندس الصوت فيصل العباسي. بعد عام 2003، تولّى القسم كلٌّ من الإداريّ قاسم محمد، والمخرجين قحطان عبد الجليل وفارس طعمة التميمي وجمال عبد جاسم ومهند حيال، ثم اختارت المؤسّسة، قبل أسابيع قليلة، الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم لإدارته.
في هذه المناسبة، حاورت "العربي الجديد" السلوم في مسائل سينمائية وإدارية وإنتاجية مختلفة، بدءاً من أبرز نقاط برنامجه في إدارة القسم: "هناك نقاط عدّة، أوّلها الإنتاج السينمائي، إذْ باتت لـ(قسم الإنتاج السينمائي والتلفزيوني) نوايا إنتاجية متعلّقة بإنتاج أفلامٍ سينمائية"، مُشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ لدى القسم "سيناريوهات ممتازة لأفلامٍ كان يُفترض بها أنْ تُنتَج العام الماضي، لكنّ توقّف التمويل حال دون تحقيقها. ورغم ذلك، سنختار أربعة سيناريوهات منها لإنتاجها".
يضيف السلوم: "هناك أيضاً عودة إلى تنظيم وإحياء أسابيع السينما العربية والعالمية، التي كانت تُقام سابقاً، ولها جمهور واسع. كما نسعى إلى عقد بروتوكولات تعاون مع دوائر سينمائية عربية مختلفة، ومهرجانات سينمائية عربية وعالمية، ونخطّط لإقامة مهرجان سينمائي دولي وآخر للأفلام القصيرة"، متوقّفاً عند العمل حالياً، "وبعد اكتمال بناء (مسرح آشور)، نعمل على إعادة إحياء (نادي السينما)، الذي كان موجوداً حتّى نهاية التسعينيات الماضية".
وعمّا إذا كان قسم السينما يُعاني من ترهّل، خصوصاً أنّ هناك مشاريع كثيرة لم تُنفَّذ، قال السلوم إنّ "الترهّل موجودٌ بسبب توقّف الإنتاج، وتحوّل فنيين عديدين إلى موظّفين. لذلك، نعمل على إشراك الجميع في مشاريعنا المقبلة، فلدينا مشاريع مُقدَّمة إلى مجلس الإدارة، وحاصلة على الموافقة على إنتاجها"، مؤكّداً أنّ "العمل جارٍ على إزالة أيّ ترهّل موجود".
وردّاً على سؤال بشأن ما إذا كان "قسم السينما" سيحتضن شباب السينما "الذين عانى كثيرون منهم تهميشاً وإقصاءً"، قال السلوم إنّ "مشاريع موضوعة حالياً وأخرى ستوضع قريباً ستكون من حصّة الشباب"، مُضيفاً ما يلي: "في النواحي الفنية كلّها، والسيناريوهات المُراد إنتاجها، هي للشباب، وسيُخرجها شبابٌ، علماً أن غالبية العاملين في القسم الآن هم شباب، وخرّيجو الكلّيات والمعاهد السينمائية. هذا يُسهّل علينا العمل مع شباب السينما جميعهم".
إلى ذلك، أجاب كاظم مرشد السلوم عن سؤال يتعلّق بأفكار معينة ربما سيعتمدها في عمله الجديد، بالقول إنّه يعمل حالياً على الاستفادة من الخبرات الفنية، المحلية والعربية: "أول تلك الأفكار كامنة في أنْ نفكّر معاً، أي أنْ نتعاون معاً، لأنّ المهمّة ليست سهلة، ونحتاج إلى دعم السينمائيين". ويوضح: "لذلك، أعمل على بناء أواصر علاقات قوية معهم. كما سأحاول الحصول على تمويل الدولة للمشاريع السينمائية وإنتاجها، بالإضافة إلى السعي إلى حصول قسم السينما على استقلاليته، ومنحه صلاحيّات كثيرة. وأطمح إلى تشكيل فريق عمل لتنظيم ورشات عمل، بمشاركة السينمائيين الشباب الذين يعملون في القسم".
وعمّا إذا كان يرى ضرورة للاستشارة في عمله، "كأنّ تتّخذ بعض المستشارين لك"، أجاب السلوم بأنّ "وجود مستشارين في القسم أحد أسباب الترهّل الحاصل فيه، وفي الوزارات والدوائر الحكومية الأخرى. لكنّي أعمل على استشارة خبراء عراقيين وغير عراقيين في كلّ مفاصل عمل القسم". وانتهى إلى القول إنّه سيحاول النهوض بقسم السينما "قدر الإمكان"، وذلك "للتمكّن من دعم السينما والسينمائيين العراقيين، وهذا لا يتحقّق إلّا بالدعم اللازم من المؤسّسة والوزارة، ومن السينمائيين أنفسهم".