كازاخستان: جنة التعددية والمال... والقمع؟

23 فبراير 2016
كازاخستان (Getty)
+ الخط -

فور نطق كلمة "كازاخستان"، وبما أن اسمها ينتهي بحروف "ستان" فقد يخيل إليكم أن الأمر يتعلق بدولة بين الجبال المعزولة تعاني الحرب والإرهاب كما تعودت شاشات الأخبار أن ترينا عن هذا الجزء من العالم، لكن الأمر غير ذلك بالنسبة لهذه الدولة الفاتنة.

دعونا في البداية نتعرف على معلومات عامة عن هذا البلد، كازاخستان، قازقستان، أو قزاخستان، دولة قوية اقتصادياً وثقافية تقع في قلب آسيا الوسطى، متعددة الأعراق بشكل كبير جداً ومع ذلك لم تعرف هذه البلاد أي حرب عرقية أو طائفية.

غنية بالقوميات والمال

لكازاخستان احتياطات نفطية وغازية ضخمة تجعلها تحتل المراتب الأولى عالمياً، ما انعكس على مؤهلاتها الاقتصادية، وجعلها أقوى اقتصاد في آسيا الوسطى كما جعلها أول دولة تدفع كل قروضها لصندوق النقد الدولي سبع سنوات قبل الموعد المحدد.

وتتفاخر كازاخستان بكونها لم تعرف حرباً طائفية أو عرقية، رغم أنها دولة متعددة الأعراق، إذ يتكون سكان البلد من أكثر من 100 قومية، أهمها الكازاخ والروس والأزبك والأوكران واليوغور والتاتار والألمان، جاؤوا إلى بلد يقع في منتصف الطريق بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، أو جاؤوا رغماً عنهم في الحقبة السوفييتية، في مرحلة كان الاتحاد السوفييتي ينفي معارضيه إلى هذه الأرض التي كان يعتبرها عذراء.

وانعكس هذا الغنى القومي على الثقافة عموماً والموسيقا خصوصاً في هذا البلد، ففي كازاخستان يدرس الموسيقيون في معاهد حكومية، حتى الفنانون الشعبيون يدرسون في شِعب خاصة بالموسيقى الشعبية، الأمر الذي انعكس على تطور الموسيقا الشعبية في هذا البلد وجعلها مسايرة لجديد الآلات والتكنولوجيا، دون الحاجة للتفريط في تراثها، ولعل هذه الأغنية دليل كاف على هذا المزيج:



"العاصمة" العاصمة

بنى الكازاخ عاصمة جديدة بالكامل، سموها أستانا، وأستانا تعني بالكازاخية "العاصمة" ببساطة، بنيت حديثاً سنة 1998 على يد الرئيس نور سلطان نزارباييف بعد استقلال كازاخستان.

ويعتبر معمار أستانا من العجائب المعمارية، يطغى عليها طابع أوروآسيوي بأشكال مثيرة للدهشة، وتزاحم في علو مبانيها عواصم مثل نيويورك ودبي وسنغافورة.

ولا عجب في ذلك ما دام المصمم هو المهندس المعماري الياباني المعروف كيشو كوروكاوا الذي أشرف على إنجازات شهيرة في العالم، مثل متحف فان غوغ في أمستردام، ومطار كوالالمبور الدولي، ومتحف الإثنولوجيا الوطني في أوساكا.

أول من ركب الخيل

ويتشابه العرب والكازاخ في كثير من الصفات، أهمها حب الخيل والكرم. فالكازاخ يعتبرون أول من ساس الخيول وروضها. في كازاخستان لا يكتفون بركوب الخيل، بل يأكلون لحومها ويشربون لبنها، وهي علامة من علامات الكرم الكازاخي.

ولا نبالغ إذا قلنا إن الكرم الكازاخي هو نوع من الهوس، إذ إن الأسطورة تقول إن الكازاخي الذي لا تطلب منه مساعدة أو ضيافة فإنه مصاب بلعنة ونحس، لهذا يسارع الكازاخ إلى دعوتك للطعام أو المبيت أو مساعدتك بأي شكل كان حتى قبل أن تطلب ذلك.
ولعل هذه الأغنية تقربكم من الحياة والكرم الكازاخي:


الشباب سفير 

بعد انفصال البلاد عن الاتحاد السوفييتي اختارت كازاخستان أن تحتفظ بالمؤسسات السوفييتية لكنها قررت أن تحتفي أكثر بثقافة ما قبل الاتحاد السوفييتي مستغلة غنى القوميات ووفرة الموارد، تراث تشبث به شباب البلد وأعادوا صياغته بأكثر من طريقة، ظهر ذلك خصوصا في النتاجات الموسيقية العصرية التي تجمع بين التكنولوجيا العالمية والأصالة الشرقية.
إليكم مثالاً:



دروس وعبر

هذه البلاد تقع على على الطريق العالمي لتهريب الكوكايين والهيروين، كما أنها تعرضت لمئات من القنابل النووية أثناء قيام السوفييت بتفجيرها فوق رؤوسهم خلال تجاربه العلمية، ما ترك بين ناسها أمراضًا وسرطانات إلى اليوم، لكن أهل البلد نهضوا وقاموا ليصنعوا بلاداً بهذا الجمال، خاليا من الطائفية والعرقية والعقد، كدليل قاطع على أن البلاد يمكن أن تقوم من جديد وأفضل مما كانت عليه قبل الدمار... وهذه همسة أمل لبلادنا العربية.



قمع متزايد

ازدادت في السنوات الأخيرة البيانات الحقوقية والدولية التي تدين قمع النظام المتزايد للمعارضين، وهو ما يهدّد الصورة الجميلة لهذه البلاد. وقام عدد  من الفنانين عام 2011 بإلغاء حفلاتهم في كازاخستان، بسبب هذه القمع، ومن بين هؤلاء المغني العالمي ستينغ.


اقرأ أيضاً: كيف تحصل على رحلة طيران أقل إزعاجاً؟
المساهمون