25 يوليو 2021
كأس من الذكريات
ها هو ذا كأس الشاي أحتسيه من جديد، كذبت على نفسي حين قلت بأنني لن أعاود الكتابة، جهلتُ حينها حبي لها ولمحفظتي الممتلئة بأقلام كثيرة، رغم أنني لا أستخدم منها إلا واحدا أهداني إياه أبي ذات يوم، فهو الآخر مصابٌ بعدوى هذا الحب، حبُّ كل شيءٍ يرتبط بالكتابة.
أتلمس حرارة الكأس فينبعث فيضٌ من الدفء إلى قلبي، دفءٌ لم أعهده منذ فترة ليست بالقصيرة.
ثم تأخذني ذاكرتي حين كنت أتشارك الشاي مع أحدهم في بلد بعيد يسكنه الجمال وبهجة الروح، كان يحب الشاي بلا سكر وكنت أتعمّد إلقاء مكعبات السكر إلى كأسه إلى أن اعتادَ شربه حلواً وأنا اعتدت شربه باهتاً مرّاً إلا أنني أستلذ به.
على أحد مقاعد حديقة تروي مقاعدها قصصاً مختلفة، يجلس إلى جانبي مستمتعين بصوت فيروز الذي تبثه إذاعة "صوت دمشق" عبر أثيرها كعادتها كل صباح إلى ما قبل الظهيرة، لينصت إليها كل الناس وهم سائرون إلى أشغالهم وأعمالهم. طلاب الجامعات وكبار السن الجالسين في مقاهي باب توما والقيمرية وأبو رمانة، وسائقو التكاسي ذوي الوجوه الضاحكة والأمهات وهن يصنعن بأياديهن المباركة شطائر الجبن لأولادهن قبل ذهابهم إلى المدارس.
لم تكن فيروز صوتاً عابراً هناك وإنما صوت الحياة لكل شيء، فقد كانت زهور الياسمين تستفيق على صوتها لتورّد، وما إن غاب صوتها تنام بذبولها مرة اخرى.
قال لي: عيناكِ تبتسمان. قلت له: أبتسم لتفاصيل دمشق فأنا أحبها حباً غريباً.
قل لي من لا يحب وطناً تعلم فيه كل معاني الحب! وطنٌ يداويك بنسماته مهما قست عليك الدنيا فيه! وطنٌ يميت فيك كل بشاعة ليحيك في اليوم التالي بروح جديدة؟
تنسكب الكأس على طاولتي بعد شرود طويل فتتبلل كل أوراقي من دون أن أحرك ساكنا، سوى أن أقوم برفع قدميَّ أعلى الطاولة، متأملةً بقايا الشاي داخل الكأس والكسر الذي أصاب طرفًا منها.
كنت في كل مرة أكسر فيها أكواب الشاي أغسلها وأرتبها بين أشيائي القديمة وأعاود النظر فيها من الحين إلى الآخر. ففي كل كسر قد ترى نفسك حين كسرتك الحياة مراراً وتكراراً، إلا أنك تجاوزت كل شيء، وأصبحت انكساراتك ماضياً، وأصبحت أنت بحلة جديدة لروحك وعقلك وقلبك معاً.
أصبحت متوخية للحذر أكثر من السابق مبتعدة عن المجازفات والطيش، رغم أن المغامرات تجذبنا، فحلوها يجعلنا ننسى عثراتنا ونكون أشخاصاً آخرين، تدفعنا الحياة لنتألم ثم لنتعلم منطلقين من جديد بابتسامة مفعمة بالأمل.
ثم تأخذني ذاكرتي حين كنت أتشارك الشاي مع أحدهم في بلد بعيد يسكنه الجمال وبهجة الروح، كان يحب الشاي بلا سكر وكنت أتعمّد إلقاء مكعبات السكر إلى كأسه إلى أن اعتادَ شربه حلواً وأنا اعتدت شربه باهتاً مرّاً إلا أنني أستلذ به.
على أحد مقاعد حديقة تروي مقاعدها قصصاً مختلفة، يجلس إلى جانبي مستمتعين بصوت فيروز الذي تبثه إذاعة "صوت دمشق" عبر أثيرها كعادتها كل صباح إلى ما قبل الظهيرة، لينصت إليها كل الناس وهم سائرون إلى أشغالهم وأعمالهم. طلاب الجامعات وكبار السن الجالسين في مقاهي باب توما والقيمرية وأبو رمانة، وسائقو التكاسي ذوي الوجوه الضاحكة والأمهات وهن يصنعن بأياديهن المباركة شطائر الجبن لأولادهن قبل ذهابهم إلى المدارس.
لم تكن فيروز صوتاً عابراً هناك وإنما صوت الحياة لكل شيء، فقد كانت زهور الياسمين تستفيق على صوتها لتورّد، وما إن غاب صوتها تنام بذبولها مرة اخرى.
قال لي: عيناكِ تبتسمان. قلت له: أبتسم لتفاصيل دمشق فأنا أحبها حباً غريباً.
قل لي من لا يحب وطناً تعلم فيه كل معاني الحب! وطنٌ يداويك بنسماته مهما قست عليك الدنيا فيه! وطنٌ يميت فيك كل بشاعة ليحيك في اليوم التالي بروح جديدة؟
تنسكب الكأس على طاولتي بعد شرود طويل فتتبلل كل أوراقي من دون أن أحرك ساكنا، سوى أن أقوم برفع قدميَّ أعلى الطاولة، متأملةً بقايا الشاي داخل الكأس والكسر الذي أصاب طرفًا منها.
كنت في كل مرة أكسر فيها أكواب الشاي أغسلها وأرتبها بين أشيائي القديمة وأعاود النظر فيها من الحين إلى الآخر. ففي كل كسر قد ترى نفسك حين كسرتك الحياة مراراً وتكراراً، إلا أنك تجاوزت كل شيء، وأصبحت انكساراتك ماضياً، وأصبحت أنت بحلة جديدة لروحك وعقلك وقلبك معاً.
أصبحت متوخية للحذر أكثر من السابق مبتعدة عن المجازفات والطيش، رغم أن المغامرات تجذبنا، فحلوها يجعلنا ننسى عثراتنا ونكون أشخاصاً آخرين، تدفعنا الحياة لنتألم ثم لنتعلم منطلقين من جديد بابتسامة مفعمة بالأمل.