قوى معارضة في الجزائر تعلن استعدادها للتفاهم حول مرشح رئاسي توافقي

13 فبراير 2019
ترفض المعارضة الجزائرية ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (Getty)
+ الخط -
أعلنت أحزاب سياسية معارضة في الجزائر، اليوم الأربعاء، استعدادها لتقديم تنازلات بشأن اختيار مرشح توافقي، في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة في 18 إبريل/نيسان المقبل، ضمن سياق مشاورات أولية بين قوى المعارضة حول الملف. في وقت دعا تكتل سياسي معارض إلى انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضدّ ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وذلك يوم الأحد المقبل.

وأكدت حركة "البناء الوطني" في الجزائر، استعدادها لمناقشة فكرة مرشح توافقي، وانفتاحها على هكذا مسعى، بناءً على مبادرة يقودها رئيس "جبهة العدالة والتنمية" عبد الله جاب الله.

ونقل بيان للحركة ذات المرجعية الإسلامية، تأكيدها "الاستعداد للتنازل ضمن أي مسعى يحقق الإجماع بين الجزائريين وينهي حالة الاصطفاف والاستقطاب والتوتر القائمة، والذي لا يؤدي، في تقديرنا، إلا لمزيد من الاحتقان الذي لا يخدم أحداً".

وأعلن البيان "استمرار الحركة في التواصل والتشاور مع كل القوى الفاعلة في البلاد من دون استثناء، من أجل تغليب المصلحة العليا للوطن، والاستجابة لطموحات وتطلعات المواطنين في التقدم الديمقراطي والتطور التنموي"، مشيراً إلى أن "مجلس شورى الحركة سيجتمع في دورة طارئة، في 23 فبراير/شباط الحالي، للبت في الخيار النهائي الذي ستتخذه الحركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة".

وكانت حركة "مجتمع السلم"، الحزب التاريخي لـ"إخوان" الجزائر، قد أعلنت، في بيانٍ رسمي صدر يوم الإثنين الماضي، موافقتها المبدئية على فكرة مرشح توافقي للمعارضة في مواجهة مرشح السلطة، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مؤكدة تمسّكها "بقرار مجلس الشورى الوطني بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية، والمنافسة الجادة على منصب رئاسة الجمهورية، وفي حالة الوصول إلى الاتفاق على مرشح واحد للمعارضة، ستعود قيادة الحركة إلى مجلس الشورى الوطني للفصل في الموضوع قبل نهاية أجل إيداع ملفات الترشح".

ويقود رئيس "جبهة العدالة والتنمية"، عبد الله جاب الله، مبادرة سياسية التقى بشأنها عدداً من المرشحين للرئاسة، كاللواء السابق في الجيش علي غديري، ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، وقادة أحزاب وشخصيات مستقلة، لإقناعها بالدخول بمرشح موحد تلتف حوله المعارضة والكتلة الناخبة التي تعارض ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.

وأوضح القيادي في "الجبهة"، لخضر بن خلاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مجمل قوى وشخصيات المعارضة وافقت من ناحية المبدأ على فكرة المرشح التوافقي، على أن تتم مناقشة التفاصيل في اجتماعات مشتركة لاحقاً".

ويتوجب على قوى المعارضة حسم خيارها قبل تاريخ الثالث من مارس/آذار المقبل، وهو آخر أجل حدده المجلس الدستوري للمرشحين لإيداع ملفاتهم لديه.

الدعوة إلى احتجاجات شعبية

إلى ذلك، دعا تكتل سياسي معارض إلى تحركات احتجاجية شعبية ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، بدءاً من 24 فبراير الحالي.

ووجّه تكتل "مواطنة"، الجزائريين، إلى "أول يوم للحراك المواطناتي (الوطني)، يوم الأحد 24 فبراير/شباط الحالي، من أجل التغيير والمقاومة السلمية ضد العهد الخامس المفروض عنوة"، مشيراً إلى أن "الإصرار على جعل رئاسيات إبريل 2019، عملية شكلية من أجل ضمان الاستمرارية شيء شديد الخطورة، يحكم على الجزائريين باليأس، ويغذي الانقسام داخل الوطن، كما يشجع الشباب على مواصلة الهجرة، ويضعف الدولة داخلياً وأمام الأمم".

واختار التكتل المعارض تاريخ 24 فبراير لبدء الاحتجاجات، لكونه يتزامن مع مناسبة تاريخية تتعلق بذكرى تأميم الرئيس هواري بومدين المحروقات في 24 فبراير 1971، واسترجاع إدارتها من الشركات الفرنسية. 

واعتبر التكتل المعارض أن "مواصلة الوضع الحالي يهيئ لنهاية كارثية للنظام وللدولة ككل، وفرض الاستمرارية والحكم مدى الحياة، هو حرمان الجزائريين من سيادتهم، وتعطيل بروز جزائر القوة الاقتصادية ودولة القانون، التي لطالما وعد الجزائريون بقدومها من دون أن تتجسد، وضياع الوقت الذي جرف معه حلولاً كان بالإمكان تجسيدها".

وفي رأي التكتل، فإنه "كان من المفترض أن يُستدعى الجزائريون، في 18 إبريل المقبل، لانتخاب رئيس جمهورية ولبناء مؤسسات شرعية، لكن زبائن النظام حوّلوه إلى إجراء شكلي يضمن مواصلة السلطة السياسية الحالية، الشيء الذي سيضع مصداقية الدولة الجزائرية على المحكّ".

ويضم تكتل "مواطنة" أحزاباً وشخصيات معارضة، بينها حزب "جيل جديد" و"الاتحاد من أجل التغيير" و"الاتحاد الديمقراطي"، ورئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، ورئيس رابطة حقوق الإنسان صالح دبوز، ومجموعة من الناشطين والصحافيين المستقلين.

ويشير بيان تكتل "مواطنة" إلى "تضاعف المخاطر واحتمالات الدخول في عجز كارثي في التنمية، وتتجه البلاد إلى فقرٍ حقيقي، بعد سحب النظام السياسي الشرعية من مؤسسات الدولة، حيث إن الجزائر اليوم مسيّرة بالوكالة"، في إشارة إلى مزاعم بوجود فريق من الشخصيات النافذة يتحكم في القرارات المصيرية، على غرار السعيد بوتفليقة، شقيق بوتفليقة.

وأعلنت حركة "مواطنة" رفضها "منذ اليوم الأول، سيناريو الأسوأ الذي يتحول إلى حقيقة، وقامت بكل ما في وسعها من أجل منعه، لكونه غير دستوري، وكانت تتمنى للجزائر مرشح إجماع، من أجل مرحلة انتقالية متفاوض عليها".

وكانت مؤشرات الحراك الاحتجاجي ضد ترشح بوتفليقة قد بدأت في يوم إعلان ترشحه، الأحد الماضي، حيث نظم طلبة جامعة العلوم والتكنولوجيا، بباب الزوار في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، مسيرة ليلية، كما احتج طلبة وناشطون في منطقتي بجاية وتيزي وزو شرقي الجزائر، فيما نشطت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات متباينة إلى القيام باحتجاجات شعبية مناوئة للترشح، السبت المقبل.

وفي وقت سابق، هددت الحكومة بالرد العنيف ضد كل من يقوم بالاحتجاج في الشارع. وقال رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، في آخر مؤتمر صحافي عقده في الثاني من فبراير، إن الحكومة ستتصدى لكل محاولة لاستغلال الشارع أو إثارة الفوضى، مشيراً إلى أن

السلطات أثبتت جديتها في هذا السياق، خلال محاولة قوى معارضة ذلك قبل فترة قصيرة.

وقال عضو تكتل "مواطنة"، المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك شعورا متفاقما بالإهانة لدى الجزائريين يدفعنا إلى التفكير في خيار الخروج إلى الشارع"، لافتاً إلى أنه "يتم في الوقت الحالي دراسة الخيارات الاحتجاجية الممكنة، بما فيها الدعوة إلى الإضراب العام أو قرع الأواني وغيرها".

المساهمون