قوافل طبية في أرياف تونس

02 ديسمبر 2019
ناشطون في إحدى الحملات الصحية (الهلال الأحمر التونسي)
+ الخط -

يشكو قطاع الصحة العامة في تونس من نقص على مستويات مختلفة، سواء التجهيزات أو الكادر الطبي وشبه الطبي، خصوصاً في المناطق الداخلية، ويعود ذلك لأسباب عدّة من قبيل ارتفاع هجرة الأطباء إلى الخارج في خلال الأعوام الأخيرة ورفض الأطباء العمل في الأرياف بسبب نقص التجهيزات في مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات هناك. بالتالي، راحت جمعيات ومراكز رعاية الصحية إلى جانب وزارة الصحة تعتمد على قوافل طبية متنقلة، وجهتها مناطق داخلية، أمّا هدفها فتوفير عدد لا يستهان به من الخدمات الصحية المجانية في مختلف التخصصات والتخفيف من حدّة نقص الكادر الطبي لمصلحة التونسيين في تلك المناطق. ومن بين تلك القوافل ما هو موسمي مهمّته تنظيم حملات تلقيح خاصة بالحصبة أو الإنفلونزا أو غيرهما.

في أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، توجّهت قافلة طبية عسكرية تضمّ كوادر طبية وشبه طبية إلى محافظة قفصة، جنوب غربي البلاد، للقيام بعمليات جراحية وتدخلات طبية مختلفة في 15 اختصاصاً. وقد ساهم بعض الكوادر الطبية العسكرية في قوافل عدّة في خلال مناسبات مختلفة في الأعوام الأخيرة، لا سيّما في الجنوب التونسي. بالتزامن مع نشاط قافلة قفصة، توجّهت قافلة أخرى إلى محافظة قبلي في الجنوب، تتألّف من متخصصين في طبّ العيون ومهمّتها الكشف على أكثر من 350 تلميذاً في مؤسسات تربوية مختلفة هناك. ويقول رئيس جمعية قدماء معهد دوز، عبد الرحيم بن يحيي، لـ"العربي الجديد" إنّ "القافلة أتت بتنظيم من الجمعية وبمشاركة أطراف أخرى، علماً أنّها (الجمعية) تهتمّ بتنظيم قوافل طبية في اختصاصات مختلفة تستهدف التلاميذ في الأساس"، مشدداً على "أهمية القوافل الطبية لجعل الخدمات الصحية في متناول المواطن، خصوصاً في المناطق الداخلية".




ووجهة القوافل المختلفة تكون عادة المدارس أو دور المسنين أو مراكز رعاية الأطفال، وتقدّم للمستفيدين خدمات في مجالات طب العيون وطب الأسنان وطب الأعصاب وطب القلب والشرايين وطب الأطفال والأمراض الباطنية (الداخلية). والخدمات تُقدَّم مجاناً بمعظمها، وهي تشمل إلى جانب المعاينات واللقاحات فحوصات طبية مختلفة لعدد كبير من المواطنين. وقد تتمركز تلك الحافلات في الشوارع الرئيسية بالمناطق، بعد نصب خيام كبيرة لاستقبال الراغبين في الاستفادة من الخدمات المقدّمة، أو في مراكز الرعاية الصحية هناك. وقد تبقى القافلة في المنطقة المستهدفة ما بين ثلاثة أيام وعشرة، علماً أنّها قد توفّر في مناسبات مختلفة كميات من الأدوية التي تفتقر إليها مناطق عدّة.

في إحدى القرى (الهلال الأحمر التونسي)

الجمعية التونسية لأمراض وجراحة القلب واحدة من بين أكثر الجمعيات التي نظّمت قوافل طبية إلى جهات مختلفة في الجنوب والشمال الغربي، ويقول رئيسها فوزي عداد لـ"العربي الجديد" إنّها "قدّمت مئات المعاينات الطبية للمواطنين في مناطق مختلفة، وقد لاحظنا إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين، لا سيّما أنّ الكشف مجاني". يضيف أنّهم اكتشفوا من خلال تلك القوافل أنّ "أشخاصاً كثيرين يعانون مشاكل في الشرايين أو القلب من دون أن يعوا ذلك"، لافتاً إلى أنّ "كوادر طبية مشاركة في تلك القوافل بقيت تتابع حالات عدّة بعد انتهاء الحملة المنظّمة".

على الرغم من أهمية تلك القوافل الطبية في سدّ الشغور في القطاع الطبي العام، وفي تجنيب مرضى كثيرين عناء الانتقال إلى المدن الكبرى لتلقّي العلاج، فإنّها تبقى حلاً مؤقتاً، نظراً إلى أنّها تأتي في مدّة محدودة لا تسمح أحياناً بالقيام بكل ما يلزم، بالإضافة إلى أنّ الطبيب لا يحظى بالوقت الكافي لإنجاز الفحص الجيّد والتدقيق في كلّ حالة على حدة، بسبب عدد المراجعين الكبير. إلى جانب ذلك، لا تتوفّر ملفات طبية للمرضى في معظم الحالات، الأمر الذي يحول دون اطلاع الطبيب المشارك في القافلة على تاريخ المريض الصحي.



تجدر الإشارة إلى أنّ كثيرين هم التونسيون الذين وبعد تشخيص إصابات مختلفة لديهم، خلال وجود القوافل في مناطقهم، لا يتابعون حالاتهم ولا علاجاتهم بعد انتهاء مهام تلك القوافل. أمّا السبب فعدم توفّر أطباء اختصاص في مناطقهم، بالإضافة إلى بُعد المستشفيات عنهم، لا سيّما تلك التي تضمّ أطباءً متخصصين في أمراض القلب والشرايين وأمراض السرطان وأمراض الكلى وغيرها من الأمراض التي تستوجب متابعة دائمة.
المساهمون