قوات النظام السوري تدخل سجن حماة.. ومخاوف من مجزرة

30 مايو 2016
تحذيرات من وقوع مجزرة خلال اقتحام سجن حماة(فرانس برس)
+ الخط -

دخل مئات الأفراد من الأمن العسكري وقوات حفظ النظام ساحة سجن حماه المركزي، وسط تحذيرات من وقوع مجزرة بحال تم اقتحام السجن، في الوقت الذي ازدادت معاناة المعتقلين مع مواصلة النظام فرض حصار على السجن لليوم الثالث على التوالي.

وكانت قوات النظام قد عززت حشودها في المنطقة الصناعية في حماه على بعد مئات الأمتار من السجن، "حتى يكون الاقتحام مفاجئا، وأغلقت طريق دوار القصور باتجاه الصناعة، وشارع الثلاثين المؤدي للصناعة، مع وجود مكثف لدوريات الشرطة والشبيحة بقيادة الشبيح طلال الدقاق". 

أما المعتقلون، فقد حددوا، خلال اجتماع عقدوه أمس، مطلبهم بإطلاق سراحهم جميعا دفعة واحدة، وعن طريق الهلال الأحمر والصليب الأحمر الدولي، وبضمانات دولية، رافضين الإفراج عن أي ضابط أو عنصر مقابل إعادة المياه والطعام والكهرباء، كما عرض مفاوضو النظام، بقيادة الشيخ صالح النعيمي، من أهالي حمص ( وهو المسؤول سابقاً عن اتفاق حي الوعر الذي لم ينفذ)، والذي حضر إلى السجن مبعوثا من قبل المخابرات السورية، لإجراء مفاوضات مع المعتقلين، لكنه غادر السجن دون الوصول إلى أي اتفاق معهم.

والشيخ صالح النعيمي، هو أحد مهندسي اتفاق حي الوعر قبل حوالي سنة، وقام النظام بموجبه بنقل مائة معتقل من سجن حمص المركزي إلى فرع مخابرات أمن الدولة لكي يقوم بتسوية أوضاعهم وإطلاق سراحهم، إلا أنهم ما زالوا حتى الآن موجودين في فرع مخابرات أمن الدولة تحت التعذيب، حسب عدة مصادر من سجن حمص المركزي.

إلى ذلك، تزداد معاناة المعتقلين في سجن حماة المركزي مع مواصلة النظام السوري فرض حصار محكم على السجن لليوم الثالث على التوالي، يشمل قطع المياه والطعام والكهرباء، والتشويش الشديد على الاتصالات. 

وقالت مصادر من داخل السجن لـ"العربي الجديد" إن الحالة الصحية لجميع المعتقلين، والمحتجزين معهم من ضباط وعناصر الشرطة، في تدهور خطير، نتيجة العطش الشديد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن معاناة المرضى منهم تتضاعف أكثر.

وكان السجناء، البالغ عددهم نحو 800 سجين، بدأوا عصيانا جديدا داخل السجن السبت الماضي، بسبب مماطلة السلطات في إطلاق سراحهم وفق الاتفاق السابق بين الجانبين، ليحتجزوا معهم قائد شرطة حماة، اللواء أشرف طه، ومدير السجن، العميد جاسم الخلف، وحوالي عشرة عناصر من الشرطة.

وقال رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين، المحامي فهد الموسى، لـ"العربي الجديد"، إن أعراض مرض التجفاف بدأت تظهر على جميع المعتقلين المحاصرين داخل السجن، مترافقة مع اضطراب بالشوارد وأعراض عصبية بشكل عام، موضحا أن التدهور طاول، بشكل خاص، المعتقلين الذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل مرضى القلب والسكري والضغط، و"الذين يحتاجون إلى عناية خاصة، ويتأثرون أكثر من غيرهم بنقص المياه، مما فاقم حالتهم الصحية"، مشيرا إلى وجود حالات تسمم ترافقت مع إسهال وإقياء لدى بعضهم، بعد أن اضطروا لشرب مياه آسنة وتناول خبز عفن، إضافة لعدم وجود أي أدوية مسكنة وخافضة للحرارة، أو أدوية التهابات.

وأوضح الموسى أن قائد شرطة حماة يعاني مرض الضغط والسكري وحالته تتفاقم بسبب العطش الشديد، وقد طلب من ضباط المخابرات الذين يشرفون على محاصرة السجن إدخال الأدوية الخاصة به، لكنهم رفضوا ذلك، معربا عن اعتقاده بأنهم يسعون إلى تعميق وضعه الصحي، واتهام المعتقلين بقتله أو التسبب بوفاته.

ورأى المتحدث ذاته أن "النظام يستخدم سياسة التجويع بغية التركيع، من خلال إنهاك المعتقلين صحياً وإنسانياً، تمهيدا لاقتحام السجن بعد إيصال المعتقلين إلى مرحلة من الوهن لا يستطيعون معها صد أي اقتحام"، متوقعا أن تكون مرحلة ما بعد الاقتحام أصعب من مرحلة الاقتحام، "حيث تبدأ مرحلة التعذيب والتنكيل بالمعتقلين، وسيكون الموت أسهل للمعتقلين من هذه المرحلة"، حسب تعبيره.

وقال إن أهالي المعتقلين وأصدقائهم يناشدون وسائل الإعلام لإيصال صوتهم إلى الهيئات الدولية والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، والمبعوث الأممي للملف السوري ستيفان دي ميستورا، ومستشارة شؤون المعتقلين في فريق دي ميستورا، إيفا سفوبودا، ومجموعة العمل في جنيف بخصوص سورية، للعمل بشكل سريع على إنهاء الكارثة الإنسانية التي يعيشها المعتقلون في سجن حماة، والضغط على النظام السوري كي يسمح للهلال الأحمر والصليب الأحمر الدولي بالدخول إلى السجن، وإعادة مقومات الحياة إليه من الماء والكهرباء والطعام والدواء وعلاج الحالات المرضية المتدهورة، والتي يتزايد أعدادها وتسوء حالتها، وتأمين الحماية الدولية لهم وفق القرار الأممي 2254 والقانون الإنساني الدولي والأعراف والمبادئ الإنسانية والدولية. 

وفي السياق، ذكرت مصادر أن السلطات تعرض على السجناء الجنائيين وأصحاب الجرائم الشائنة، من جرائم المخدرات والسرقة والاغتصاب والقتل، التطوع لدى الجيش ولجان الدفاع الوطني للمشاركة في الأعمال العسكرية، مقابل الإفراج عنهم، وقد قبل بعضهم بالفعل هذا العرض، وجرى إخراجهم من السجن وإلحاقهم بالجبهات. 

من جهة أخرى، استنكرت أوساط في المعارضة السورية، بينها الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين، إطلاق المرصد السوري، وبعض الجهات الحقوقية "غير الحيادية"، تسمية إسلاميين على المعتقلين الموقوفين لصالح المحكمة الميدانية في صيدنايا، "ليوهموا العالم أن هناك في سجن حماه موقوفين بتهم تتعلق بالإرهاب، علماً أن المعتقلين الموجودين حالياً في السجن لصالح المحكمة الميدانية هم من الناس البسطاء، والذين شاركوا بالمظاهرات السلمية، أو من عناصر الأمن الذين تعاطفوا مع المظاهرات السلمية".

المساهمون