قناة "الرقيّ الاجتماعي" والانحياز للنظام

06 ديسمبر 2014
من التظاهرات الأخيرة في مصر (Getty)
+ الخط -
لا يشاهد المصريون قناة "بي بي سي عربيّة" كثيراً. بل يمكن القول إن مشاهدتها تقتصر على فئة معينة من المجتمع المصري، هي الأكثر رقيّاً اجتماعياً واقتصادياً. رجل الشارع البسيط في مصر "يسمع" فقط عن "بي بي سي"، ولكنه يفضّل مشاهدة القنوات الفضائيّة المصريّة ومقدمي البرامج المصريين، لأنهم الأقرب إليه والأشهر بالنسبة له... هذا ما رصدته "العربي الجديد" في استطلاع رأي سريع مع عدد من المواطنين بميدان التحرير.

قد تكون إدارة "بي بي سي" واعية لهذا الواقع في مصر، ما دفعها لإطلاق أحدث برامجها، "بتوقيت مصر"، الذي يقدمه الإعلامي المصري حافظ الميرازي، ولكنها قد تتشابه أحياناً مع واقع الإعلام المصري "الأكثر انحيازاً للنظام الحاكم، والأقل صدقاً في التعبير عن آلام الشارع
المصري".

حصدت "بي بي سي" حملات تشويه متعمّدة في الآونة الأخيرة، من قبل بعض وسائل الإعلام المصري، ولا سيّما بعدما تظاهر عدد من العاملين في "بي بي سي" ضد حكم القضاء المصري بسجن صحافيي قناة "الجزيرة"، على خلفية قضايا واتهامات بـ"انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، أو التحريض على العنف وبث أخبار كاذبة".

وكان العاملون في "بي بي سي" قد دعوا، في بيان، إلى ضرورة زيادة سلامة وحماية الصحافيين، ودعوا للإفراج عن موظفي قناة الجزيرة. كما دعا البيان إلى إطلاق سراح جميع الصحافيين، وتخليص أكثر من 200 من الصحافيين الآخرين في جميع أنحاء العالم الذين يتم احتجازهم الآن وراء القضبان، فقط لأنهم يقومون بأداء عملهم، لأن الصحافة ليست جريمة، بل هي ضرورة للمجتمع الحر والمنفتح.

ولكن ذلك لا يمنع أن متابعة قناة "بي بي سي" يُظهر أنها تحيد أحياناً عن خط "المهنية" الذي فرضته على نفسها، ويجد في أحيان أخرى مجرد "صورة سطحية ومصطنعة لمقولة الرأي والرأي الآخر"، تمارسها القناة، تحديداً في الفترة الأخيرة، من خلال التحكّم في مساحات ضيوف البرامج، أو حتى في اختياراتها لمفاهيم وتعريفات راسخة، تحيد عنها بادعاء المهنية. وهذا أيضاً ما رصدته مجموعة من ضيوف برامج القناة، وروته لـ"العربي الجديد". وأكد
بعضهم أنّ استضافتهم كأطراف رافضة للانقلاب في مصر، يأتي فقط من منطلق إبداء الصورة الكاملة للرأي والرأي الآخر، ولكن في حقيقته هو مجرد "صورة.. بينما الحقيقة هي أنهم لا يُفسح لهم مجال الحديث، ويتم التضييق عليهم وعلى رأيهم من قبل الضيوف أو مقدمي البرامج".

وتقول أستاذة الإذاعة والتلفزيون بالجامعة الأميركية في القاهرة، رشا علام، إنّ "شبكة بي بي سي" تعدّ من أهم الشبكات التي تحاول تتبّع قواعد المهنية والعمل الحرفي في الصحافة والإعلام بشكل عام، على العكس من أغلب وسائل الإعلام المصرية التي لا تهتم بدقة الخبر أو توازنه".

وأكدت علام أن سعي "بي بي سي" لتخصيص برنامج عن الأحداث المصرية، هو نهج اتبعته العديد من القنوات الفضائية العربية في الآونة الأخيرة، نظراً لمكانة مصر ووضعها في الوطن العربي...
لكنّ كلّ هذا لا يُعزّز موقع "بي بي سي" في التغطيات المصريّة أو غيرها، بل فقط يُدرجها ضمن الفضائيّات التي تُنافس من أجل الحصول على عدد مشاهدين في مصر، أي المنافسة والربح، ليس أكثر.
المساهمون