القمع داخل السعودية وسياستها الخارجية العدوانية يؤججان مخاوف المستثمرين، فيما يبدو أن العجز عن التنبؤ بالتدابير القادمة يرهب أصحاب الرساميل المترقبين لما ستقوم به الرياض في المرحلة القادمة، على ضوء توسّع نطاق التحقيق في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، بما يُصعّب حصول المملكة على استقطاب الاستثمارات الخارجية.
في السياق، نقلت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية اليوم الثلاثاء، عن المستثمر المخضرم في الدول النامية مارك موبيوس Mark Mobius، قوله إن السعودية ستجد صعوبة في جذب أموال أجنبية، فيما تثير جريمة قتل الكاتب خاشقجي، المخاوف بشأن الحوكمة ومخاطر سياسية أخرى، سواء داخل السعودية أو في علاقتها مع الخارج.
الرجل البالغ من العمر 82 عاماً، كان أسّس شركة "موبيوس كابيتال بارتنرز" هذا العام، بعد 3 عقود قضاها في شركة الاستثمار "فرانكلين تمبلتون إنفزتمنتتس"، قال إنه يشعر بالقلق حيال الحُكم في السعودية ومدى قدرتها على التزام الإصلاحات.
تأتي هذه التصريحات، بعدما تخلى المستثمرون الأجانب عن رقم قياسي من الأسهم في أكتوبر/ تشرين الأول، مع عزل المملكة ولي العهد محمد بن سلمان من التحقيقات في مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
وفي تقرير نشرته "بلومبيرغ" اليوم أيضاً، أشارت الوكالة إلى أن أصحاب الرساميل فقدوا إيمانهم بولي العهد محمد بن سلمان قبل جريمة قتل خاشقجي بكثير، ولا سيما بعد حملة الاعتقالات ووضع اليد على ثروات العديد من كبار رجال الأعمال والشركات والمجموعات داخل المملكة.
وفي مقابلة بدبي قال موبيوس: "إذا كانت طريقة حُكم القيادة السعودية مشكوكاً فيها، فما بال الشركات؟ هناك أشياء أخرى تحدث وتنطوي على أخطار كبيرة للغاية".
موبيوس صرّح بأنه يفضل الاستثمار بالأسهم المصرية، لأنها بعكس معظم دول الخليج، لا ترتبط الدولة الشمال أفريقية بالسعودية بشكل وثيق، مضيفاً: "لسوء الحظ بسبب هذا الحادث (جريمة قتل خاشقجي)، فإن الكثير من الناس يخافون من السعودية، ويسألون: من يمكن أن يكون التالي؟".
حتى إن قرار شركة "إم.إس.سي.آي" MSCI إدراج أسهم السعودية في سوقها الناشئة العام المقبل، لن يكون كافياً لجذب الأموال التي لم يتم قياسها مقابل المؤشر، فيما يمتلك الأجانب حالياً أقل من 5% من أكبر سوق للأوراق المالية في العالم العربي.
"بلومبيرغ" تشير في تقريرها، إلى أن محمد بن سلمان يريد أن يفطم المملكة عن إيرادات النفط الخام، وأن يجذب المزيد من المستثمرين الأجانب، كعنصر أساسي في بيع حصة من شركة "أرامكو" الوطنية النفطية العملاقة، لكن جهوده تقوضت بسبب القمع الداخلي والسياسة الخارجية العدوانية.
موبيوس يختم بالقول: "في البداية، أشدنا بفكرة دخول ولي العهد على خط إجراء هذه التغييرات الليبرالية، لكننا بتنا ندرك الآن بأنها ليست القصة الكاملة".