قمة سنغافورة: ملامح حوار "ساخر" على طريقة ترامب وكيم

76175B33-4511-4E32-B2BD-6F3F39C4605C
داليا قانصو
صحافية لبنانية، من فريق عمل قسم السياسة في الصحيفة الورقية لـ"العربي الجديد".
11 يونيو 2018
19AF5017-6E0B-408E-8B8F-84F01FA2EDED
+ الخط -
تتجه الأنظارغداً إلى سنغافورة، حيث ستعقد القمة الأولى من نوعها بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، والتي احتاجت إلى الكثير من الأخذ والرد لتأكيد انعقادها.

وعلى الأرجح، لن تشبه قمة دونالد ترامب وكيم جونغ أون، مثلاً، القمة التي عقدها الرئيس الأميركي في البيت الأبيض أخيراً، مع نجمة تلفزيون الواقع، كيم كاردشيان. ولو أخذنا برأي أمٍّ أميركية، التقت ترامب حديثاً، برفقة أهالي ضحايا إطلاق نار في إحدى المدارس، للمطالبة بالحدّ من رخص السلاح الفردي في البلاد، والتي قالت حرفياً "أحسست كأنني أتحدث إلى طفلٍ"، في إشارة إلى ترامب، فمن الممكن توقع الأسوأ لقمة استثنائية، لا تشير الآمال المعقودة عليها حتى الآن إلى الكثير من الطموح.

لكن ترامب، ذا الأوجه المتعددة، لم يكن يشبه "الطفل" خلال لقائه العائلات الأميركية المناهضة للسلاح، سوى لأنه يملك طاقة عالية في فنّ "الالتزام" بحملته الانتخابية، التي كان لوبي السلاح الأميركي أشد الداعمين والممولين لها. من هذا المنطلق، فإن نجاح قمته مع كيم جونغ أون أساسي، لإثبات مقدرته على التفاوض والنجاح، هو الذي يضع مآخذه على إدارة باراك أوباما واتفاقاتها "النووية" السيئة، نصب عينه.

رغم ذلك كلّه، لن تكون القمة الأميركية – الكورية الشمالية سهلةً بأي مقياس. وبحسب العديد من الخبراء، فإن المواضيع "المحرمة" على التداول، من التواجد العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية، إلى ملف حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، تتخطى بأشواط تلك المسموح بها.

أما الملف الوحيد والأساسي الذي سيكون قيد النقاش، فهو "نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية"، والذي تريده واشنطن أن يحصل وفق مبدأ "one shot denuclearization"، أي دفعة واحدة، فيما يتلخص هدف بيونغ يانغ في أن يتمّ على مراحل، يرجح الخبراء في ملف شبه الجزيرة الكورية، أن يمتد لسنوات طويلة، تماماً كما بنت بيونغ يانغ برنامجها النووي، في مقابل رفع العقوبات عنها، وضخّها بمحفزات أميركية، تُحول هذه الدولة الآسيوية من دولةٍ "مارقة"، كما توصف في الغرب، إلى دولةٍ معترفٍ بها، تتخذ لها حيزاً بين الأمم.

هكذا، يُصبح "الشيطان في التفاصيل"، العلامة الفارقة للقمة المرتقبة. ولهذا السبب، ربما، اتجه الإعلام العالمي إلى الالتهاء بتفاصيلٍ ثانوية تتعلق بالقمة، كمثل التساؤل عن الجهة التي ستدفع الكلفة الباهظة لإقامة كيم جونغ أون في سنغافورة، أو ماذا سيتناول الرجلان من طعام خلال لقائهما، أو هل سيتمّ استخدام الـ"فوتوشوب" لإضفاء ابتسامة على ثغر كيم، لدى مصافحته نظيره الأميركي.

وفي حبكة السيناريو الطويل لمشوار تفكيك برنامج كوريا الشمالية النووي، يشهد لترامب أنه قدم الأسبوع الماضي ما يسمى في الأفلام الهوليوودية بـ"التويست"، أي الالتفاف، لإضفاء المزيد من التشويق على العملية التي تجري بين الطرفين، وذلك حين أعلن في رسالة إلى كيم أنه قرر إلغاء القمة الموعودة بينهما، ليرد الزعيم الكوري الشمالي برسالة وصفها ترامب بالـ"اللطيفة"، ليعود ويكشف أمام مجموعة صحافيين في الباحة الخارجية للبيت الأبيض أنه "لم يقرأها"، في وقت يؤكد فيه محاميه رودي جولياني، أن كيم "ركع متوسلاً" لعقد اللقاء!

إذاً، يسعى ترامب وكيم، كلاهما، إلى الفوز بشرعنة معينة، من خلال القمة المرتقبة، شرعية دولية من جهة للزعيم الكوري الشمالي، وشرعية سياسية لترامب، الذي لا يزال وجوده في البيت الأبيض يُرسم على أساس أنه "واحدٌ ضد الجميع"، بمن فيهم حتى جزء من حزبه الجمهوري، وذلك بعدما أثارت قراراته الداخلية والخارجية حروباً مفتوحة في وجوه الجميع.

وفي انتظار شيطان التفاصيل في عملية التفاوض، التي من المفترض أن يكون مساعدو كل من كيم وترامب قد وضعوا نقاطها الأساسية وبنودها، لإنجاح القمة والخروج بمسودة اتفاق، تتجه الأنظار إلى الدقائق الأولى من اللقاء بين الرجلين، والتي ستفضي إلى المصافحة التاريخية.

وبالاستناد تحديداً إلى فناني الكاريكاتير، فقد وضعت ملامح تقريبية للكلمات الأولى التي سيتفوه بها ترامب وكيم خلال لقائهما المرتقب، على أن تسبقها جلسة لترامب مع ذاته، لمراجعة كتابه "trump the art of a deal"، الصادر في العام 1987، والذي كرّس اسم الرئيس الأميركي كعلامة فارقة في عالم الصفقات، ومن الناحية الكورية الشمالية، لوحة لكيم وهو يحفظ أيضاً عن ظهر قلب كتاب ترامب، لـ"معرفة عدوه"، ويتحضر لإطلاق صاروخ نووي على الولايات المتحدة، في حال فشل المفاوضات، متهكماً بالقول "ترامب على حق: أميركا أولاً".  وخلال اللقاء، ستكون الكلمة الأولى للرئيس الأميركي، الذي سيطالب "رجل الصاروخ الصغير"، كما أطلق هو نفسه على كيم، بـ"عدم العبث بإمكانية حصوله على جائزة نوبل للسلام"، على أن تكون الكلمة الثانية لكيم، مطالباً نظيره الأميركي "العجوز المجنون" بمقارنة "الزّرين النووين" لكلا البلدين، أو "لعب مصارعة الكباش"، قبل "انضمام الرئيس الكوري الجنوبي" مون جاي إن، إلى القمة، كما سرّب بعض الإعلام.

وبحسب "الكاريكاتير" العالمي، فسيهدد ترامب نظيره الكوري الشمالي، في حال لم يمتثل لمطلب نزع سلاح بلاده النووي، بمزيد من "التغريدات" (be prepared to more tweets)، على أن يردّ كيم بأن "النار والغضب (اسم لكتاب حول ترامب) لا ينفع مع كوريا الشمالية".

واهتم فنانو الكاريكاتير بتفاصيل قصتي الشعر لترامب وكيم، على أن يتبادلاها خلال اللقاء، وكذلك الملابس، مع تبادل البذلة الكاكية للزعيم الكوري الشمالي، وربطة العنق الحمراء التي يشتهر بها ترامب.

ويغلب غصن الزيتون في يد، والصاروخ النووي في يد أخرى، على الصورة النمطية الطاغية لتصور شكل اللقاء، على أن يكون ظل جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، حاضراً بقوة خلال اللقاء، مع تمنيات ترامب لنظيره الكوري الشمالي برؤيته "ليس كرجل صاروخ صغير"، بل كـ"مستثمر في مبنى 666 5th avenue"، في مانهاتن.

وأخيراً، لا يسعى الساخرون من إمكانية نجاح القمة، سوى إلى التندر على لقاء الزعيمين، بتصوير خلاف بينهما، بعد الهروب من ضغط التفاوض، بشأن اقتراحات كليهما حول ما يمكن مشاهدته في فندق كابيلا الفاخر في سنغافورة: "فوكس نيوز".. أم رسوم "السنجاب والقنفذ" الكورية الشمالية الشهيرة، والتي تصور الولايات المتحدة للأطفال في هذا البلد كألد الأعداء، مع "جواسيسها" الكوريين الجنوبيين"!!

ذات صلة

الصورة
دونالد ترامب ومحمود عباس بالبيت الأبيض في واشنطن 3 مايو 2017 (Getty)

سياسة

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيعمل على إنهاء الحرب وأبدى استعداده للعمل من أجل السلام
الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
الصورة
هاريس تتحدث أمام تجمع النتخابي في واشنطن / 29 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

حذرت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في خطاب أمام تجمع انتخابي حضره أكثر من 70 ألفاً في واشنطن من مخاطر فترة رئاسية ثانية لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب.
الصورة
بانون وترامب في البيت الأبيض، 31 يناير 2017 (تشيب سوموديفيا/Getty)

سياسة

يستعين المرشح الجمهوري للرئاسيات الأميركية دونالد ترامب بفريق من المساعدين، من شديدي الولاء له، فضلاً عن اعتماده على آخرين رغم خروجهم من الدائرة الضيقة.