كيف تغير استهلاك القطريين بعد 5 أشهر من الحصار؟

06 نوفمبر 2017
BA8D5B10-B043-4AA4-A5E7-84D21C93F8BA
+ الخط -
كان سكان قطر حتى يوم 4 يونيو/ حزيران الماضي، يذهبون إلى المتاجر ليشتروا سلعاً غذائية من ألبان وعصائر وخضروات ولحوم معظمها جاء من دول خليجية مثل السعودية والإمارات.
وفي اليوم التالي، فوجئ السكان بإعلان الحصار من هاتين الدولتين، إضافة إلى البحرين ومصر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية لها مع الدوحة، فغيّر القطريون أنماط استهلاكهم بشكل تلقائي بعد أن تعودوا لسنوات عديدة على المنتجات التي تأتي عبر الجيران.

وتوجه سكان قطر إلى منتجات جديدة، الكثير منها صناعة محلية، بعضها كان موجوداً قبل الحصار، لكن لم ينتبهوا لها إلا بعد إغلاق المحاصرين الأبواب في وجوههم.
وخلال 5 أشهر فقط هي عمر الحصار، شهدت قطر تحولاً كبيراً من الاستيراد إلى السعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الضرورية وتعزيز أمنها الغذائي، فالإجراءات التي اتخذتها 4 دول عربية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) دفعت الحكومة القطرية إلى ضخ استثمارات كبيرة في المجال الزراعي، فلم تعد اهتمامات الحكومة تركز على حقول الغاز والنفط في قلب الصحراء الساحرة فقط، بل أحاطتها بالمزارع الخضراء ومشروعات الثروة الحيوانية والألبان.

وحسب تقارير رسمية، اتجهت قطر لتفعيل عمل المزارع التي يبلغ عددها نحو 1400 مزرعة حالياً، كما تستهدف الحكومة الوصول بها إلى نحو 3 آلاف مزرعة خلال السنوات المقبلة، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من العديد من السلع الزراعية من خضروات وفواكه بحلول العام 2030، وفقاً لخطط الدولة الاقتصادية.
وبدأت السلع المنتجة محلياً من خضروات وفواكه طازجة وألبان ولحوم وغيرها تجد طريقها إلى مآدب سكان قطر البالغ عددهم نحو 2.7 مليون نسمة ليستبدلوها بسلع دول الحصار.

وكانت الفجوة التي سببها الحصار كبيرة، حيث إن حجم الواردات الغذائية القطرية من دول الخليج كان كبيراً، وحسب بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، بلغ إجمالي الواردات القطرية من دول مجلس التعاون خلال العام الماضي 18.8 مليار ريال (الدولار = 3.65 ريالات)، وهو ما يشكل 16.1% من إجمالي الواردات القطرية البالغة 116.7 مليار ريال.
وتشير البيانات إلى أن واردات قطر من دول مجلس التعاون من المواد الغذائية والحيوانات الحية تبلغ 2.9 مليار ريال من إجمالي 10.3 مليارات ريال قيمة واردات قطر الغذائية خلال العام الماضي.

وتشير البيانات التفصيلية لواردات قطر الغذائية إلى أن الجانب الأكبر من واردات قطر من دول مجلس التعاون هي عبارة عن منتجات الألبان والبيض بقيمة 944 مليون ريال.
ولسد الفجوة التي سببها الحصار، سارعت قطر نحو الاستثمار في الزراعة والصناعات الغذائية.
وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة الزراعة بغرفة قطر محمد بن أحمد العبيدلي، لـ"العربي الجديد"، إن الدولة نجحت خلال 5 أشهر من الحصار في حماية الأمن الغذائي عبر مرحلتين، الأولى إسعافية، اعتمدت على الاستيراد من دول أخرى، مثل تركيا والكويت وسلطنة عمان، بهدف تنويع الأسواق وتوفير السلع بأفضل الأسعار وبجودة عالية.

وأشار العبيدلي إلى أن المرحلة الثانية تمثلت في تشجيع الإنتاج المحلي وضخ استثمارات ضخمة نحو المجال الزراعي والصناعات الغذائية المحلية.
وأضاف أن الغرفة شكّلت لجاناً لمتابعة أوضاع المزارع المحلية والعمل على تذليل العقبات أمامها، مشيراً إلى أن الدولة قدمت تسهيلات كبيرة للمستثمرين الزراعيين.
ولفت إلى أن المزارع اتجهت إلى زيادة أعداد البيوت المحمية (الصوب الزراعية)، بهدف توفير الخضروات الطازجة وزيادة الاكتفاء الذاتي منها محلياً، مشيراً إلى أن المزارع وفّرت المنتج الأولي للمصانع التي ضاعفت إنتاجها خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.

وأوضح العبيدلي أن قطر استثمرت في العديد من المزارع بدول أخرى، ما ساهم في زيادة المنتجات الغذائية المصنّعة محلياً.
وتمتلك شركة "حصاد" (مملوكة من جهاز قطر للاستثمار)، 13 منطقة بأستراليا تمتد على مساحة 250 ألف هكتار، وتقوم حالياً من خلال الشركات التابعة لها بإنتاج 250 ألف رأس من الأغنام و179 ألف طن من الحبوب، بالإضافة إلى 8 آلاف طن من الأعلاف الخضراء. وهي المورد الرئيسي للحوم الأسترالية للسوق القطري عن طريق شركة ودام.

وتنتج شركة "حصاد" الغذائية (المملوكة لجهاز قطر للاستثمار)، ما يقارب 50% من المنتجات الزراعية الوطنية، ما يمثل 7% من احتياجات الدولة.
وتسعى قطر إلى زيادة نسب الاكتفاء الذاتي في مختلف السلع الضرورية، ومنها الألبان، عبر خطة لاستيراد 35% من احتياجات البلاد من الحليب في البداية، ثم سيصل الاكتفاء خلال فترة وجيزة إلى 100%، حسب الخطط الحكومية.

وبالنسبة للخضروات، تشير تقارير غير رسمية إلى أن نسبة الاكتفاء الذاتي ارتفعت من 6.6% قبل الحصار إلى نحو 15%.
وفي هذا السياق، أكد وزير البلدية والبيئة القطري، محمد بن عبدالله الرميحي، في تصريحات صحافية عقب الحصار، أن بلاده تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي بشكل كامل خلال 5 سنوات. وبالنسبة للحوم والأسماك، يوفر الإنتاج المحلي نحو 50% من الاحتياجات، حسب خبراء اقتصاد.
وفي سلطنة عُمان، أسست "حصاد" شركة في مجال الدواجن بطاقة إنتاجية تتجاوز 22 ألف طن سنوياً.
وفي باكستان، أسست قطر شركة متخصصة في إنتاج الأرز عالي الجودة، بطاقة إنتاجية تصل لـ 10 آلاف طن متري سنوياً. كما يوجد في السودان 60 مشروعاً قطرياً في مختلف القطاعات، أبرزها الزراعية.

ولم تكتف قطر بالاتجاه نحو الاكتفاء الذاتي محلياً من السلع الغذائية، بل صدّرت أول شحنات إلى الخارج.
وأعلنت شركة حصاد الغذائية، الشهر الماضي، عن بدء تصديرها للمواد الغذائية من قطر لأول مرة، على الرغم من الحصار المفروض على الدوحة.

وقال رجل الأعمال القطري، عبد العزيز العمادي، لـ"العربي الجديد"، إن عمليات التصدير للسلع الغذائية المصنعة محلياً ستتزايد الفترة المقبلة، بعد أن شهدت العديد من المنتجات زيادة في الإنتاج المحلي وبالتالي ستشهد فائضاً في المرحلة المقبلة، ما سيدفع المستثمرين إلى توسيع شبكة التوزيع والترويج لتشمل دولاً أخرى.
وأوضح العمادي أن المستهلك القطري غيّر من أنماطه الغذائية التقليدية التي كانت تعتمد على سلع من السعودية والإمارات بعد أن وجد بدائل محلية ومن دول أخرى بجودة أفضل وبأسعار منافسة.

وأكد العمادي أن أسعار السلع بدأت تتوازن خلال الفترة الأخيرة بعد أن كانت مرتفعة في الأيام الأولى من الحصار، بسبب نجاح قطر في توفير بدائل سريعة لتلبية الطلب المحلي.



ذات صلة

الصورة
الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني/ قطر

سياسة

قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في مقابلة مع "لوموند"، إن دولة قطر ثابتة على موقفها بالانفتاح للحوار وإيجاد حل طويل الأمد للأزمة الخليجية غير المنطقية، ما دام لا ينتهك سيادة قطر ولا ينتهك القانون الدولي.
الصورة
سياسة/لجنة حقوق الإنسان القطرية/(كريم جعفر/فرانس برس)

سياسة

أصدرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية، كتيباً بشأن "3 أعوام على حصار قطر"، أشارت فيه إلى الإجراءات والتدابير أحادية الجانب التي اتخذتها دول الحصار ضد قطر ومواطنيها والمقيمين فيها، عندما قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها في الخامس من يونيو/ حزيران 2017.
الصورة
لولو الخاطر

أخبار

نفت قطر، الخميس، أيّ نيّة لديها لمغادرة مجلس التعاون الخليجي بعد سريان شائعات في هذا الصدد مع اقتراب الذكرى الثالثة لبدء الحصار المفروض من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في يونيو/ حزيران 2017 على الدوحة.
الصورة
أسواق السودان (أشرف شاذلي/ فرانس برس)

اقتصاد

ارتفع معدل التضخم في السودان إلى نحو 99 بالمائة في نيسان/إبريل مقابل 82 بالمائة في الشهر السابق، بسبب استمرار ارتفاع أسعار الغذاء، بحسب بيان للجهاز المركزي للإحصاء.
المساهمون