قطر: النفط يصنع المطر أيضاً

07 سبتمبر 2015
ارتفاع معدلات المطر بفعل تلقيح السحاب(Getty)
+ الخط -
تلجأ السلطات القطرية إلى استخدام جزء من مواردها المالية في تنفيذ عمليات الاستمطار الصناعي في بعض المناطق، حرصاً منها على ري المزروعات وتسهيل الحركة أمام الطائرات.
يقول الخبير الاقتصادي يوسف المري إن الطقس الحار الذي يسيطر على الدولة لفترة 7 إلى 8 أشهر سنوياً يجبر السلطات على اعتماد تقنيات حديثة من أجل جلب المياه، عبر الاعتماد على بعض المنتجات النفطية في الاستمطار الصناعي، مشيراً إلى أن الاستمطار الصناعي والذي تجري الجهات المسؤولة تجارب عليه، سيدخل الخدمة فعلياً بحلول العام 2020، مبيّناً أنه سيساهم في زيادة معدلات الأمطار بنحو 25% في المناطق كافة، بالإضافة إلى زيادة حجم المياه الجوفية المخزّنة إلى نحو 10 ملايين متر مكعب سنوياً.

يوضح المري لـ"العربي الجديد"، أن القدرات المالية الكبيرة التي تملكها الدولة تساعدها على اعتماد أفضل التقنيات للتعاقد مع الشركات العالمية للاستمطار الصناعي، لافتاً إلى رصد نحو 10 مليارات ريال، بهدف إقامة محطات صناعية خاصة بالعملية في أنحاء الدولة كافة، خصوصاً في المنطقة الشمالية منها، منوّهاً بأن من شأن اعتماد الاستمطار الصناعي زيادة حجم الإنتاج الزراعي بنحو 15% سنوياً، كما يساعد على رفع ترتيب قطر في مؤشر التنافسية العالمية، وزيادة الإقبال السياحي عليها، خصوصاً خلال أشهر الصيف التي تشهد ارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات مرتفعة.

ارتفاع العائدات المالية
من ناحيته، يذكر الخبير النفطي الدكتور عبد العزيز الدليمي، أن الإنتاج النفطي الكبير في قطر والإيرادات المالية الضخمة التي تحصّلها، تساعدها على تنفيذ عمليات الاستمطار الصناعي، مبيناً أن الهدف الرئيسي من الاعتماد عليه يأتي ضمن استراتيجية قطر 2035، والتي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل القطاعات، وتوفير متطلبات السكان من المياه وري المزروعات وغيرها.
ويضيف أن "الاستمطار الصناعي في قطر، وغيرها من الدول، يقوم على استخدام بعض المنتجات النفطية وبعض الغازات مثل البروبان وثاني أوكسيد الكربون وغيرها، من أجل تفجير بعض الغيوم والمساعدة على خفض درجات الحرارة خلال الأشهر التي تمتد بين أبريل/ نيسان وأكتوبر/ تشرين الأول من كل عام".
ويفيد الدليمي بأن الجهات المسؤولة في الطيران المدني القطري تلجأ إلى اعتماد الاستمطار الصناعي، من أجل تحسين الرؤية وتفجير الغيوم المجمّعة فوق سماء الدوحة، بهدف منع الحوادث والحفاظ على أعلى المعدلات في الالتزام بأوقات الرحلات على المستوى العالمي.
ويلفت إلى أن السلطات القطرية لجأت إلى تقديم خطة للاستمطار الصناعي ضمن ملفها الذي خولها الفوز بحق تنظيم بطولة كأس العالم في العام 2022، بهدف تبديد المخاوف من درجات الحرارة العالية، مبيناً أنها رصدت مبالغ طائلة لإعداد الدراسات حول أكثر الأماكن ملاءمة لتنفيذ هذه التقنية، ودراسة النتائج المترتبة عليها على كل الصعد.
ويضيف الدليمي أن "السلطات القطرية بدأت تعد العدة من أجل شراء بعض المنتجات من المصانع النفطية الموجودة في الدولة"، مشيراً إلى أن "شركات البتروكيماويات ستتولى مسؤولية تزويدها بالمواد المطلوبة، خصوصاً أن قطر تعد من أغنى الدول النفطية ولديها أكبر حقول الغاز على مستوى العالم"، مشيراً إلى أن الاستمطار الصناعي من شأنه أيضاً زيادة الأرباح في القطاع النفطي، إذ إنه سيكون مسؤولاً عن توفير متطلبات العملية بأكملها، مرجحاً أن تبدأ التجربة في بداية العام 2020، وأن يبدأ إنشاء المصانع في كل مناطق الدولة خلال العام 2017، ومبيناً أن 10 مصانع ستتولى العمل على تفجير الغيوم وتنفيذ الاستمطار الصناعي في المناطق كافة، خصوصاً في المناطق الشمالية منها والقريبة من المزارع بغية ري المزروعات.

زيادة معدلات النمو
من جهة أخرى، تلجأ السلطات القطرية والجهات المعنية في الهيئة العامة للبيئة إلى دراسة عروض بعض الشركات العالمية بغية التعاقد معها وإدارة عمليات الاستمطار الصناعي. وحسب الخبير الاقتصادي والصناعي إسماعيل آل شافي، فإن الشركات العالمية ستساعد الدوحة على تنفيذ عمليات الاستمطار الصناعي في الفترة المقبلة، مبيناً أن شركات أميركية وأوروبية وآسيوية وأسترالية تتسابق للفوز بكعكة من العقود المنوي توقيعها خلال الأشهر المقبلة.
ويوضح أن القطاع الصناعي سيستفيد من حيث زيادة عدد المصانع الموجودة في الدولة، وزيادة الاستثمارات فيها، لافتاً إلى أن البدء بالمشروع وإظهار نتائجه سيؤدي إلى تشجيع رجال الأعمال على الدخول فيه وضخ أموالهم فيه.
إلى ذلك، يشير آل شافي إلى أن الاستمطار الصناعي سيسهم في زيادة المياه الجوفية بنحو 40%، وسيؤدي أيضاً إلى توفير آلاف فرص العمل في الدولة، مرجحاً أن تزيد أرباح القطاع الصناعي بنحو 12% خلال السنة الأولى من البدء بالمشروع، وهي من أعلى النسب تقريباً منذ انتهاء الأزمة المالية العالمية.
ويلفت آل شافي إلى أن الاعتماد في الفترة الأولى سيكون على الشركات العالمية لتشغيل الاستمطار الصناعي، متوقّعاً أن يتم توقيع العقود معها لمدة تراوح بين 5 و8 سنوات، مشيراً إلى أن الشروط تشمل شريكاً قطرياً للقبول بعمل الشركات الأجنبية في السوق القطرية.
ويختم بالقول إن القطاع الخاص سيسهم في مرحلة لاحقة بتمويل إنشاء المصانع في كل أنحاء الدولة، خصوصاً إذا أثبتت التجارب نجاحها، وأدت إلى تحقيق النتائج المرجوّة، وهي زيادة معدلات الأمطار والإنتاج والمبيعات في القطاعات الزراعية والصناعية والنفطية وتسهيل حركة الطيران وإنجاح تجربة تقليص درجات الحرارة خلال بطولة كأس العالم في العام 2022.
دلالات
المساهمون