قضية فاطمة حمزة

11 نوفمبر 2016
فاطمة حمزة خارج السجن الآن (العربي الجديد)
+ الخط -
أعادت قضية فاطمة حمزة مسألة الحضانة (عرّابة قوانين الأحوال الشخصية في لبنان) إلى الواجهة الأسبوع الفائت. يوجد في لبنان 18 طائفة رسمية، لدى 15 منها قوانين ناظمة للأحوال الشخصية في لبنان. يعني ذلك أنه في مسألة الحضانة، كغيرها من مسائل الزواج والطلاق وما بينهما، تنقسم النساء في لبنان بين 15 قانوناً، لكل منه مواده ونصوصه التي تختلف وربما تتناقض بين بعضها بعضاً.

وتجدر الإشارة إلى أن النساء في لبنان هنّ بالغالب من يدفعن ثمن فشل الزواج. وهذا الأمر يترجم بصورة أساسية بموضوع الحضانة الذي يتحوّل بعد الطلاق ليصبح لـ"معاقبة" النساء. وعمر الحضانة يختلف باختلاف الطوائف، وإن كان الأسوأ على الإطلاق لدى كل من الشيعة والكاثوليك، حيث يبلغ للذكور سنتين و7 للإناث. ولعل اختلاف سن الحضانة بين الصبيان والبنات إنما هو أيضاً، يعبق بالذكورية والأبوية، حيث أن "تصليب" عود الصبي يعني أن يُنتزع من والدته وأن يعيش مع والده أو جدته لوالده كونه سيحمل اسم العائلة.

هذه البانوراما التمييزية وحدها كافية لأن تدفع النساء باتجاه اختيار عقد الزواج مدنياً والدفع باتجاه إقرار قانون مدني للأحوال الشخصية.

ساعدت فاطمة الرأي العام بوضع اسم ووجه وإطار لمعاناة مئات النساء التي تصدر تقارير عن حقوقهن بالحضانة بالأرقام والنسب. وعاد مع قضية فاطمة بعض الملاحظات التي نخرج منها بخلاصة أو عدة خلاصات في سياق العمل على تعديل قانون الأحوال الشخصية:

- حاول الزوج لعب جميع الأوراق التي في صالحه، لا سيما الورقة القانونية للأحوال الشخصية والحضانة، وورقة الذكورية حين لجأ إلى "حمى الطائفة" ليعاقب زوجته كونها "تجرأت" ورفعت دعوى (لدى نفس الطائفة) ضده، وورقة الأبوية حين تدخل القضاء المدني (النيابة العامة) ليحمي الطائفة بدوره ويقبض على فاطمة ويسجنها.

- استخدم الطفل في قضية فاطمة (من الأب تحديداً) كورقة ضغط ليتحوّل إلى أداة أو وسيلة للإساءة، رامياً بعرض الحائط مصلحة الطفل الفضلى (كون الحضانة حقاً للمضمون).

- أدخلت فاطمة إلى السجن بـ"واسطة" تحت إملاءات الذكورية وأخرجت منه بـ"واسطة" تحت ضغط الإعلام والرأي العام. بات يمكننا في سياق العمل على تعديل القانون استخدام نفس تلك "الواسطة" التي أخرجت فاطمة من السجن، حيث بات لدينا سابقة (منح فاطمة حقها بالحضانة). مهما كانت الغاية الأبعد للتدخل السياسي لإخراج فاطمة من السجن، إلا أنها شكّلت انتصاراً أولياً للنساء في هذه الطائفة. علّ "الإصلاح" من داخل الطوائف أن يكون بداية عمل على قانون مدني وموحّد بين الطوائف للأحوال الشخصية.

دلالات
المساهمون